الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر بغداد

نبيل ياسين

2008 / 1 / 10
المجتمع المدني


النخب العراقية وعقبات الحاضر

** عقد مرصد الديمقراطية في العرا ق , للفترة من 21 الى 23 تشرين الثاني-نوفمبر 2007مؤتمرا موسعا في بغداد برعاية رئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي , بعنوان ( دور النخب العراقية في العملية السياسية الديمقراطية والمصالحة الوطنية والاندماج) حضره لاول مرة من خارج العراق ثمانية وعشرون مثقفا سياسيا تكنوقراطيا يمثلون النخب السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية والاكاديمية بمشاركة ممثلين للنخب العراقية داخل العراق من كتاب وصحفيين واقتصاديين وحقوقيين وممثلي منظمات مدنية.

كان المؤتمر الاول من نوعه للاسباب التالية:
اولا: حضور نخبة من المثقفين العراقيين من مختلف الاختصاصات التكنوقراطية السياسية من خارج العراق بما يعنيه من سعي للاندماج والعودة والمساهمة في العملية السياسية واعادة اعمار المجتمع والبنى التحتية.
ثانيا: في خضم التفوق السياسي للعشائر والمذاهب واعتماد العملية السياسية الجديدة على مكونات اجتماعية لم يكن المؤتمر يسعى للقفز على الواقع , فلم يكن يتوهم احد ان يكون بديلا لاحد , وكان حضور المجتمع السياسي امرا ضروريا في محاولة لتعديل اتجاه البوصلة السياسية لان النخب الوسطى هي الحاملة لفكر الديمقراطية وهي الجسر السياسي بين الدولة والمجتمع.
ثالثا:يشيع في العراق موقف سلبي ,واحيانا عدائي, للعراقيين المنفيين والمهاجرين سببه تضارب المصالح وشيوع ايديولوجيا وثقافة النظام السابق التي صورتهم وكانهم يعيشون في جنائن معلقة( على فتات موائد الاجنبي), وقد اتضح ذلك في التعامل مع بعض اعضاء الوفد سواء في الفندق او في التفتيش الى المطار او في الحواجز ومواجهة حامل الجواز الاوربي باعتباره غير عراقي حتى من قبل بعض القنصليات العراقية , وتاتي هذه المعاملة من عراقيين في الجهات العراقية او من عراقيين يعملون مع شركات الحماية الخاصة في مفارقة مقصودة على مايبدو للحد من رغبة العراقيين في العودة والمساهمة في البناء والاعمار والنشاط السياسي. ويقود مثل هذه الحملة بعثيون يحرصون على الاحتفاظ بمواقعهم ومناصبهم حيث يتصورون ان عودة كفاءات الخارج تهدد احتفاظهم بمواقعهم وقد تعرض قانون اجتثاث البعث على علاته لمثل هذا الموقف ومقاومته على هذا الاساس الذي اصبح ابتزازا مسلحا ومعوقا لسير اعمال الحكومة وافشال تقديم الخدمات للمواطنين.وبعض هؤلاء يتربصون وراء المواقع الالكترونية للرد باسماء مستعارة او بتقييم الموضوعات لافشال اية افكار جدية للتغيير في حملة منظمة وذلت ابعاد سياسية وامنية.
كانت عدة رهانات تتربص بالمؤتمر. رهان الفشل وعدم ذهاب احد من الخارج لاسباب امنية ولاسباب سياسية منطلقها الموقف من حكومة المالكي, ولاسباب ايديولوجية تستهدف عزل المؤتمر وطمس معالمه ونتائجه. وكان الذين وصلوا بغداد لحضور المؤتمر من السويد والدانمارك وفرنسا والمانيا واسبانيا وبريطانيا قد صعوبة تحمل الصعاب, وتحملوا سفرا شاقا اثبت صعوبة مراسهم في هذا الميدان وتحملهم المشاق من اجل المشاركة في مؤتمر يسعى للمشاركة في جهود العراقيين من اجل ديمقراطية حلمنا بها ووطن حملناه مثل تميمة بين طيات نفوسنا.
كانت الرحلة شاقة في غياب خط مباشر الى بغداد من اوروبا وفي غياب الخطوط الجوية العراقية التي تعرضت الى حكم محكمة بريطانية عام 1996 لدعوى اقامتها الكويت ضدها بسبب تخريب طائراتها اثناء غزو صدام للكويت ومطالبة الخطوط الجوية العراقية بمبلغ 480 مليون دولار تعويضات للكويت.
في الندوة التي سبقت المؤتمر وكانت في لندن كان سؤال احد الاخوة عن تحقيق العدالة في الدعوات. كان الجواب ان المنظمين في مرصد الديمقراطية في العراق سعوا لتحقيق العدالة وقد تحقق مايمكن من ذلك. فالمؤتمر يبحث في دور النخب العراقية وكان التنوع النخبوي مهما, كما كان التجديد مهما ايضا.بعض الاخوة الذين تلقوا الدعوة اجابوا عليها ياسلوب استعلائي , وبعض آخر اجاب عليها بموقف متشنج , فيما غلف طرف آخر عدم قبول الدعوة بطابع اراد له ان يكون مبدئيا ولكنه لم ينجح. كان الخوف من الذهاب الى بغداد متدهورة الامن امرا مشروعا عبر عنه طرف واقعي ذكر الاسباب مباشرة فالوضع الامني غير مريح وقد احترمنا هذه الصراحة, فليس من العدل ان نخفي واقع الحال في عاصمة تشهد اعمال عنف تستهدف الناس جميعا فكيف بمن ياتي من الخارج؟
