الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل مات الحسين شهيدا

حاتم عبد الواحد

2008 / 1 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في معنى الشهادة نسمع حديثا نبويا يصنف من يموت دفاعا عن أرضه وعرضه وماله وشرفه العائلي شهيدا ، ولقد آثرت أن لا اكتب في الأيام الماضية عن موضوع العزاء الحسيني كي لا أوصف بأنني مشعل للفتن أو ناصبي يريد خراب العقيدة الموالية لآل بيت النبوة .
يوم وقف سعيد ابن العاص يحاجج الأعراب والموالي من غزاة المسلمين للعراق بان " السواد بستان قريش " ، نهض إليه نفر من البدو المقاتلين وقالوا له " بل السواد فيء أفاء به الله على المؤمنين، وما نصيب قريش منه إلا كنصيبنا " ، ولم يتوقف كلا الطرفين المتحاججين في أحقية الغنيمة عند مشاعر وكرامة أهل الأرض الأصليين ، وربما كان محاربو الإسلام وأمراء قريش الأمويون قد نظروا للعراقيين على أنهم جزء من ذلك الفيء ، فالعراق الآرامي قبل الإسلام أصبح بنظر بنظر المدججين بعقيدة الإسلام من البدو المقاتلين أو الخلفاء الحاكمين في الشام دار كفر وأهله مشركين ، رغم أن لغة العراق الآرامية قد أثرت المقدس الإسلامي وفنانوه قد زينوا كعبة الجاهلية بأصنامها ، لقد كان هبل ومناة والعزى مصنوعين من صخور نينوى ومحفورين بيد فناني مدينة الحضر ، بل حتى اسم الرب الكبير في الجاهلية " هبل " كان اسما عراقيا خالصا ، فالكلمة ايل وردت كثيرا في الرقم البابلية بمعنى كبير الآلهة ، وكانت الأسماء والأفعال تضاف إلى كلمة ايل المقدسة لتطلق على المدن أو الملاحم أو الملوك و " هب ايل " هو اسم عراقي كما هو اسم باب ايل الواردة في القران أو كلمة اربيل أو كربلاء التي يصر الشريف الرضي على قرنها بالكر والبلاء اللذين حدثا في واقعة الطف عام 61 هجرية ، وقتل فيها الحسين بن علي وجماعة من أهل بيته .
فإذا كان الفيء كما قال الأعراب والموالي لسعد ابن العاص هو ما أفاء الله على المؤمنين ولقريش نصيب منه ، فان الإيمان قد كان صفة من صفات الخليفة القرشي في دمشق بدليل قولهم " أفاء الله به على المؤمنين ولقريش نصيب فيه " ، إذن لماذا ثار الحسين على سلطة الأمويين ؟؟
فالحسين لم يكن عاكفا في المسجد وداهمته خيول يزيد بالسيوف وقتلته فاستحق الشهادة ، ولم يأمر الخليفة الأموي بسبي نساء الحسين والإتيان بهن أسيرات من الجزيرة العربية وقاتل الحسين دونهن فاستحق الشهادة ، ولم يكن الخليفة الأموي زنديقا فقاتله الحسين ومات شهيدا من اجل عودة الدين ، لقد مات الحسين من اجل مكسب مادي ودنيوي خالص هو السلطة ، والدليل المادي الملموس على خروجه طالبا للسلطة هو اصطحابه لنسائه وأطفاله – حتى الرضع منهم - وبعض إخوته وأبنائهم في موكب نهاه كثير من أصحابه على ركوبه ، ولم يشجعه احد في المدينة على الخروج ، فهل كان جميع من امتنعوا عن مساندته قولا أو فعلا مرتدين وخونة للدين والإسلام ؟
لقد قرأت في الأيام الماضية " دراسات " أطنبت في الترويج للفكر الحسيني والاقتداء بروحه الثائرة وفلسفته المخلصة ، وكان الذهول يخيم على وجهي وأنا اقرأ أسماء الكتبة الذين سطروا كلماتهم تلك ، فالكثير منهم يدعي الأكاديمية والأكثر يدعي الإبداع والتجديد في الفن والثقافة ، ووسط كل ذلك الركام الوعظي من الاماديح كانت تقفز عبارة " الفكر الحسيني " أو المأثرة الخالدة " دون أي دليل ملموس عن هذا الفكر الذي يدعون إلى التمسك به ونشر رايته ، فانا لا اعرف للحسين مؤلفا أو وجهة نظر تخص الإنسان المجرد أو خطبة تدعو إلى تعظيم الشأن الإنساني أو قصيدة ولو منسوبة تعلن عن هذا الفكر الذي يدعو كتبة المؤسسة الحسينية إلى تعميمه ، لقد خرج الرجل من اجل سلطة ووجاهة وملك ، كما خرج من قبله أبوه ليقاتل امرأة كانت ترى نفسها أحق بملك أبيها فسقط حول بعيرها 15 ألف من مغفلي المسلمين الحالمين بجنة ونساء وخمر إذا ماتوا ، وغنائم وكنوز وسبايا إذا ذبحوا من يخالفون عقيدتهم ، لقد مات الحسين مختارا لميتته ولم يكلفه احد أن يقف الموقف الذي وقفه .
إن أقدس المقتولين في معركة الطف هو العراق ، فالمعركة التي تقاتل فيها طرفان يبغيان الجاه والمال والوجاهة لساعات محدودة قبل أكثر من ألف عام ، لم تزل دائرة رحاها ، لنفس الغايات وبذات الدعاوى على ارض من صنعوا من تمر بلادهم خمرة ينتشون بها بدلا من صناعة رب يأكلونه عندما يجوعون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب