الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ظل وبأسم المقدس

ثائر سالم

2008 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استغلال عواطف الناس ، القومية ، العقائدية ، و حتى مقدساتهم الدينية، وحسن نواياها، لخلق مشاعر توحد ، طائفي، مذهبي ، قومي ، يقفز فوق المصالح الاساسية ، الاجتماعية ، للناس والبلد، كانت دائما قرار سياسي ، لايمكن تحقيقه الا عبر الدولة . ويهدف لتحقيق مشروع سياسي ما ، بهذه الرؤية او تلك . فالدولة في الواقع ، هي صاحبة المشروع ، والقرار، وليست معبرة عنه ، كما يحاول الزعماء الطائفيون الادعاء، لاخفاء حقيقة مصالحهم الاقتصادية واهدافهم السياسية ، في السيطرة على الدولة والامساك بالحكم. ذلك ان مشروع الطائفة لا يمكنه ايجاد حل لتناقض المصالح الاجتماعية والسياسية ، ولا الغاء وجود تلك التناقضات في اطار الطائفة.
تلك الحقيقة يعيشها الناس يوميا. وهي تفضح وهم وكذب الطائفية. فمصالح الطفيليين، الفاسدين (التقدمي والرجعي منهم) ، البرجوازية الكومبرادورية، وكل شركاء الاحتلال وشركاته ومقاولاته ، حتى وان لبست ثوب الدين، الليبرالية ، القومية ، والماركسية ، لايمكنها التضحية بمصالحها، مع المحتل ،..ولا بآلية تحقيق اهدافها ، الاستحواذ على او سرقة حقوق وعمل الغير ...او حتى ثروات البلد والناس، مادام ذلك، ممكنا ومضمونا ، في ظل القانون، الذي صاغته هي ،.. والمعبر عن مصالحها، وبدعم واسع من المحتل، يقايض فيه ذلك، بالسيادة والاستقلال ، وثروة البلد.
ان عواطف التوحد القومي والطائفي ، تبقى افضل الاوهام ـ الادوات في لعبة المصالح والسياسة ..والامساك بالسلطة باي ثمن. فتلك الاوهام التي تزرعها، لا علاقة لها بالواقع، حتى باستثمارها، بقراءة تأولية ما، للجزء التاريخي، الواقعي منها. ولا علاقة لها ايضا، بقراءة ذلك القسم النبيل ، المحروم من مظاهر الحياة الكريمة .. الذي وجد في بعض الماضي ، تعويضا ومواساة ، عن ظالم يرزح تحته ، وسببا لامل في غد ، يحقق تلك القيم المجردة ، العادلة برمزية شخصية ، ينتجها التاريخ .
فحياة الناس اليومية ، وقسوتها بل بشاعتها ، وخوفهم على حياة ابنائهم ، ومن مجهول مستقبلهم ، ..هو الذي يوحدهم على مشروع يتخطى، كل الحدود الوهمية ، التي عاموا عليها ، او خدعوا بها، فترة من الزمن. فالتجربة كافية لان تضيء الطريق الى الحقيقة ...الى مشروعهم او مصالحهم الاجتماعية. فالفقراء والمظلومون والمحرومون، الذين تحملوا العبء الاكبر من المظالم ، لازالوا يعيشون حياة ابعد ما تكون عن ابسط متطلباتها.
بهذه المعاناة وباسمها ، خاضت الطفيلية وحلفائها وشركائها، من المثقفين " العضويين او الاجتماعيين" حتى ذلك الذي لبس العباءة " الدينية" مجازا او زورا، معركتها من اجل السلطة والثروة. ومارست اكبر ميكافيلية في تاريخ العراق الحديث،... فجردت الفعل السياسي ، من اية محددات ، قيمية ، انسانية عامة،.. فكانت ابشع جرائم القتل والاعتداء.. النهب والسرقة.. الفساد والافساد ..و بقاء اوضاع البؤساء تزداد سوء على سوء.
قد يتمكن البعض من الاستمرار في ، استغلال المقدس او العقائدي، وقرائته بتاويل خاص ، مخفيا منافعه او اهدافه الشخصية ،.. مستثمرا نزعة الايمان الصادق في الناس،..او مواصلا نهج التذرع بخطايا الاخر،... ولكن الحقائق على الارض... ستبقى حقيقة المشاريع والاهداف، التي قيلت او ستقال. وسيجد الناس الوسيلة ، لتقديم بديل من صلبهم ، يمكنه تقديم قراءة تكون:.. اولا: اصدق تعبيرا عن هذا المقدس،... وثانيا: بامكانها ان تكون نافعة لهم في دنياهم وليس في اخرتهم فقط.
حينما توحد الناس مصالحهم الحقيقية ، لا اوهام ، تأويلات ، او اكاذيب..يجرى فيها استثمارهم في تحقيق مشروع سياسي ضد مصالحهم.. يمنح السلطة والثروة ، لنهابون وسراق جدد، او لجهلة ، متعصبون ، لهويات لا يفقهون جوهرها ، ولا تاريخية ،اي معطى انساني لها. فمثل هؤلاء الوطن بالنسبة لهم، يعنيهم بمقدار تلبيته او تعبيره عن تلك الرؤية المتعصبة ، لهوية اصغر وافقر مضمونا. حينها يغدوا الانقسام واقعيا ، قائم على اسس اجتماعية ، لاتحمل اية امراض للتعصب والكراهية والعداوات اللامنطقية ، بين ابناء الوطن ، الشريحة ، الطبقات المتقاربة المصالح.
سيضم الخندق الاول ، عمال وفلاحون..كسبة واجراء ..عاطلون او عاملون مؤقتون ، كل الفقراء المعدمون. وكل محدودي الدخل من مثقفين " عضويين " مهنيون ، خبراء ، مهندسون ، وتكنيكيون ، واداريون ، ..موظفون نزهاء لا يقبلون سرقة بلدهم..علماء او مثقفين اجتماعيين ،..رجال سياسة وفكر ، ادب وثقافة ودين .. يحترمون الحقيقة والعدل ، ولن يبيعوا ضمائرهم . هذه الشريحة ، على تنوعها ، تتعرض لمن يسرق عملها او يظلمها وينهب ثروة بلدها ، ومستقبل ابنائها، من ابن قوميتها او طائفتها ، كما يفعل شبيهه في الطائفة الاخرى.
والمجموعة الاخرى تتكون من البرجوازية الكومبرادورية ، والفئات والطبقات والشرائح، الطفيلية. الفاسدون، فساد ذمة او تعصب، من كل الشرائح والفئات،..من المهنيين والفنيين ، المثقفين ورجال الفكر او السياسة .. ، هؤلاء لا يرون في الوطن، الطائفة، القومية، العقيدة اي كانت.....الا اداة تحقيق الطموح للاستحواذ على الثروة والسلطة او احدهما. هؤلاء لن يترددوا في التضحية بمصالح البلد ، ومصالح ُبناته الحقيقيون، المرتبطون به.. ضرورة اقتصادية او ادراكا تاريخيا، ولا في تجاوز اساسيات، منظومتها القيمية المدعاة.

