الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الطفلة العراقية ( زهرة ) وعار المنطقة الخضراء كما ترويها جريدة ( اكسبريسن ) السويدية...!

محسن صابط الجيلاوي

2008 / 1 / 29
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


تحت عنوان بارز وكبير ( الحل الأخير لأم عراقية ) نشرت جريدة اكسبريسن السويدية تقريرا مطولا قامت به الصحفية ( تيريز كريستيانسون ) والمصور( توربيورن اندرسون ) وقد مر هذا التقرير المفزع دون أن يثير أي ضجة من منظمات المجتمع المدني أو المنظمات النسائية العراقية أو من قبل الحكومة العراقية وأحزابها أو من دول الاحتلال بل هناك محاولة للتعتيم تشترك فيها قوى محلية ودولية لأنه يقدم دليلا ماديا صلدا يعبر بوضوح عن فشلها الذريع في تقديم أي وضع إنساني أو حياة تليق بالبشر للعراقيين ويقدم مؤشرا مأسويا عن حالة الأمومة والطفولة بحيث هناك سوق شبه علنية للتجارة بالأطفال مما جعل من السهولة والمُستطاع حتى لصحافيين أجانب في الوصول إلى تفاصيلها المخزية والتي تعني بوضوح عن عمق وسعة تلك الحقيقة المفجعة والمأساوية عن حالة شعب العراق اليوم، تلك الحالة التي قد تكون الأولى والأسوأ في كامل تاريخه الحديث والقديم، فبيع الأطفال حالة تتنافى مع قيم وموروثات البلد وتقاليده وأعرافه وروابطه الاجتماعية والدينية والأخلاقية والنفسية والعشائرية...هنا أقدم التقرير مترجم مع كل التفاصيل عسى أن تحرك ساكنا وان نفعل أكثر كمثقفين وكتاب ومنظمات مجتمع مدني مستقلة عن الاحتلال وأحزابه وكل من تهمه هذه القضية الإنسانية والأخلاقية الكبيرة للقيام بواجبة تجاه مستقبل مجتمعنا وأجيالنا..لنصرخ ولنعمل جميعا بشكل فعال وملموس ضد هذا الواقع الفظيع والمرعب حقا..!

