الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظواهر الدينية والاغراق في اللاوعي

عبد العالي الحراك

2008 / 1 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صعب جدا على العقل السليم , ان يستوعب المظاهر والممارسات الاعتقادية السلبية المبنية خاصة على الغيب , التي يقوم بها من يدعي الدين , يجيش خلفه آلاف الناس على الاعتقاد بها وكأنها حقيقة قابلة للتطبيق بأرادة رجل الدين ..ان تفشي الظاهرة الدينية في العراق بعد سقوط النظام السابق بشكل مرعب وخطير, بسبب ما سبقه من خنق للحريات وانبعاث الفكر الديني والممارسات الدينية حتى بلوغ درجة الهوس والشعوذة لدى عامة الناس , كعلاج نفسي وحيد وممكن لترويح النفس من هموم الحياة الثقيلة وعنائها . الشيء الأغرب ان قيادات الدين في العراق و أيات الله هي التي تحكم البلاد الان , بمعنى ان سلطانها في سلطتيها الاثنتين التنفيذية والتشريعية, ان لم نقل السلطات الثلاث . فالحكومة والبرلمان بيد رجالات الدين وممثليهم من قادة الاحزاب الاسلامية , هم قادة الوزارة وقادة البرلمان ويفترض ان تخف معاناة الناس , ليس جميع الناس بل ناسهم الذين خدروهم دهورا , فيفترض ان يخففوا عنهم بعض الشيء اثناء حكمهم , وتحل المشاكل ولو تدريجيا ولكن ما يحصل هو العكس , رغم انهم غالبية والحكم لهم وبأسمهم .. هذا الجانب من المعاناة ليس له شديد العلاقة مع الاحتلال او الارهاب , وانما يتعلق بطبيعة الحكم المبني على العقل الديني الذي يعتمد على تخدير عقول الناس البسطاء , ومحاولة التصديق بان مشاكل الانسان تحل مخدرا , معتقدا باوهام حلها بدلا من حرية العقل التي تسمح بالتطوروالتفكيرلايجاد الحلول وتمكين الانسان من حل مشاكله مستخدما عقله. فبالرغم من الحكم الذي يسيطرون والسلطة التي بها يأمرون وينهون , الا انهم غير قادرين على حل أي مشكلة , بل هم يعتقدون بان مشاكل الحياة تتعقد تدريجيا والانسان الموجود على الارض هو انسان فاسد بالضرورة , لهذا اوجد الله انسان اخرا دعاه معه الى الغيب يخرجه الى الدنيا عندما تستفحل المفسدة ويطغى الشيطان , فيبعث الله بذلك الانسان الخارق القوة ليحل هذه المشاكل بالقدرة الالهية ويعيد البشر الى طاعة الله وانهاء الفساد , وهذه الظاهرة التي تعبر عن غياب الوعي بصورة كاملة , وتحرك العقل الباطن فقط تظهر كلما تمعن الحكم الديني في الدولة , وكلما ظهر الفساد وظهرت الحاجة الى المنقذ. ففي ايران تبرز هذه الظاهرة بشكل واسع وقت ظهور الازمات الدينية , كظهور مجتهد معارض او مجموعة تعترض على امر ما للحكومة , او اعتقال اية من ايات الله , ووضعه تحت الاقامة الجبرية , وهم كثر منذ وجود الخميني ولحد الان ولها علماؤها ومروجيها , والان في العراق اصبحت من اوسع الظواهر الغريبة انتشارا فقد حضر وانشأ جيشا لها السيد مقتدى الصدر, ولا تفارق افواه الناس كلمة الامام المهدي او الامام المنتظر , مقرونة بأسم السيد القائد مقتدى الصدر , ويفترض ان يكون المهدي هو القائد و يكون الصدر نائبه وهو وكيل الامام الان ولحين ظهوره .. ثم ظهور جند السماء واعتمادها نفس الفكرة ونفس الامام . واخيرا الظاهرة المهدوية التي قادها ما يسمى احمد حسن اليماني الى مصيرها البائس وعرض ارواح مئات الناس الى القتل والخطورة . المشكلة ان الحكومة تؤمن ايمانا قويا بهذه الظاهرة , وهي لا تروج لها علنا لانها مشغولة بهمومها ومصائبها بل تؤيدها وقد تدعم قادتها بشرط ان لا يعارضوها , او على الاقل لا يرفعوا السلاح في وجهها , فالبطش جوابها وكلنا يعلم مئات او آلاف الضحايا راحوا هباء اثناء فاجعة ما يسمى بجند السماء في العام الماضي , وقبل ايام عشرات القتلى ومئات الجرحى من مهدويي اليماني . تنشأ الفكرة ويبنى التنظيم ويمول ويسلح ويتدرب ويقوم بفعله العسكري والحكومة لا تفعل شيئا يسبقه الا حين يبدأ العنف فترد عليه بعنف اشد وتعتبره انتصارا عظيما ضد زمرة من البشر خارجة عن حكم الله والقانون واخيرا على الدستور ايضا .. لهذا يعجز العقل السليم عن تفسير جميع هذه الظواهر وردود الافعال ازائها من ناس يؤمنون بنفس الظاهرة ويسمونها بالظاهرة المهدوية وقد علق عليها اليوم الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية وخبير الحوزة الدينية على الدباغ واعترف بوجودها واحترام الحكومة للقائمين بها ورعايتها لهم ولكنها أي الحكومة تضربهم بشدة عندما يخرجون على القانون ويرفعون السلاح . فهل يا ترى ان قانون الحكومة اقوى من مبدأ المهدوية وجيشها ؟ فهي حركة عقائدية عسكرية كما يصفها مقتدى الصدر, تهيأ وتعد قبل خروج المهدي لترد على فساد لا يطاق فكيف بمن يؤمن بها ويرعاها يقوم بضربها بالقوة العسكرية ؟ اليس هو الهوس المضاعف في العقل الديني الخرافي الذي يقسو عندما يحكم لانه يرفض من يتجاوز على حكمه حتى وان ادعى بالمهدوية ؟ . الى اين تعود بنا الحكومة القهقرى المدنية ؟ الى القرون الوسطى ام ابعد ؟ .. اسأل علماء تاريخ الاديان والممارسات الدينية ان يشرحوا للشعب هذه الظواهر ومدى خطورتها والى اين يسيرون بالشعب هؤلاء الحكام الجهلة المشعوذين المتناقضين من رأسهم حتى اجيف طيات اصابع اقدامهم ؟ . ادعو اساتذة علم النفس والجتماع ان ينورونا بدراسة حول الظاهرة المهدوية ولينبهوا الشعب كيفية الوقاية منها , ام انها ظاهرة وبائية لا وقاية منها كما لا علاج لها الا بازاحة الحكم الديني الطائفي والتوجه الى بناء دولة ديمقراطية مدنية؟ . في كل موضوع معقد وكل شأن عراقي مقزز لا حل له الا مع القانون المدني والدولة المدنية والاحزاب المدنية والعقلية المدنية.. فالى التحالف والتآزر يا قوى اليسار والديمقراطية من اجل القضاء على كل الظواهر السلبية التي ابتلى بها شعبنا وبلادنا . عبد العالي الحراك 25-1-2008










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت: نتنياهو لا يري


.. 166-An-Nisa




.. موكب الطرق الصوفية يصل مسجد الحسين احتفالا برا?س السنة الهجر


.. 165-An-Nisa




.. مشاهد توثّق مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة في المسجد الحرام