الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضايا الاجتماعية في الميزانية... وجدل الوزراء

جاسم الحلفي

2008 / 1 / 13
المجتمع المدني


لم تكن البطاقة التموينية القضية الوحيدة التي يتابع الموطنون الجدل بشأنها، لكنها كانت، ولازالت، تعد القضية الأبرز لما لها من تأثير مباشر على معيشة ملايين المواطنين.

لا ريب ان هناك قضايا كثيرة أخرى أيضا تمس الحاجات الاجتماعية والمعيشية للناس. فتعديل سلم رواتب العمال والموظفين وصرف المخصصات لهم، يعد أمرا في غاية الأهمية بالنسبة للطبقة العاملة ولشرائح اجتماعية مهمة، منها على سبيل المثال، المعلمون والعاملون في المجال الصحي، إضافة إلى المتقاعدين.

كما تعد مشكلة البطالة وإيجاد حل للمطالبين بتوفير فرص للعمل، وفتح مراكز لتدريب الشباب وتأهيلهم للعمل، قضية يجب ان تحظى بأولوية مناسبة في سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية، الى جانب الاهتمام بشبكة الحماية الاجتماعية، والرعاية الصحية وتوفيرها وتحسين تقديمها.

لكني حين أركز، مرة أخرى، على البطاقة التموينية، فليس لما تشكله من اهمية كبرى تمس الحياة المعيشية للمواطن فحسب، بل لما شهدت من التناقض، وليس التباين، في طريقة تناول كل من وزيري المالية والتجارة للتخصيصات المفردة لها في الميزانية لهذا العام وذلك في الجلسة الرابعة والثلاثين لمجلس النواب يوم الاثنين المصادف السابع من كانون الثاني الحالي.

وهذا ما يؤكد القلق المشروع حول مصيرها (أي البطاقة التموينية)، خاصة وان الذاكرة لا زالت تحتفظ بأجواء النقاش الذي دار حولها في ميزانية عام 2007، آنذاك،حيث تقلصت ايضا التخصيصات لها بنسبة قدرها 12,7% عن عام 2006.

مرّ عام 2007 وشهد المواطنون، بشكل جلي، تأثير ذلك التقليص على مفرداتها ونوعيتها، وانعكاس هذا، بشكل مباشر، على حياتهم. وإذ لا يتسع المجال، في هذا المقال، لتأكيد ما قلناه سابقا حول التلاعب في البطاقة التموينية وتنامي حالة الفساد والغش، وعدم توزيعها، كليا او جزئيا، ولأكثر من أشهر في هذه المحافظة او تلك، ومن دون أي رقابة جدية وعدم وجود ضوابط صارمة بحق من يتلاعب بها، ارى من المناسب، هنا، التأكيد على ان نسبة التقليص في التخصيصات المالية للبطاقة التموينية لهذا العام تقترب من 50% حسب القيمة الفعلية، عند احتساب انخفاض قيمة الدولار وارتفاع أسعار مفرداتها.

هذا في الوقت الذي لا يمكن للزيادة التي اقترحها السيد وزير التجارة (بتخصيص مبلغ مالي يتجاوز 5 مليار دولار كي تستمر الوزارة بتنفيذ برنامج البطاقة التموينية) الا في حدودها الدنيا، فكيف يمكن، اذن، لمليار وربع مليار دولار وهذا المبلغ الذي اقترحه السيد وزير المالية ان يسهم في ردم الفارق الكبير في نسبة التخصيصات للحفاظ عليها؟

وهل نحتاج الى سنة أخرى كي نكتشف ان التخصيصات التي وردت في الميزانية، بالإضافة الى الزيادة في المبالغ التي يقترحها الوزيران، غير كافية ولا تعالج الموضوع جديا؟

ان إجراء حساب بسيط لحجم التخصيصات المناسبة لكلفة البطاقة يبيّن الخلل بوضوح فان (حصة الفرد الواحد من الحصة التموينية تكلف من 20 إلى 22 دولار للفرد الواحد شهريا)، حسب ما أورده السيد وزير التجارة، فكيف تستوي نتيجة هذا المعادلة مع ما يتم اقتراحه؟

تفيد المؤشرات بان العراق يتمتع بقدرات مالية متنامية بفضل الزيادة المطردة في عوائد الصادرات النفطية الناجمة عن الوتيرة المتسارعة في ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية خلال الفترة الراهنة، واحتمال زيادة الصادرات النفطية العراقية بمقدار تحسن الوضع الأمني.

لذا يعد أمر تثبيت البطاقة التموينية، بما يضمن جودة مفرداتها، وتحسين طرق إيصالها للمواطن في المواعيد المقررة، والرقابة الضرورية على هذه العملية، ومعاقبة كل المتلاعبين بقوت الشعب، وكذلك دعم أسعار المشتقات النفطية وتوفيرها للمواطنين، يـُعَدّ كل ذلك أموراً أساسية، ولا يجب النظر إليها من جانب الكلفة المالية، فقط، بل من جانب تأثيراتها الاجتماعية على الوضع العام في البلد. فالتلاعب فيها هو خطوة تنذر بعدم الاستقرار. ولا ريب ان مجلس الوزراء سيأخذ ذلك في الاعتبار قبل ان ترفض الميزانية من مجلس النواب.
الشعب الذي عانى كثيرا هو شعب يستحق ان تقدم له اوسع وأفضل الخدمات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر


.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم




.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس


.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م




.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع