الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمر الشفاه

سعدون محسن ضمد

2008 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كنت أتمنى أن أكتب عن الاتفاق الثلاثي بين الحزبين الكرديين والحزب الإسلامي، خاصَّة وأن المراقبين انقسموا بين رأيين، الأول يعدّ الاتفاق خطوة باتجاه إعادة الحزب إلى الحكومة، لكن بطريقة لا تخدش حياء من يريد أن يعارضها من دون أن يفقد امتيازات كراسيها الوثيرة. والرأي الثاني يعتبر أن الحزب لا يزال على نفس موقعه من المعارضة، بل هو سائر باتجاه التصعيد من خلال سعيه لاستثمار فتور العلاقة بين الاكراد والشيعة. هذا الفتور الناشئ عن معارضة الإئتلاف للعقود التي أبرمها الاقليم مع الشركات النفطية وأيضاً موقفه الغائم من مسألة كركوك.
إذن الاتفاق محيّر ونـحن مضطرون لانتظار الأحداث التي يمكن لها أن تكشف حقيقة كونه مصالحة مع الحكومة أم ليّ لذراع الأغلبية فيها.
كنت أتمنى أن أكتب عن هذا الموضوع، لكن حدث الأمر الجلل واغتيلت بناظير بوتو.
المفاجأة كانت يوم استقبلني أبي بعينين عراقيتين أرهقتهما المصائب وهو يسألني:
ـ (بوية كتلوا بوتو)؟
ـ (إيه بويه انكتلت).
أجبته وأنا أتصنع اللامبالاة في محاولة لبعثرة أحزانه التي أربكتني، بل أخجلتني، فلماذا يحزن مثل والدي الذي تجاوز الثمانين على سياسية باكستانية؟ أعتقد بأن الجواب واضح، فأبي الشيخ ربما لا يعرف برويز مشرف، ولا يهتم بحامد كرزاي، وأنا أشك إن كان يردد مع أصدقائه الشَيَبَة أحاديث طويلة عن (بطولات) نجاد. لكن مع بناظير الأمر مختلف. فهاهنا سحر المرأة ونثار رائحة الأنوثة الجبارة. ها هنا عشتار التي يُفرد لها تاريخ الأساطير السومرية مجلدا لها وحدها، وللآلهة الذكور كلهم، بجبروتهم وعضمتهم ونزقهم الفحولي مجلد واحد. ها هنا فينوس وكليوباترا. وزليخا وأنديرا غاندي ووو..
ألا تكون الخسارة فادحة لدرجة مرعبة عندما تُفَجّر النار بأنوثة السياسة في شرقنا الذكوري؟ أليست بناضير هي السياسية الوحيدة في الشرق الأوسط؟ فلماذا تقتل بهذا الشكل؟
هناك كم هائل من الذكور الطنّانين في غفير نـحلنا الهائل. جمع هائل من الدبابير العاطلة إلا عن الكلام الفارغ. لماذا لم يقتل بدلاً عنها اثنان أو عشرة أو مئة من هؤلاء؟ لماذا الأنثى الوحيدة بالذات. قد لا تخرج بوتو عن النمط الذكوري المألوف في السياسة. لكن كنا بحاجة لشالٍ أنثوي يلاعبه الهواء من على منصة الخطابات. ولا نزال بحاجة لمشهد يتجمهر فيه حشد هائل من الذكور حول الفكر الأنثوي أو الخيار الأنثوي أو القيادة الأنثوية. وليس فقط حول الجسد الأنثوي.
لم أكن أعرف السبب الذي كان يدفعني صغيراً، لمتابعة أخبار أنديرا غاندي، فمع أنني أكره أن أُحرم من متعة مشاهدة أفلام الكارتون، إلا أن النقطة الحمراء على جبين انديرا وأنوثتها (الهندية) تمنحان المشهد السياسي غنجاً يفتقر إليه، كل ذلك كان يدفعني للانسجام مع جفاف الأخبار؟ يوم سماعي لنبأ اغتيال بناظير بوتو حزنت؛ لأن سياسة الشرق الأوسط فقدت شالها وعطرها وأحمر شفاهها. ثم خجلت لأن سياستنا في العراق ذكورية لهذه الدرجة، فنائباتنا في البرلمان ومع كثرة أعدادهن فشلن في أن يمنحنه أنوثة كالتي منحتها بناظير وحدها، للسياسة الباكستانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية