الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين .. هل هو اغراق العقول بالتأمل ؟

اسعد الامارة

2008 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التساؤل الذي يطرح نفسه عبر العقود والسنين هو : ما هي وظيفة الدين الحقيقية ؟ اليست هي تبصير الانسان بما يدور حوله من مشكلات معاصرة ومحاولة المقاربة في حلها من خلال النصوص الالهية التي لا تقبل التأويل ، اليس حقاً ان يمنح رجال الدين ممن تخصصوا في التفسير او الفتاوى باعطاء الحلول للمسائل المتعلقة بامور هذا الدين او ذاك المذهب ، الم يكن رجل الدين يوما ما معلماً يعلم الناس القراءة والكتابة ويبسط المفاهيم لعامة الناس لكي تدخل الى عقولهم سهلة ومقبولة مع المرونة والتسامح ، الم يكن رجل الدين يوما ما فيلسوفا في معرفة اسرار الكون والخلق وحول هذه المعرفة له القدرة على تفسير امور الحياة حتى وان صعبت واستطاع ان يذلل الصعاب للفرد المتعلم والفرد الامي . ما بال الناس اليوم بعد ان اجتازت الاديان عصر الخرافات والغيبيات والاوبئة الثقافية عابرة العقول الى عالم الواقع ومشكلاته وضغوطه الصعبة على كاهل انسان اليوم ، هل خصي العقل الديني ازاء التحولات العظيمة في التكنولوجيا والعلوم والاتصالات وتقهقر ام ان رجالاته لم يعدو قادرين على الايفاء بالتزاماتهم فراحوا يأملون الناس في كل يوم وفي كل ساعة ودقيقة وثانية بظهور مخلص لمحنهم وبلواهم .
يرى علماء النفس ان العقل حينما يتعرض للخصاء تفقد لديه ميزات الابداع والتفوق في مواجهة المشكلات وايجاد الحلول للمسائل الحضارية التي يعايشها الانسان اليوم ، ويؤكد علماء النفس ايضا ان القدرة على التعامل مع المواقف والمثيرات الجديدة بشكل توافقي يؤدي الى حل مشكلة قديمة او الى انتاج منتج ابداعي جديد . وتكون له القدرة ايضا على التعامل مع الجديد ، فقدرة الفرد على استخدام معلوماته السابقة وحسن تنظيم مكوناته المعرفية الادائية في التعامل مع المواقف او المشاكل الجديدة يكون بشكل توافقي وخلاق وبذلك يستفيد من المهارات الجديدة المتعلمة في المواقف التي لم يسبق مواجهتها من قبل الى مهارات آلية لا تستغرق الكثير من استخدام اداءات العقل المتعددة ، وازاء ذلك هل يمكننا القول ان المدرسة الدينية العريقة باتت لم تعد برامجها تناسب التطورات الكبيرة والعظيمة الحاصلة في نواحي الحياة المتعددة فرأى البعض ان افضل وسيلة للهروب من المواجهة هو اغراق العقول التي طلبت النجدة والتفسير والحلول لمشكلاتها المستعصية وما زالت تبحث عن الحلول ولم يجد رجال الدين من تفسيرات جديدة وابداعية لهذه المشكلات ، هو توجيهها نحو التأمل في انتظار من يخلصها والتركيز على الاهم وهو تحويل مسار تفكير الناس بتعميق التأمل الغيبي في ظهور من يخلصها وهي وسيلة الخائبين او غير القادرين على مواكبة او مواجهة سلطان التطور السريع وازاء ذلك اتجهوا نحو الهروب من المواجهة بانتظار من يخلص الناس وهذا يقودنا على قول بليغ هو انتهاء السعي وراء الجنة والخوف من النار اي بانتهاء تفضيلهما للشئ على ضده فانهم وجدوا السكينة في قبول الحقيقة حتى وان كانت مرة وقاسية وبلغة العصر آمنوا هؤلاء رجال الدين الجدد ليس هناك شئ افضل من شئ او على تعبير القول الشائع " ليس بالامكان ابدع مما كان " فالفرد في هذه اللحظة يكون متعاليا على الرغبة متقبلا للواقع كما هو مستسلما لا يسعى الى تغيير شئ وهو يشعر انه جزء من هذا الواقع وربما مكمل له ، هذا هو حال رجال الدين اليوم في وضع الناس الذين رأوا فيهم قدرة التخلص من هذه الضغوط بحرفهم عن جادة الصراط المستقيم ببناء معتقدات خرافية تأملية وصدق عالم النفس الشهير "البروفيسور فرج احمد فرج رحمه الله" قوله نعم للتخلف احزان تلقى بظلالها الكئيبة على كل ابعاد الوجود يتجلى التخلف اول ما يتجلى في العجز عن ادراك الواقع ادراكا صحيحا وذلك من خلال فلول انشاء منظومات عقائدية وهمية تؤمن بالغيب الذي سيخلص الناس من همومها امثال جند ؟؟؟؟؟؟ وما شاكل تلك الجند ويقول علماء النفس ان مثل هذه الشخصيات تتواجد في انسجام تام بلا صراع بينهم وبين واقعهم ولا صراع بالتالي بين جوانب من هذا الواقع وجوانب اخرى فالذي يفطن اليه ان تفضيل شئ على ضده ليس الا اسقاطا لاحساسه بتناقض ذاته مع واقعه واذا انتهى هذا التناقض بين الذات والواقع فان الصراعات الخارجية تبدو وهمية بالتالي اصبح رجال الدين الذين لم يستطيعوا ان يواكبوا التطور في الحياة المعاصرة ولم يتصدوا لدراسة الظواهر التي يعاني منها الانسان كمثل الذي يهرب معتقدا انه حقق الانسجام مع الواقع باستسلامه له لا بتغييره .
ان الدين بتعاليمه السماوية في الحقيقة هي مجموعة افكار تشكل منهج حياتي لكل الناس وهي افكار ديناميكية مرنة تقبل التطور والعصرنة وترى في مواكبتها نصوصا تتطابق مع هذه التحولات السريعة ، اما اذا عجز رجال الدين في تفسير النصوص او مواكبة دراسة الظواهر وايجاد التفسير الحضاري لمشكلات الانسان المعاصر على وفق ما ورد في النصوص الدينية والثوابت من الكتب المقدسة فأنه سيلجأ حتما الى التبرير ، والتبرير كما هو معروف سيكولوجيا حيلة دفاعية يلجأ اليها الفرد حينما لا يستطيع حل او مواجهة معضلة حقيقية تربك وجوده وكيانه. والتبرير هو دائما الكذب على النفس . اما الكذب فهو الكذب على الناس ، وهنا يضيع الفسير الديني للظواهر بين التبرير والكذب واغراق العقول التي تبحث عن الخلاص في المواجهة بالتأمل في من سيخرج ويعلن العدل في الارض وينشر القصاص واولهم رجال الدين ثم يعيد تفسير كل تلك الظواهر تفسيراً صحيحاً . اذن الامر يعود برمته الى فشل رجال الدين في احتواء ازمة الانسان المعاصر ، انسان الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، انسان القفز العلمي السريع بكل ابعاده في مجالات الحياة .
اذن العنصر النفسي عنصر مهم وحاسم في معرفة اغراق الدين بالتأمل والمخلص وتكوين الجند الذين سيكونون العون لهذا المخلص الوهمي ، اليس السؤال الاكيد هو هل يحتاج هذا المخلص لخدمات من اصابهم الوهن النفسي واقعدهم طول الانتظار حتى جعلهم كعصف مأكول في دواخل انفسهم . ان توقف اشكال الحياة الاجتماعية والاقتصادية والانتاجية والعقلية لدى هؤلاء الناس كما هو حالة المجتمع في العراق اليوم وما تدور به من دعوات بانتظار غودو او من يحمل سيفا من خشب ، انه التخلف وافكاره ليس في مواكبة العصر فحسب وانما في التفكير وهذا ما اتاح لمثل هؤلاء رجال الدين التحكم في المتخلفين والسيطرة عليهم في مصيرهم .
ان هذه الرؤية تذكرنا ويلج في ذلك بأن ثمة فرقاً بين المحاولة لتحويل التفسير الديني العلمي الذي لا يرى في التطورات الحديثة في العلوم بانها سبر اغوار الدين الخالص نحو التفسير الصحيح ووجود الآليات المناسبة لعلاج اشكالات الواقع بكل قسوته والخروج من الشعوذة والتأملات في من سيخلص الناس من معاناتها وحيرتها وبين فعل التأمل الذي يعد بحد ذاته نفي لعقل الانسان في التفكير وايجاد الحلول .
اذن لم يعد الدين شكلا من بين عديد من اشكال الحياة الفكرية الممكنة يقبل او يرفض هذه الافكار او التغيير الذي يفضي الى النجاح ، الا يقتضي ذلك كله تجديدا عقليا ونفسيا شاملا لكل من يدرس في هذه المؤسسات العلمية الدينية سابقا ، والدينية الخرافية حاليا ، الا يقضي ذلك مبادرة تحل محل السلبية والانطواء بتشكيل مجموعات خفية بين رجال الدين تعلن عن اسماءها ورجالها وجندها فجأة بدون سابق تمهيد ، الا يقتضي مراجعة شاملة لكل ما هو انساني في المعتقد والتبرير والتأويل والتأمل والوضوح في الدين وخفاياه المبطة . جدير بالذكر ان هؤلاء من رجال الدين يتخذون من هذه الافكار مهنة يغلب ان يكونوا غير متزنين نفسياً فينفسون اثناء ممارستهم "طقوسهم" عن الحبيس من الميول المحظورة التي لم يفلحوا في ضبطها والتحكم فيها جيدا،وبعبارة اخرى فإن مواهبهم الخفية تزودهم بما يمكن لهم من الظفر بقدر كاف من الاتزان ما كانوا ليحصلوا عليه بغير موهبة التخفي بالدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 121-Al-Baqarah


.. 124-Al-Baqarah




.. 126-Al-Baqarah


.. 129-Al-Baqarah




.. 131-Al-Baqarah