الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يوجد في الكون شيء ثابت، التطور والتغير والتبدل سمة العصر

احمد محمود القاسم

2008 / 1 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أنا حقيقة شخص علمي وعلماني، وأومن بالعلم والتطور والتقدم والحداثة والتحديث، و قناعاتي العلمية، وهي تتواءم مع العلم والعلوم الخاصة، والتي تقول: بأنه لا يوجد في الكون شيء ثابت، بل كل شيء متغير ومتبدل ومتطور، وعليه، فانه في ظل العولمة، والتدفق العلمي الهائل للمعلومات والثقافات، عبر الانترنت ووسائل الاتصالات المختلفة، أصبح هناك تبادل وتفاعل وتداخل في الثقافات لكل الشعوب، وانتقالها من مكان إلى آخر، بسرعة كبيرة جدا، وبناء على ذلك، فالثقافات والعلم والعلوم والعادات والتقاليد والقيم والمباديء والأفكار، وكل شيء تقريبا، بدأ ينتقل من مكان إلى آخر وبدأ يتبدل ويتغير ويتحول من شكل إلى آخر، مع التقدم الزمني، وكون العالم أصبح قرية صغيرة، فأصبح كل شيء تقريبا في متناول الجميع، والعلم به، ورأيته والسماع به، ولذلك لا أستطيع تقبل كل ما يتناقض مع فهمي و قناعاتي العلمية والواقعية والموضوعية.
علينا الاقتناع بالتغيير والتغير والتبدل، ونبذ الجمود الفكري والعقائدي، وعلينا أن نلتفت إلى المستقبل، وننبذ الماضي ولا نتمسك به كثيرا، فالماضي زمانه ولى، و لن يعود أبدا، شئنا أم أبينا، وهو في طريق الاندثار والزوال، ولا يبقى منه إلا التراث والآثار، وعجلة التقدم تسير إلى الإمام دائما، وباستمرار، بسرعة كبيرة جدا، ولا مجال للعودة إلى الوراء، فإذا كنت مقتنع معي، عزيزي القاريء، بالتغير والتقدم والحداثة والتحديث، فمعنى ذلك أننا متفقون معا، بوجهة النظر وبالتغيير والتغير، ولن نختلف كثيرا، والمستقبل معنا، ونحن معه ولا يخالفنا أو نخالفه.
أما إذا كنت عزيزي القاريء، لا تؤمن بالتغيير والتقدم والتطور والحداثة، فمعنى ذلك، أننا مختلفون علميا وثقافيا، وكل منا نقيض للآخر، بعض الأخوة من ذوي القرون الوسطى، أفتى بألف فتوى، أن قيادة المرأة للسيارة مفسدة، ولديه أكثر من ألف وخمسمائة إثبات على كلامه هذا، ولا أعرف على أي أسس علمية ومنطقية وأخلاقية و مبدأية استند في فتواه هذه، والبعض، أفتى بعدم وجوب جلوس الأنثى على ألانترنت، إلا بجوارها محرم، والبعض الآخر، أفتى بوجوب إرضاع الموظفة لزميلها بالعمل، وغيرها من الفتاوى التي لا تتفق مع المنطق أو العلم أو الذوق العام، والحداثة وتطور وتقدم المجتمعات، فعصر ركوب الخيل و الحمير، قد ولى منذ زمن بعيد جدا، ولكل عصر رجالاته وعاداته وتقاليده وقيمه وأخلاقه، نحن نعيش في عصر التقدم العلمي الهائل، وعصر انتقال وتبادل الثقافات والمعلومات والعلوم والعادات والتقاليد والقيم والأخلاق والثقافات عبر الأثير، وعبر الشبكة العنكبوتية، فليس من حقك أن تفرض ثقافتك على أحد غيرك، لقناعاتك الخاصة بك، فلكل قناعاته وقيمه وأخلاقه الخاصة به، والتي تحكمه، وبقدر ما هي ثقافتك وأفكارك ومبادئك مقنعة، قد يأخذ بها البعض من دون فرض أو ضغط آو إرهاب.
زمن العصور الوسطى وصكوك الغفران، ولى وذهب بعيدا منذ عشرات السنين، نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، وننظر إلى المستقبل، وما فيه من أحداث قادمة ومذهلة، لا يستطيع احد الوقوف أمامها، وما زلنا نناقش أهمية لبس الحجاب أو عدم لبسه، وكونه حراما أو حلالا، ومفروضا شرعا أو غير مفروض، وكأنها قضية حدية ومركزية في مصيرنا ومستقبلنا وتقدمنا العلمي والتكنولوجي، ونسينا قضايا الفقر والجهل والبناء والتطور والتقدم العلمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والناس لم يعودوا كما كانوا بالسابق، أي الجهل مخيم عليهم، والمعلومة لا يسمعون بها، والتطور والتقدم لم يصلهم بعد، أو لم يسمعوا به أيضا.
