الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة القضاء على حزب العمال الكردستاني.

طارق حمو

2008 / 1 / 14
القضية الكردية


ظهر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على محطات التلفزة وهو يعلن للأمة "قيام القوات المسلحة بالهجوم على معاقل حزب العمال الكردستاني"، وكأنه قائد عسكري يخوض حرباً مصيرية مع جيش عرمرم يزحف على تخوم بلاده. وتناغمت تصريحات اردوغان هذه مع حديث رئيس هيئة اركان الجيش التركي الجنرال يشار بويوكانيت والذي اعرب عن فرحه هو الآخر بقوة وبأس قواته الجوية وشجاعة طياريه الذين قادوا 52 طائرة لغزو معاقل العمال الكردستاني في مناطق قنديل الوعرة. ولم يستطع بويوكانيت ان يخفي غبطته من سماح الولايات المتحدة لتركيا بالقيام بعمل جوي ضد المقاتلين الكرد بعد فتور طويل. وهي "الغبطة" التي وصفها مراد قره يلان القائد الأول في الحزب الكردستاني ب"غبطة التابع الذي انتظر صفح سيده طويلاً".

وجاءت عمليات الجيش التركي هذه، والتي اسفرت عن مقتل عدد من المدنيين الكرد وتدمير اكواخهم ومزارعهم اضافة الى إستشهاد خمسة من مقاتلي الكردستاني، بشكل متواز مع القاء السلطات التركية القبض على نورالدين دمرتاش رئيس حزب المجتمع الديمقراطي فور وصوله مطار اسطنبول قادماً من المانيا منتصف شهر كانون الأول الماضي. وكان دمرتاش قد اطلق تصريحات قوية ضد سياسة حزب العدالة والتنمية ازاء القضية الكردية، وطالب خلال مشاركته في مؤتمر حول القضية الكردية عٌقد في بروكسل بداية كانون الأول، ب"حل القضية الكردية حلاً ديمقراطيا عادلا مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبدالله اوجلان مباشرة". كما ندد دمرتاش بقانون الندم الذي قدمه اردوغان للبرلمان من اجل استدراج مقاتلي العمال الكردستاني و"انزالهم من الجبال وضمان عودتهم الى منازلهم". وقال دمرتاش "ان هذا القانون محكوم عليه بالفشل مسبقا لأنه يقوم على اسفاف القضية واعتبارها قضية امنية وجنائية". ولم تبذل السلطات التركية جهداً كبيراً في خلق حجة لإعتقال دمرتاش فالصقت به تهمة "التهرب من خدمة العلم" لكي تخفي التهمة ذات الأصل السياسي. وهو الأمر الذي يذكرنا بماجرى للنائبة المحجبة مروة قاوقجي وكيف ان الحكومة وقوى العلمانية المتطرفة استطاعوا اخراجها من البرلمان (17ـ5ـ1999) والتخلص من "الإحراج" الذي شكلته على ميراث مصطفى كمال "اتاتورك"، وذلك بحجة حملها لجنسية دولة اخرى.

والحال ان الحكومة التركية تمضي قدماً في سياساتها المعادية للقضية الكردية والرامية لتصفية حزب العمال الكردستاني وابعاده عن المشهد السياسي في تركيا. وقد استطاع حزب العدالة والتنمية وعبر طرق واساليب كثيرة تسويق مشروعه في ولايات كردستان تركيا وحصد معظم اصوات السكان الكرد هناك، وهم مسلمون سنّة متدينون بفطرتهم، وذلك في الإنتخابات التي جرت في 22 تموز 2007. وكان لتعهد اردوغان بحل القضية الكردية والتجاذبات بينه وبين الجيش، وكره السكان الأكراد لهذا الأخير، اضافة الى عمل الجمعيات الدينية النقشبندية وتقديم القروض الميسرة للفقراء، الأثر الكبير في دفع هؤلاء الى التعاطف مع اردوغان وحزبه والتصويت لهما. ومنذ ذلك الحين والعدالة والتنمية يخطط وبقوة لضرب حزب العمال الكردستاني وتصفيته سياسياً وعسكرياً. ففي عهد العدالة والتنمية اشتدت وتيرة المواجهات وكثفّ الجيش التركي من عملياته العسكرية ضد المقاتلين الكرد داخل وخارج البلاد. وحدثت ما مجموعه 579 مواجهة واشتباك بين الجيش ومقاتلي العمال الكردستاني سقط فيها اكثر من الف قتيل من الجانبين. كما شكلّ الحزب ما يعرف ب"لجنة مكافحة الإرهاب" والتي ترأسها، ومايزال، عبدالله غل، حتى بعد انتخابه رئيساً للبلاد. هذه اللجنة عملت على استصدار قوانين خاصة للحد من نشاط العمال الكردستاني والتضييق على انصاره وكتلته الجماهيرية.

