الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الاجتماعي وعلاقته بمشكلة المرأة العربية

احمد محمود القاسم

2008 / 1 / 28
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


يقول الكاتب والباحث حليم بركات:
(إن غالبية الدراسات حول مكانة المرأة في المجتمع العربي، تتبع منهجاً وصفياً، يروي لنا بعض الحقائق والأقوال والآراء والمفاهيم وغيرها، ولا تتبع منهجاً تحليلياً، يفسر لنا لماذا هذه المكانة بالذات، وحين تتجه الدراسات، نحو المنهج التحليلي، يأتي تحليلها مثالياً، فيشدد على الثقافة والتراث والتنشئة، ويتجاهل البني الاجتماعية، وعمليات الإنتاج وتوزيع و تقسيم العمل، وبعض الدراسات تشدد، على الاستمرارية التاريخية، أو التنشئة في العائلة، أو على المعتقدات الدينية، أو على تغلب الأعراف القبلية، على القيم والمقاييس الدينية، أو غيرها على صعد الثقافة).
و حول علاقة الدين بمكانة المرأة، هناك الرأي الديني الذي يقول:
" إنما المرأة خلقت من ضلع عوجاء " والرأي الذي يغلب عليه، اعتبار الدين، انه فرض النظام الأبوي، والرأي الذي ينزه الدين من مسؤولية استعباد المرأة، ويؤكد العكس، انه حررها وساواها بالرجل، والرأي الذي يقر بأن الدين، ثبت الفروقات الطبيعية.
يتمثل الرأي الذي يقول، بفرض الدين للنظام الأبوي، بدراسة مهمة بالإنكليزية، للكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي التي ترى، أن النظام الأموي (من الأم)، الذي كان معروفاً لدى بعض الجماعات والقبائل في شبه الجزيرة العربية، انتهى بظهور الإسلام، فرسخ النظام الأبوي، وأبقى على امتيازات الرجل.
يتمثل الرأي الذي يقول، أن الإسلام حرر المرأة، بمقالة للكاتبة المصرية أمينة السعيد، التي أكدت أن الدين الإسلامي، جاء بمثابة أضخم ثورة اجتماعية في تاريخ الأوضاع النسائية، لا عندنا وحدنا، بل في الدنيا بكاملها، فقبل مجيئه.. لم تكن المرأة في أي ركن من العالم، اكثر من كائن حي، لا حقوق لها ولا احترام لآدميتها، ثم إذا بالدين، الذي ظهر في منطقة صحراوية جرداء، يقلب الوضع رأساً على عقب، ويعترف للمرأة بكامل آدميتها، ويسلحها بالاستقلال الاقتصادي في أوسع معانيه، ويحررها من ولاية الرجل عليها، فيما يتصل بجواهر الحقوق، مثل التعليم والبيع والشراء والعمل والتجارة، بل، وأشركها أيضا في تدبير شؤون الدين والسياسة.
يتمثل الرأي الذي يقر، بأن الدين ثبت الفروقات الطبيعية، بكتابات وأقوال عدة، فتذكر مجلة الفكر الإسلامي، أن الإسلام " ساوى بينها وبين الرجل، فيما يمكن التسوية فيه.. وفاضل بينهما، فيما لا يمكن التسوية فيه، فأوجب على الرجال الجهاد.. والسعي على العيال، وخفف عن المرأة ذلك، مراعاة لامكاناتها الجسدية، وظروفها الشخصية وتكاليفها العائلية ". مقابل هذا المنهج المثالي، هناك منهج اجتماعي، يفسر مكانة المرأة في المجتمع العربي، بأنها تعود في الأساس لموقعها في البنى الاجتماعية، وتقسيم العمل المعتمد في المجتمع، ودورها في عمليات الإنتاج، و هامشيتها في النظام العام السائد.
رأى قاسم أمين (1865م- 1908م) في مطلع القرن العشرين، أن وضع المرأة، هو جزء من الوضع العام، الذي يقوم بسيطرة القوي على الضعيف، وأشار إلى علاقة اضطهاد المرأة، بأشكال الاضطهادات الأخرى، فنبه بقوله، أن المرأة في البلاد الشرقية في رق الرجل، والرجل في رق الحاكم، فهو ظالم في بيته، مظلوم إذا خرج منه.
في الوقت الحاضر، وبعدما أفل القرن العشرين، تقول لنا خالدة سعيد في لغة الاغتراب، إن المرأة العربية، كائن بغيره، لا بذاته، فتحدد هويتها بالنسبة لكونها " زوجة فلان او بنت فلان او أم فلان او أخته، وان وضعها يرتبط بالنظام الطبقي، فحيث تكون العلاقات، علاقات بين سيد ومسود، يصعب أن تجد فيه المرأة الحرية الحقيقية، وان تستعيد فيه إنسانيتها، فتعاني بذلك " اغترابين، اغتراباً طبقياً، واغتراباً على صعيد البنية التحتية في نطاق الأسرة، فهي عبدة العبد.
أما عن علاقة وضع المرأة بالنظام العام، فتقول د. نوال السعداوي:
" إن تحرير المرأة، لا يمكن أن يحدث في مجتمع رأسمالي، وان مساواة المرأة بالرجل، لا يمكن أن تحدث في مجتمع يفرق بين فرد وفرد، وبين طبقة وطبقة، ولهذا فان أول ما يجب أن تدركه المرأة، هو أن تحريرها، هو جزء من تحرير المجتمع كله من النظام الرأسمالي ". رغم أهمية تأكيد العلاقة بين مكانة المرأة والنظام السائد، فان هذه الدراسات الاجتماعية، لم تتمكن بعد، من تقديم نظرية متكاملة منهجية، تربط بين النظام العام والثقافة، والعوامل النفسية والعقلية، ومكانة المرأة الدونية هذه.
بعد أن تشدد د. نوال السعداوي على النظام العام، والمسببات الاقتصادية والاجتماعية، تعود لتشدد على العوامل النفسية والشخصية فتقول إن " عدم نضج المرأة وعدم نضج الرجل " هو السبب الرئيسي وراء معظم الانحرافات والمشاكل الاجتماعية والنفسية والجنسية، فيتحول إحساس الرجل بإيجابيته الى المبالغة في السيطرة، وميل الى الأنانية و السادية (الرغبة في الإيلام)، وتزيد من إحساس بسلبيتها، لتصبح مبالغة في الخضوع و الماسوشية (الرغبة في استشعار الألم)".
المرأة كائن بغيرها، لا بذاتها، وفي ضوء هذا المنظور الاجتماعي، سنرى طبيعة علاقة مكانة المرأة الدونية، بالبني الاقتصادية والاجتماعية، وتوزيع العمل والمشاركة في عمليات الإنتاج.
على الرغم من تشديد القبيلة في البادية على العصبية القبلية، وقرابة الدم والمساواة والبساطة في توزيع العمل، فإنها حرمت المرأة، من المشاركة على قدم المساواة بالرجل، في القتال والغزو، الذي شكل تاريخياً، المصدر الأساسي للدخل في البادية.
اعتبر المجتمع في سبيل ترسيخه لعملية إضعافها، أن المرأة فصيحة اللسان، ومصدر الكيد والفتنة، وقال إنها " رضعت وإبليس من ثدي واحد " وأنها سبب العلة والمسئولة عن الخطأ، واشترط الرجل البدوي على زوجته ليلة زفافه قبل كل شيء، أن تحترم والديه، وتخدمهم وتطيعهم، وفيما عدا الحرب، فان المرأة، تعد جميع وجبات الطعام، وتهتم بإنزال وترتيب ونقل جميع مقتنيات العائلة، بما فيها الخيمة، كما تهتم بالرعي، وحلب وسقاية الإبل والحياكة، وقد تذهب الى الأسواق، فتبيع وتشتري، ولكن الرجل، يصطاد ويذبح الحيوانات، ويسلخها فقط، ويحارب ويدرس، ويعمل لقاء أجر، ويخدم في السلك العسكري، بسبب هذه المسؤوليات، يتمتع الرجل، بأنه يأكل ويشرب القهوة قبل النساء، ويعيش حياة متنوعة خارج الخيمة.
