الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سميرة مزعل إمرأة من هذا الزمان *

عبدالحسين الساعدي

2008 / 1 / 11
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


من مملكة ميسان الحضارة الموغلة بالقدم ، والتي صمدت عبر العصور في وجه أعتى الغزاة الذين حاولوا خاسئين أن يستبيحوها ويحيلوها الى ركام وخراب ، ويقطعوا حبلها السري مع الحاضر ،فأبت بكبرياء أن تذعن صاغرة للأوباش ، فوقفت كالطود الشامخ لتعلن تحديها للريح الصفراء وخفافيش الظلام ، من مدينة الشواطيء الغافية بدعة على أنهار المشرح والكحلاء ومياة الأهوار المنداحة على صفحاتها المشاحيف ، المحلقة فوقها طيور النورس والخضيري والمسكة وطيور الماء وهي تخفق بأجنحتها راقصة جذلة كأنها تصفق لصوت غناء شجي طرب لفلاح وهو يغني :
( مشحوفي طر الهور واليوم صدنة طيور )
لتشكل بالتالي سمفونية متناسقة للطبيعة البريئة النقية الوادعة وترسم لوحة ملكوتية زاهية الألوان تسر وتبهج النفس .
من عمق هذا التاريخ جاءت سليلة الشرف الباذخ بنت ميسان ورفعة رأس ( الولاية ) كما يسميها الميسانيون ، المرأة العنيدة الحديدية ( سميرة مزعل فهد ) ، التي ولدت في بيت تشرب بالوطنية حد النخاع ، فوجدت نفسها وهي لم تزل صبية في سوح النضال الوطني ضد عصابات الحرس اللاقومي لتحال الى المحاكم العرفية السيئة الصيت إبان أنقلاب الثامن من شباط الأسود من عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين ، في قفص الاتهام خدشت حياءها كلمات نابية تفوه بها الحاكم العسكري
( شاكر مدحت السعود ) ، فأستشاطت على أثرها غضباً ، فما كان منها إلا إن بصقت في وجهه ثأراً للمرأة العراقية الماجدة التي لايداس لها طرف ، فأصدرت بحقها حكماً جائراً أنطلقت على أثره حملات التضامن المطالبة باطلاق سراحها ، ساهم فيها عدد من الشخصيات والمنظمات العالمية ، وكان على رأس هذه الحملات الفيلسوف الأنجليزي ( برتراند رسل ).

أمرأة قوية الشكيمة عركتها سنين النضال ومقاومة الحكومات الشمولية القمعية ، لم تلن إرادتها ولا للحظة واحدة أمام كل وسائل الترهيب والخوف والمضايقات والمحاربة في الرزق والتي كانت تمارس ضدها ، بل على العكس من ذلك ، كانت تعتبر كل ما يجري لها ضريبة بسيطة يدفعها الشرفاء دفاعاً عن مبادئهم وقيمهم النبيلة السامية ، وقد كانت تتربص للطغاة وتنشط ضدهم وتبدع في أستغلال الفرص للتحريض عليهم وهتكهم عبرصورها التي كانت تلتقطها لتوثق مشاهد البؤس والشقاء والتعاسة والحرمان التي كان يحياها الشعب في ظل الحكومات الجائرة ، فكانت هذه الصور بمثابة صرخات أحتجاج وتحريض ، فضلاً عن نشاطها السياسي ، فعلى الرغم من القبضة الحديدية للنظام الصدامي ، والذي كان يستهدفها ويضعها في دائرة المراقبة ، خرجت ( سميرة مزعل فهد ) لتقود أكبر تظاهرة ضد النظام الدكتاتوري في الأنتفاضة الشعبية عام ألف وتسعمائة وواحد وتسعين في محافظة ميسان لتصبح بعد فشل هذه الأنتفاضة المطلوبة الأولى من قبل الأجهزة الأمنية ، فيلقي القبض عليها وتزج في سجون الرضوانية الرهيبة ، وقد خرجت منها حية بإعجوبة كبيرة ، وكإن القدر يأبى أن تكون سميرة بعيدة عن سوح النضال الوطني ، ولكي تعيد تنظيم نفسها من جديد ، وتتهيأ مرة أخرى لتصول مع طلائع الثوار الذين هبوا الى دك معاقل الفاشست في نيسان عام ألفين وثلاثة ، ولتكون شاهدة في محكمة الأنتفاضة الشعبانية عام ألف وتسع مئة وواحد وتسعين لتفضح الأفعال الخسيسة للقتلة الذين خاضوا في دماء الشعب العراقي حد الركب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الى سميرة مزعل وهي تقف شاهدة في محاكمة الأراذل من مجرمي أنتفاضة عام 1991








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كرّ وفرّ بين الشرطة الألمانية ومتظاهرين حاولوا اقتحام مصنع ت


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج




.. اعتداء الشرطة الهولندية على متظاهرين متضامنين مع فلسطين


.. الألعاب الأولمبية: تحقيق حول مدى التزام الحكومة الفرنسية بوع




.. شرطة مكافحة الشغب الهولندية تعتدي بالهراوات على متظاهرين مؤي