وفي عهد العدالة والتنمية ظهرت قضية تسميم زعيم الحزب الأسير عبدالله اوجلان، والذي قال محاموه انه تعرض للتسميم في السجن. وهو الأمر الذي دعى انصار الحزب في اوروبا لتنظيم تظاهرات كبيرة والضغط على المفوضية الأوروبية للتدخل وارسال لجنة طبية خاص لسجن جزيرة ايمرالي للتحقق من صحة الأمر. وذهبت اللجنة فعلاً وقامت بفحص اوجلان في ايار الماضي، لكنها لم تكشف عن نتائج فحوصها للرأي العام حتى الآن، وهو الأمر الذي زاد في شكوك الجانب الكردي. كما ضاعف العدالة والتنمية من ضغوطه على حزب المجتمع الديمقراطي( الممثل في البرلمان ب 23 نائباً) ففتحت النيابة العامة ضد مسؤولي ونواب الحزب عشرات الدعاوي بحجة "لترويج" لأفكار الكردستاني، كان آخر تلك الدعوات تلك المطالبة بحظر الحزب حظراً تاماً، والمرفوعة حالياً امام المحكمة الدستورية العليا.

وبعد ذلك دخلت الولايات المتحدة على الخط رامية بثقلها خلف اردوغان و"مشروعه" في تصفية العمال الكردستاني وواجهته السياسية حزب المجتمع الديمقراطي. وتجلت سياسة واشنطن هذه بشكل فاضح بعيد لقاء الرئيس الأميركي جورج بوش باردوغان في واشنطن 5ـ11ـ 2007 ووصفه للكردستاني بانه "عدو لواشنطن" الى جانب العراق وتركيا. حيث زار وفد اميركي يضم السيناتور كريستوفر سايش تركيا والمناطق الكردية. والتقى سايش نواب حزب اردوغان الأكراد وبعض القوى الكردية الصغيرة المناوئة للكردستاني. وجاب سايش بعض مناطق المواجهات للإطلاع على الأوضاع على ارض الواقع. وكان المشهد فريداً حينما سأل السيناتور الأميركي قروية كردية قائلا: لماذا انتم هنا في هذه المخيمات؟. فاجابت القروية : لأن قريتنا قد دٌمرت. فقال السيناتور: دمرها مقاتلوا العمال الكردستاني اليس كذلك؟. فردت القروية بحزم: لا..هذا غير صحيح..دمرها جنود الجيش التركي واحرقوا كل بساتينها.

القصف الجوي التركي الأخير اظهر ان الحكومة والجيش متفقان على ضرب وتصفية العمال الكردستاني، وان واشنطن باتت مرنة بالشكل الذي يدفع الأتراك للتحرك عسكرياً ضد الجبل ومضاعفة بطشهم ضد الساسة الكرد في المدن. وهذا القصف ارضى بعضاً من غرور الشارع التركي، واظهرته وسائل الإعلام التركية وكأنه نصر مؤزر حققته انقرة على دولة اقليمية كبرى.

هذا رغم ان "الغارات الكبرى" هذه لم تسفر سوى عن مقتل قرويين وخمسة مقاتلين كرد. بينما قال شهود عيان في بلدة شرناخ انهم شاهدوا الحوامات التركية تنقل العشرات من الجثث والجرحى للمشفى العسكري في المدينة: وهو مايصب في قول العمال الكردستاني: ان قواته قتلت ثمانية جنود اتراك حينما حاولوا التوغل داخل اراضي اقليم كردستان العراق...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تلوّح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة.. ما القصة؟


.. وفد إسرائيلي يخطط للسفر إلى القاهرة لاستئناف محادثات الأسرى




.. إصابات واعتقالات خلال فض احتجاجات في حديقة أميركية شهيرة


.. في إطار خطة بريطانية لترحيلهم إلى رواندا.. تقارير عن خطة لاع




.. بريطانيا ورواندا.. خطة ترحيل اللاجئين | #غرفة_الأخبار