الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاكراد وايران وبقية اذرع الصراع

هشام محمد علي

2008 / 1 / 9
القضية الكردية


بعد زيارة نيجيرفان البارزاني الأخيرة الى النجف، والتي سبقتها زيارة غير موفقة لبغداد لحل القضايا العالقة مع الحكومة المركزية، ظهرت حقيقة الأزمة في العلاقات الإيرانية الكردية حينما لم يحصل بارزاني على شيءٍ من السيد السيستاني الذي تمنى له ولحكومته الخير فقط، وهذا هو السبب الأدق وراء إنفعال السيد الطالباني وإعلانه إلغاء اتفاقية الجزائر التي اعتبرت نقطة خط قعر شط العرب هي الحدود بين الدولتين، وجاء الاتفاق لإخماد الصراع المسلح بين الكرد المدعومون حينها من قبل شاه ايران والحكومة العراقية، ولكنه استلحق فصرح ان تَصريحه فُهِم بشكلٍ خاطيء، والأدق انه علم ان لاقوة له على الغائها بالفعل في المرحلة الحالية وإن كانت مطلباً عربياً سنياً ايضاً.

الشيعة العراقيون الذين كان فيهم السيد الجعفري فقط يرفض بدبلوماسيةٍ علانية مطالب الكرد، اصبحوا جميعهم كذلك الأن، وهذا الموقف برز بوضوح اكثر بعد الزيارات الإيرانية الأخيرة إلى تركيا بخصوص ملف حزب العمال الكردستاني والتي رافقتها زيارات امريكية اثمرت بتزويد واشنطن بمعلوماتٍ إستخبارية لتركيا حول اماكن تخزين سلاح حزب العمال، والتي اصاب منها الأتراك مئات الأهداف.
يبدو ان الإجتماعات الإيرانية التركية خرجت بمطالب تركية بأن توعز إيران للأحزاب الشيعية العراقية بوقف دعم الكرد وخاصة فيما يتعلق بتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي والذي ينص على إجراء إستفتاء حول مصير مدينة كركوك الأغنى بالنفط، هذا الإتفاق لم يكن على حساب الأمريكيين قطعاً، فهم حصلوا على وقف دعم إيران للمسلحين الشيعى، وهو الوقف الذي كان وراء التحسن الأمني الملحوظ في العراق، وهو مايهم الإدارة الأمريكية وليس دفع كركوك الدافئة إلى أحضان كوردستان.

الأتراك وبحكم موقعهم الجيوبولوتيكي الأن يمسكون بالعصا من الوسط ويلعبون بذكاء حاد يدعو إلى استبعاد قبول امريكا لمطالب الكرد دون امتلاكهم أوراق ضغط فعالة ومساومات يستطيعون من خلالها ضم كركوك لأقليم كوردستان، فأمريكا لاتُهدي شيئاً لأحد لأنها تُحِبُه فقط، خاصة وان من مصلحتها ان تكون كركوك اقليماً مستقلاً لتكون بالنسبة لها ورقة ضغط ليس على الكرد فقط بل على الجميع وبشكل متساوي تقوم بمساومتهم عن طريق المد مرةً والجزر اخرى فتحصل على ماتريد دون ان يطال نفط كركوك من لا يُعمد امريكياً. فتأجيل تطبيق المادة 140 كان واضحاً بسبب عدم التحضير الذي يتطلبه مسبقاً تطبيق مثل هذه المواد، فالسفير الأمريكي في العراق السيد ريان كروكر هو اول من نوه إلى ان الإستفتاء المتوقع إجراءوه في كركوك لتحديد مصيرها قد يؤجل، ولا اعتقد انه التأجيل الأول والأخير كما أقر برلمان كوردستان، وكما يتحدث الساسة الكرد.

خفيٌ مايجول في كواليس العلاقات الأمريكية والشُعب العراقية، إلا ان المتابع لتعامل الأمريكان مع المتغيرات التي تجري داخل العراق، وكيف انها تتلون بالون الذي يناسب المرحلة التي تمر بها، ابتداءً من معركتهم الأولى حين بداءت ضد اسلحة الدمار الشامل، فتحولت بشكلٍ مفاجئٍ إلى نشر الديمقراطية، ثم اعادة النظر في الأمور من منطلق الربح والخسارة فحولوا نضالهم بعد عنف ما لاقوا بعد نيسان 2003 إلى محاربة الإرهاب الذي تحول إلى إستقرار العراق بعد ارتفاع مستوى خسائرهم.