يسرن النساء في بعض الدول الأوروبية، شبه عراة تماما على شاطيء البحر، ويعتبرون هذا نوعا من ممارسة الرياضة، ولا احد يحدثهم أو يسأل بهم، والبعض منهن أيضا، يظهر على قصبة المسرح شبه عاريات، ويعتبرون هذا أيضا فنا، والبعض منهن يسيرن في الشوارع شبه عراة أيضا، ويعتبرون هذا ضمن الحرية الشخصية، الزمان الماضي، قد ولى بدون رجعة، لم يعد ينظر الناس وراءهم، وكل حركة أو صورة تثيرهم، هم ينظرون أمامهم وإلى مستقبلهم وما يخبؤه المستقبل لهم، من أحداث جسام، ومفاجآت وتطور، علينا أن نملك القدرة والإمكانية لاستقباله وتقبله وتحمله والتفاعل معه، وان نترك توافه الأمور.
علينا أن ننتقي كل ما يفيدنا ويهم مصلحتنا وتطورنا وحداثتنا، ولا يؤثر بنا سلبا، و العملية ليست صفقة تجارية نقبلها جميعها أو نرفضها جميعها، علينا أن ننتقي ونختار، ما يتناسب مع زماننا ومكاننا وفهمنا وقيمنا وأخلاقنا، والعصر الذي نعيش فيه.
شرف البنت كان مفهومه وما زال، أن تكون الفتاة عذراء، أي أن غشاء بكارتها لم يفضه أحد، وهذا لن يكون إلا مرة واحدة، أي مثل عود الكبريت، لا يولع إلا مرة واحدة، ولكن مع التقدم العلمي والتكنولوجي والطبي، أصبح شرف البنت كالولاعة، تولع لمئات المرات، وليس لمرة واحدة فقط، حيث الطب وعلم الجراحة، أصبح يعيد الغشاء الممزق إلى وضعه الطبيعي، إذا ما تمزق لأي سبب من الأسباب، بعمليات الليزر وخلافه، وبدقائق معدودات، فحتى مفهوم الشرف هذا، قد تغير أيضا، فالمرأة العذراء، يمكنها أن تساوي العشرة وذمتها (كما يقولون)، وتقول أنا شريفة، ولديها الإثبات على ما تقول، وفقا لمعايير الشرف الكلاسيكية، أي أن غشاء البكارة عندها سليم وغير ممزق.
هذه المفاهيم والسياسات، لم تعد تلائم العصر الحديث، والتغيرات الجمة التي طرأت عليه. علينا تفهم الأمور بعقلية أكثر تفتحا، وبصدر أوسع تفهما، ما كان يحكمنا في الماضي، لم يعد يحكم أبناءنا وبناتنا، وما كنا نلبسه في العصور الغابرة، قد تغير تماما، ولا يمت للحاضر بصلة، فكل شيء يتغير، كما أن الحجاب، لم يعد ينفع في شيء، ولا يقدم ولا يؤخر، ولا يؤثر أيضا، لا سلبا ولا إيجابا، ومع الأسف، نحن نعتبر الحجاب، وننظر إليه، وكأنه هو رمز تقدمنا وتطورنا وحضارتنا، أنا شخصيا لا يهمني إن لبسته الأنثى أم لا، ما يهمني ليس لبسها الحجاب من عدمه، ما يهمني هو ممارساتها اليومية، واحترامها لشخصيتها وكرامتها، وممارساتها على ارض الواقع، فهذه قضية تعود لها، كما أن لبس البنطلون، أو لبس العباءة، لا يهمني في شيء، كل شيء في المجتمعات الإنسانية قابل للتغير والتبدل والتطور، لن يبقى شيء على حاله، فالمادة، في حركة دائمة مستمرة ومتواصلة، وخلال حركتها هذه، تنتج شيئا جديدا دائما وتتغير حالتها مع مرور الوقت، ومن يقف في وجه التغيير والتقدم والتطور، فالطبيعة كفيلة بالدوس عليه ورميه إلى مزبلة التاريخ.
الحديث في مثل هذا الموضوع، يطول كثيرا، ولا يمكن الاقتناع به، وتقبله من قبل البعض بسهولة، لأنهم تعودوا منذ عشرات السنين على روتين ثابت، يسيرون عليه برتابة ودون تغيير، وكما يقول المثل الشعبي:
(من شب على شيء شاب عليه)، فهم هكذا رأوا آباهم وأجدادهم، فاتبعوهم في ضلالهم وصوابهم، وساروا على هذا الدرب، بدون تمحص أو إدراك لصحته أو خطئه.

الكاتب والباحث احمد محمود القاسم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما أسباب وفاة محتجزين إثر أعمال شغب؟ • فر


.. تونس: ردود الفعل بعد تحديد الرئيس 6 أكتوبر موعدا للانتخابات




.. طارق بن سالم يتسلم مهام منصبه كأمين عام لاتحاد المغرب العربي


.. رئاسيات موريتانيا:المرشح بيرام الداه اعبيد يدعو إلى حوار سيا




.. سقطوا في مجارٍ فوق بعضهم.. حادث تدافع مميت بمراسم دينية في ا