الفارق سيكون جليا بين ، ثقافة هاتين الشريحتين . الاولى ثقافة بناء الوطن والمواطن واحترام حقوقهما وكرامتهما وصيانة السيادة والاستقلال وحماية ثروات البلد . اما الفئة الثانية ، فان مصالحها ، الخاصة ، الشخصية على الاغلب ، هي الفساد والافساد ..وفي اسقاط او تشويه، كل قيم الاستقلال وحماية ثروات البلد من النهب والتبديد. رغم ان مصالح الناس، تلعب الدور الاساسي في افشال تلك المشاريع ، الضارة بهم وببلدهم، الا ان موقف المثقفين ، يبقى هاما في تعرية تلك الفئات ، التي لا يهمها غير مصالحها الخاصة ، حتى لو كانت على حساب مستقبل البلد.
زرع ثقافة العجز ، والتشكيك بقدرات الوطن والشعب ...،وتضخيم قدرات المحتل ، او اي طامع بالبلد ..، امر تفعله دوما هذه الفئة، المرتبط وجودها ومصالحها،..بالمحتل والطامع . فبقراءة كاذبة ولا اخلاقية ، للمقدس، بكل اشكاله الديني، الماركسي ، القومي، الليبرالي... جرى تدمير بلد ونهبه ، وتحطيم مقومات تطوره واستقلاله. وقتل مئات آلاف الابرياء وتهجير الملايين ، داخله وخارجه ..علماء وفنيين ومثقفين وعوائل واناس ابرياء .
تفجير الجوامع والحسينيات والكنائس واماكن العبادة الاخرى التي ظلت دوما آمنة ، في كل العصور...المدارس والمستشفيات ..وقتل الاطفال والشيوخ في الاسواق والمستشفيات.. قتل بعض المسلمين لبعضهم، وغيرهم من المتدينين، ومن غير المتدينين... سلب ثروة البلد وموارده وتهريب ممتلكاته وآثاره..كل هذا وكثير غيره من جرائم عصابات، الخطف والسرقة والقتل، تم في ظل هذا المقدس ، بكل اشكاله ، بل وجرت ايضا عملية تظليل ، وتبرير الاحتلال ، والدفاع عن الكثير من سياساته المنافية لابسط حقوق الانسان ، التي جاء من اجل اقامتها او حمايتها، والتي قوبلت باستهجان في بلده ومن لدن شعبه ذاته...حتى باتت جهنم التي يخشاها الناس.. حقيقة اقامها لهم الاحتلال على الارض،.. يعيشها المواطن في يومه ،.. في حريته واسره،... .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