تقتضي مهمات العمل الزراعي في الريف، أن يعمل جميع أفراد الأسرة، الرجال والنساء والكبار والصغار معاً، وتتعدى مهمات المرأة الأعمال المنزلية، الى الاهتمام بالمواشي والمزروعات، وجني المحاصيل والبيع والشراء في الأسواق والحياكة، والخياطة والاحتطاب، وجلب المياه وغيرها من الأعمال، التي لا تتقاضى لقاءها أي اجر.
لا تزال المرأة محرومة في الواقع، في الريف العربي، من حق توارث الأراضي وتملكها، ولا تزال عرضة لجرائم الشرف والزواج دون موافقتها والعقاب، حين لا تتقيد بالتقاليد المتبعة، وهي لا تزال مضطرة للتظاهر بعدم امتلاك السلطة، حتى حين تملكها، إنها في الوقت الحاضر تستمد مكانتها الخاصة، ليس من مسؤولياتها ومشاركتها النادرة في العمل الإنتاجي، بل من كونها أما وابنة وأختا، ولكنها مثل الأرض، رمز للخصب، فتعطي أكثر بكثير مما تأخذ.
وحرمان المرأة من المسؤولية والأجور، لقاء أعمالها في البادية والقرية، ربما فاق حرمانها في المدينة، رغم ما أسبغ على المرأة من مظاهر التحرر، وكانت نساء الطبقات الفقيرة، وما زلن يعملن لقاء أجور زهيدة، وتكاثر عدد نساء الطبقات المتوسطة المنبثقة، العاملات في التعليم والإدارات العامة والخاصة.
نساء الطبقات الغنية، كن وما زلن مترفات ومرفهات، دون مشاركة في الإنتاج، منصرفات للتسلية والرياضة والسفر وتبادل الزيارات واقتناء الجواهر والأزياء الحديثة، ورموز الثراء، وفي جميع الحالات، المرأة هامشية في مراكز النفوذ السياسي، والنشاط التجاري والحرفي والعبادة، ثم إن عملها خارج المنزل، هو امتداد لعملها داخله، فيغلب عليه طابع الخدمة، كما في التعليم الابتدائي والتمريض والسكرتارية والادراة والخياطة والحياكة وحفظ المواد الغذائية.
يبقى عمل المرأة، مسانداً لعمل الرجل، وبضغط من غلاء المعيشة، وتأمين السكن والحصول على المواد الاستهلاكية، والتخفيف من أعباء العائلة، او تحسين اوضاعهما بالتنافس مع العائلات الأخرى.
تسلم المرأة العاملة راتبها للرجل، في أوساط العائلات الفقيرة، المسئول الذي يعيد إليها جزءا صغيرا منه، مصروفاً لها، كما لو انه يمنحها إياه من جيبه الخاص، وفي حالة الطبقات الوسطى، تعمل المرأة لتساعد أهلها أو زوجها، ولشراء ما تحتاج إليه من ثياب، وحلي وأدوات زينة وغيرها، مما تزداد الحاجة إليها، وترتفع أثمانها في مجتمع تنافسي استهلاكي، وهناك ميل واضح بين نساء الطبقات الغنية، نحو التعالي عن العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 4 وزيرات ومحافظ و14 نائبة.. شاهد تواجد المرأة فى التشكيل الح


.. كيف أثّر #بسّام_فتوح على قرار النجمة #اليسا بالمشاركة في حفل




.. سيدة إيرانية تتجول في شوارع لندن.. وتترصد النساء المحجبات وت


.. شبكات | مكافأة 5 ملايين دولار للوصول إلى أخطر امرأة في العال




.. قلوب عامرة - ما هو حكم سفر المرأة لإتمام الدراسة العلمية من