كانت اولى سوء العلاقات الشيعية الكردية الظاهرة للعيان بظهور قانون النفط العراقي وقيام اقليم كوردستان بتوقيع عدد من العقود التي لم يوافق عليها الشيعى ماادى الى ظهور بعض رأس جليد الخلاف من خلال سجال بين وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني ورئيس حكومة الأقليم حول عقود نفط كانت قد ابرمتها حكومة الأقليم مع عدد من الشركات الأجنبية، وهي كانت مرفوضة من الجانب الشيعي الذي خول الشهرستاني دخول المعركة الإعلامية ضد توقيع هذه العقود.
على هذا الأساس فأمركيا وإنطلاقاً من المنطق تجيب الأكراد بعدم دعمها لهم بسبب عدم دعم شركائهم الإستراتيجيين في تحرير العراق ومحاربة حزب البعث والإرهاب والخ من مشتركات وهي لاتدعمهم في قضيتهم فكيف لها ان تدعم قضية تعمل على ان تكون كما هي دون حلول.
رفض السيد مسعود البارزاني للقاء السيدة كوندليزا رايس في زيارتها الأخيرة هو خير دليل على قناعة الأكراد بعدم جدوى السياسة الأمريكية في دعم مطالبهم، رغم ان الإعلام اراد إعادة السبب إلى إعطاء الضوء الأخضر لتركيا من قبل امريكا لقصف العمال الكوردستاني، والحقيقة ان ذلك هو العذر الدبلوماسي الذي يعمل الطرفين على ان يظهر كالسبب، وإذا ماكانت الحكومة المركزية قوية عسكرياً وسياسياً لكان بإستطاعت التارخ إعادة نفسه بكل بساطة ولذهبت المكاسب "التاريخية" ادراج الرياح، وقد تكون المسألة مسألة وقت ليس إلا وحقيقة حجم الخلاف سينجلي بوضوح اكبر في حال إنسحاب القوات الأمريكية من العراق.

يبدو ان الساسة الكرد اصبحوا يمتهينون السياسة على وجهٍ حسن في التعامل مع متغيرات الاحداث من ناحيتيها الإستراتجية والتكتيكية، فبعد التحولات الشيعية العراقية الإيرانية عنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل تحولوا إلى تشكيلٍ تحالفٍ جديدٍ تحت مسمى مذكرة تفاهم، وإن كان هذا التحالف تكتيكياً اكثر منه إستراتيجي وقصير المدى وليس العكس كما طرحته وسائل الإعلام، لكنه التحالف المناسب مع الشريك وفي الزمان المناسبين.

على الحزبين الكرديين الرئيسيين ان يدركوا ان مصلحتهم ومصلحة الشعب الكردي الإستراتيجية تكمن في ديمقراطية حقيقية في الأقليم الذي يحكمون، لتكون الجماهير الخلفية التي يستندون عليها حين يرحل الأمريكيون فتضغط ايران على مواليها من شيعة العراق بدعمٍ تركي، وضغطٍ سنيٍ داخلي على السنى المتحالفين معهم في سبيل التخلي عن تحالفهم مقابل لملة البيت السني، خاصة وان غير المتحالفين من السنى من جبهة الحوار الوطنية والديمقراطيين والعلمانيين هم اقرب إلى الكرد من ناحية الطرح السياسي من الحزب الإسلامي الذي رديفه الكردي يُحارب من قبلهم في كوردستان بوسائل شتى. حينها فقط سيعرف الحزبين معنى ان تكون الجماهير قاعدتهم وليست الشركات التجارية والصراعات الداخلية.

التحالف الثلاثي الجديد بين الحزبين الكرديين الرئيسين والحزب الإسلامي، ينبئ برغبة تغير الكرد استراتيجيتهم داخل العراق وهذا يؤشر على قدرتهم في ان يكونوا اكثر مرونةً في التعامل مع المتغيرات وإعتمادهم فكرة ان لا ثوابت دائمة بل مصالح دائمة، وقد تشهد المرحلة القادمة تحالفات كردية سنية على نحوٍ اوسع مما هو الأن ومن مصلحة الطرفين التوجه نحو تشكيل مثل هذه التحالفات وهي ستكون مستقرة اكثر إذ ان تعامل السنى مع الدول الأقليمة التي تشترك واياها في المذهب والعرق اكثر إستقلاليةً من تعامل الشيعى مع ايران بذلك سيتجبون التقلابات السياسية الأقليمة وتأثيراتها على وضعهم الداخلي اكثر من السابق.

يعرف ماوتسي تونغ السياسة فيقول انها حربٌ دون إراقة دماء، والحرب سياسةٌ دموية. وعلى الكرد البحث عن البدائل المتاحة ودراسة غير المتاحة منها في التعامل مع العهد الجديد من حروب التكتلات والتحالفات التي ستشهد تغييراً على الساحة السياسية العراقية قبل الإنتخابات القادمة وبعض هذه التحالفات قد دخل حيز النقاش، وان يُراعوا البعد الأقليمي في الشؤون العراقية الداخلية وان يعملوا من خلال الحزب الإسلامي على خلق علاقات جديدة من نوعٍ جديد مع الدول العربية المناهضة للتدخل الإيراني في العراق، كالسعودية والإمارات العربية المتحدة صاحبة الخلافات الحدويدية مع ايران، والكويت، جميع هذه الدول تدعم وقف المد الشيعي لإيران، وهي تتسلح امريكياً لاجل الدفاع عن امنها (من خطر ايراني طبعا) ولاننسى وجود من يخطط في امريكا لأجل حرب خليج رابعة وقد تكون بتحالفات عربية هذه المرة وبإعتراضات دولية بمنحاً غير الذي رافق الخليج الثالثة، والعراق بعمومه والكرد والسنى بشكلٍ خاص سيكونون اوائل المستفيدين من مثل هذا الحرب الذي يبقى في النهاية سياسةً دموية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين


.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا




.. شبكات| هل تصبح فلسطين عضوا في الأمم المتحدة بعد التصويت السا


.. -أين المفر؟-.. تفاقم معاناة النازحين في رفح




.. الغرب المتصهين لا يعير أي اهتمام لحقوق الإنسان في #غزة