الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستشراء الفساد في كوردستان العراق

هشام محمد علي

2008 / 1 / 25
القضية الكردية


اختلافي معك بالرأي لايعني انك وطني وانا عميل
لم ينتهي الساسة الكرد من مسلسل وصف غير المتفقين معهم بالرأي بخونة الشعب والامة، ووصفهم لمنتقديهم بأعداء التجربة "الديمقراطية"، رغم ان زمن الوصاية الإلهية على الشعوب قد ولى وزمان الدكتاتوريات تنازع الروح بين براثن الإحتضار.

قام محامو السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني برفع دعوة قضائية على صحيفة هاولاتي الكردية بسبب نشرها لمختصر لتقرير الأكاديمي الأمريكي مايكل روبن* (كان قد نشر في اوائل هذا الشهر، وهو حلقة من سلسلة من التقارير حول الشرق الأوسط) والذي اشار فيه إلى حجم الفساد الذي يعيش فيه مسؤولو الحزبين الكرديين الرئيسيين.
اما الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يتزعمه السيد مسعود بارزاني فقد بعث من خلال الناطق بأسم مكتب رئاسة الأقليم برسالة إلى صحيفة هاولاتي من ضمن ما جاء فيها "قام روبن بسُكب السم وهاولاتي نشرته" وايضاً جاء في نص الرسالة "روبن هو عدو الأمة الكردية وقلمه مأجور".

طالما تحدثت تقارير دولية ومحلية، وتحدث صحفيون حول الفساد المستشري في اقليم كوردستان العراق، لكن تلك الأسطر لم تسبب رد فعل كما سببه التقرير الأخير الذي نُشر في اوائل الشهر الحالي لأنه مس "قدسية" الكرد المتمثلة بالسيدان مسعود البارزاني وجلال الطالباني عندما تحدث عن امتلاك البارازاني (2) مليار دولار، وطالباني (400) مليون دولار، لكن الذي قد لايعرفه غير الكرد هو ان هذان الرقمان ليس بالمفاجأة، وقد يكون المتوقع اكبر، وايضاً تحدث عن الإدارة العشائرية للأقليم، وإنتقادات كانت بعضها اكثر من حادة.

مايكل روبن هو من اوائل المدافعين عن القضية الكردية، وهو اول امريكي دعا إلى الفدرالية في العراق في العام 2002 من خلال مقال نشره في صحيفة النيوورك تايمز.

الساسة الكرد كما غيرهم من ساسات الشرق الأوسط هم اصحاب عقلية وحدانية، يرفضون ان يعارضهم احد، رغم انهم كانوا يعيبون على صدام حسين عقليته في عدم تفهم معارضتهم له، وطريقة التفكير هذه طالما كانت بين اهم اسباب العنف في التاريخ.
هم لايرفضون المعارضة بل حتى النقد، والأدلة عديدة تبداء من تعامل مسؤولي الحزبين مع الصحفيين الناقدين لسلوكياتهم وتنتهي في تعاملهم مع المعارضين لهم من الأحزاب او فيما بينهم، بل وحتى فيما بينهم داخل الحزب الواحد او العائلة الواحدة، عندما يختلفون في الرأي او يتعارضون في المصلحة.

الشمس لايسد بغربال، ولا احد يستطيع إنكار إستشراء الفساد في أقليم كوردستان العراق، الذي هو بالدرجة الأولى فسادٌ سياسي نابع من سوء استخدام مسؤولي الحكومة للسلطة الممنوحة لهم بشكلٍ سري من خلال المحسوبية والرشوة والإبتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب، وهو يعطل العمل القضائي لأنه يبطل إستقلاليته، وينشر في جميع المؤسسات العاملة في تلك الدولة او الأقليم.

هناللك اسباب علمية وراء إنتشار الفساد في اي بقعة من بقع العالم، وادناه عدد منها وليكون للقارئ مقارنة الأسباب بواقع الأقليم:
1. البنى الحكومية المتناحرة
2. غياب الديمقراطية أو عجزها
3. العجز المعلوماتي، ويشمل:
o انعدام الشفافية في الحكومة (حرية الملعومات) في صنع القرار
o احتقار او إهمال ممارسات حرية التعبير والصحافة
o ضعف المساءلة وإنعدام الإدارة المالية الملائمة
4. الفرص و المحفزات وتشمل:
o عمليات إستثمار كبيرة للأموال العامة
o انخفاض رواتب الموظفين الحكوميين
5. الظروف الإجتماعية وتشمل:
o النخب الأنانية المنغلقة و شبكات المعارف.
o كون السكان أميين أو غير مهتمين وعدم قابلية الرأي العام على إنتقاء الخيارات السياسية.

ايضاً من بين اسباب إستشراء الفساد في الأقليم عدم التفرقة بين الحكومة والأقليم والحزبين الرئيسيين الإتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني، فالحزبين هما من يمولا الحكومة، وهما الحكومة، وهما من يملاكان جميع المرافق الحيوية في الإقليم، وهما من يقرران من يستثمر في الأقليم ومن لا، والقطاع الخاص في الأقليم هو قطاع مسؤولي الحزبين والأقتصاد الحر حُرٌ لمن يقررون ان يكون له كذلك.

جميعنا نحلم بكوردستان مزدهر اكثر من افضل بقعة في المنطقة ولكنني وللأسف ودون ترددٍ اقول بأنني متشائمٌ حول مستقبل الشعب الكوردستاني، كيف لا وجميع المؤسسات الموجودة في الإقليم هي مؤسسات كارتونية إذا ماتعارضت ومصالح أصحاب السلطة، وعلى قمة الهرم يتربع البرلمان الذي يجتمع اعضائه للتصويت على القرارات التي تم الإتفاق عليها خارج جدرانه.


* باحث اكاديمي امريكي، من مواليد 1971 حاصل على شهادة الدكتورا في التاريخ سنة 1999 له عدد من الكتب والمنشورات حول الديمقراطية في العالم العربي والعراق وايران وتركيا، واعماله منشورة في عدد من الصحف العالمية المعروفة، وقد عمل كأكاديمي في عدد من الجامعات العالمية، كان قد زار كوردستان عدة مرات قبل 2003 وقد حاضر في جامعاتها، وقد اعتمد في تقريره على تلك الزيارات وبعض البنوك والمصارف الأجنبية ولقاءات مع عدد من الكرد الذين يقطنون خارج الأقليم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - كوريا الشمالية تعرب عن دعمها الكا


.. حديث السوشال | في الأردن.. معلمة تصفع طفلاً من ذوي الاحتياجا




.. مشاهد لاكتظاظ مدينة دير البلح بالسكان النازحين من رفح


.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا




.. الجيش الإسرائيلي يخلي مراكز الإيواء من النازحين الفلسطينيين