لكن هناك من صنع موقفا وكال لنا اوصافا ونعوتا كما كال للحكومة مثل هذه الاوصاف والنعوت في حين اتضح ان بعضهم يعمل مع الحكومة بشكل خفي !, بل يتبوأ مواقع غير جدير بها بشكل غير معلن او معلن مثل عمود في الصحيفة التي تعتبر مركزية للحكومة او يتمول من احدى الوزارات لهذا الطرف او ذاك.
لكن كل هذا الواقع لم يمنع المؤتمر من الانعقاد والاجتماع في بغداد واللقاء مع ممثلين للنخب العراقية من داخل العراق في ظروف تداخلت فيها الاخطاء والنواقص مع النجاحات التي جسدتها توصيات واقعية ونقاشات ايجابية على مدى ثلاثة ايام.
لم يكن المؤتمر يتوخى وضع حلول عاجلة او يتخذ قرارات غير واقعية. فالمؤتمر ملتزم ببلورة موقف حول دور النخب العراقية في العملية السياسية وكيفية تحقيق هذا الدور. لم يكن ذلك سهلا, فالصراع السياسي في العراق الجديد لم ينته وهو يفرز كل مرحلة قوى وفئات بشكل طبيعي او بشكل مصطنع مدفوع دوليا او اقليميا.
كان المفترض ان يفتتح المؤتمر رئيس الوزراء وفي اللحظات الاخيرة حضر نيابة عنه وزير الحوار الوطني وكان عدد من الوزراء والمستشارين قد حضروا حفل الافتتاح الذي حظي بتغطية اعلامية متواضعة لاسباب عديدة منها طريقة عمل اللجنة الاعلامية التي وضعت من قبل المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء التي تتسم بنقص الخبرة والاعتماد على الروتين الذي اعتادت عليه وسائل الاعلام التي تعنى بالمواقع الرسمية لا بطبيعة اعمال المؤتمر ونتائجه .
رغم النواقص التي رافقت المؤتمر الا انه لفت الانظار الى اهمية دور النخب وموقعها المفقود في العملية السياسية .كان المؤتمر يركز على الدور الثقافي والفكري الفردي للمدعوين ولذلك تجنب دعوة منظمات او احزاب او مؤسسات. كان الحضور فردياو فلم يكن هناك ممثلون لاحزاب او قوى سياسية او ثقافية وانما لافراد قد يمثلون تيارات واسعة من النخب العراقية.
ربما استطاع المؤتمر ان يكشف ثغرة في الوضع العراقي القائم حاليا . تتمثل هذه الثغرة في عدم وجود شروط واقعية لعودة آالاف المنفيين والمهاجرين والمهجرين العراقيين الذين غادروا بلادهم منذ نهاية السبعينات لاسباب سياسية.ليس الوضع الامني وحده مسؤلا عن ذلك ولكن غياب الاندماج وفكرة الاندماج والعودة ايضا.
كذلك استطاع المؤتمر ان يشير الى ظواهر رافقت العملية السياسية واصبحت تهدد تطورها وانتقالها الى طور جديد من العلاقات الوطنية القائمة على احترام الدستور والقاون مثل تسييس ظواهر مثل الفساد والعنف واستخدامها في الصراع السياسي على اساس من التشهير والكيد في حين ان المجتمع العراقي يعاني من مظاهر تشنج واحتقان وخيبة امل سببها تحول المجتمع العراقي الى مجتمع شباب غير مرتبط بشروط مرحلته كماهي في العالم مثل الاستقرار والعمل والزواج والسفر والتعلم, فنسبة الشباب في المجتمع العراقي تصل الى 60 بالمائة من عدد السكان وقد قضى هؤلاء الشباب معظم سنواتهم في وضع استئنائي غير طبيعي مثل الحرب والحصار والقمع والعمل في سن الطفولة وترك التعليم قبل انهاء المتوسطة احيانا مما خلق فجوة جديدة في تطور السلم الاجتماعي.
لقد كشف المؤتمر ايضا عن ظاهرة لازمت العمل الفكري الديمقراطي وهي مقاطعة كثير ممن يرتبطون ايديولوجيا وسياسيا بحركات سياسية للفعاليات المستقلة والجادة التي تبحث عن بديل في الاليات والافكار السائدة ومشاركتهم في غيرها استنادا الى كره البديل وعدم اسناد ماهو مستقل وجاد.لذلك فان كثيرا ممن هرع للمشاركة بمؤتمرات سرعان ما اتضح انها فقاعات ثقافية ممولة بشكل كبير من جهات دولية او اقليمية لسحب البساط من الافكار الجادة والموضوعية .
مع هذا استطاع المؤتمر ان يبعث رسالة جادة الى عدد كبير من ممثلي النخب حول اهمية دورهم وضرورة المشاركة ودعم مثل هذه المبادرات, ولعل المؤتمر القادم الذي سيكون تحقيقا لمقررات مؤتمر دور النخب يشهد تلافيا للاخطاء والنواقص والمواقف التي رافقت المؤتمر في بغداد.
لقد كانت فرصة حقيقية ان يلتقي فنانون وشعراء وكتاب وصحفيون واكاديميون واقتصاديون وسفراء سابقون واطباء ومهندسون وغيرهم ببعضهم في بغداد التي فتحت لهم قلبها فتجول بعضهم بها والتقى اهله ومحبيه وساهم بكلمة من اجل الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار


.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف




.. أهالي الدقهلية يشاركون في قافلة لإغاثة أهالي فلسطين


.. يوم حرية الصحافة العالمي: قتل في غزة، قيود في إيران وسجن في




.. طلاب جامعة مكسيكية يتظاهرون تضامنا مع فلسطين