ترجمة التقرير
زهرة تبلغ من العمر أربعة اشهر وتسكن في بغداد، زهرة للبيع مقابل 500 دولار. والدتها مُجبرة على اتخاذ هذا القرار لبيعها في سوق تجارة الأطفال السوداء هذا التصرف متعلق بالنجاة واستمرا الحياة.
في زاوية من مكان خاص بالمهجرين تجلس زهرة، ملفوفة بملابس وقطعة قماش سميكة، شاحبة الوجه بشكل مفزع، وسط برودة قاسية، زهرة تنظر بحرارة ودهشة في عيوننا.لا يوجد لتدفئة هذا المكان سوى عين لطباخ صغير، ووجوده لا يساعد بسبب انقطاع التيار الكهربائي عدة مرات في اليوم.
..تقول والدتها سهيلة:-
- زهرة صحتها ليست على ما يرام، وأنا ليست لدي الإمكانية أو القدرة على شراء حليب لها.
هي لا ترى أي حل اخر سوى بيع ابنتها في سوق بغداد لتجارة الأطفال، تلك هي نتيجة الصراع الدائر في العراق، فشبكة المساعدات الاجتماعية السابقة من العوائل والجيران قد اختفت نهائيا الآن كل واحد يحاول أن يدبر أموره، لهذا سعر زهرة قد تقرر مسبقا500 دولار.
- لو كانت حالتي أفضل ومختلفة لاستطعت أن أتدبر أمرها، ولكن هذا مستحيل بالنسبة لوضعي الان، غدا سألتقي شخص سيساعدني على بيعها وسأرى كيف يتم ذلك. هكذا تتحدث سهيلة من خلال صورتها الحزينة نشعر وكأنها على وشك أن تذوب من الحزن والقهر.
ماذا أفعل..؟
تعرف سهيلة بأنها لن تحصل على ضمانات على أن زهرة ستعيش وسط عائلة مليئة بالحب والحنان، هي تخشى بان صغيرتها ستقع بأيدي تجار يستخدموها في تجارة الجنس المنتشرة أو سيتم ترحيلها خارج العراق للحصول على مبالغ إضافية عبر سوق تبني الأطفال.
- ماذا أفعل..؟ لا توجد أي مساعدة، بالإضافة إلى ذلك أنا مصابة بمرض الربو ولا املك أي إمكانية لشراء الدواء، أنا قلقة جدا كوني سأموت قريبا وتبقى زهرة وحيدة مرمية على قارعة الطريق.هكذا أصبحت حياتي، تقول سهيلة بصوت خافت وتائه.
العمل تحت التهديد بالقتل OWFI Organization of Womens Freedom In Iraq
تلك المنظمة تكافح من أجل حرية النساء في العراق، أعضائها يعملون تحت التهديد بالقتل، سهيلة أحدى النساء الكثيرات اللواتي يسعينَّ للحصول على أي مساعدة ممكنة من هذه المنظمة.
جريدة اكبريسن ولمدة أسبوعين في بغداد استطاعت أن تتابع ظروف عملهم ولقاءهم بشكل مباشر مع النساء، استطعنا اللقاء بعدد من النساء اللواتي وضعيتهن أحيانا تجاوزت أي وضع إنساني بحدوده الدنيا، لا توجد أي كلمة لوصف معاناتهم.
حد اللحظة هناك صمت على معاناة النساء في العراق، فهناك التهديد بالخطف من مختلف المجاميع الإرهابية، عدد كبير من الصحفيين تعرضوا للقتل...التفجيرات في الشوارع جعلت عمل الصحفيين والمنظمات التي تقدم المساعدات صعبا للذهاب إلى بغداد للتحقق من الحياة في الشارع العراقي، عدد من الصحفيين اجبروا على العمل بحماية القوات الأمريكية أو من خلال مسلحين عبر شركات الحماية التي تعمل في العراق. المتعارف أو القانون يقول لا يحق لأحد التقرب لأي موقع أمريكي أكثر من 100 متر، و شركات الحماية لها سمعة سيئة بتناقلها أهالي بغداد، لهذا يخشون التقرب منها، بالإضافة إلى ذلك فالنساء في خوف من الحديث عن أوضاعهن المأساوية...!
بواسطة التنقل بسيارة قديمة جدا والتي من الممكن أن تختفي وسط فوضى المدينة العارم، وبرفقة عراقيان من الذين يعرفون بغداد جيدا، نجحنا خلال أسبوعين من الاتصال بعدد من النساء اللواتي لهن الجرأة على وصف الوضع في بغداد وعن معاناتهن، تحركنا تم وسط إجراءات احترازية عالية لكي لا يتم اكتشافنا، لهذا كان علينا أن لا نتوقف في مكان ما أكثر من اللازم بسبب ارتفاع جرائم الخطف.

مقطفات إضافية من بقية التقرير وبتصرف مني
كثير من النساء يجمعهن هذا المكان الرطب، يعشن بلا مساعدات، في اللقاء الثاني مع سهيلة وزهرة وهم في طريقهم للقاء بامرأة لتنظيم عملية البيع، تبدو زهرة هذه المرة نظيفة، بيد والدتها كيس فيه حاجياتها وأغراضها..
لقد عرفت أن هناك عائلة لا تنجب أطفال يريدون شراءها، لكن لا يريدون أن التقي زهرة في المستقبل لا أعرف هل أوافقهم على هذا الشرط..؟
سهيلة كانت متزوجة سابقا ولها أربعة أولاد لكنها انفصلت بسبب خلافات مع عائلة زوجها تاركة له الأولاد....بعد عدة سنوات التقت والد زهرة، سكنوا لفترة قرب المنطقة الخضراء...ولكن بعد اختيار هذه المنطقة كحصن امني تقرر ترحيل العائلة إلى المجهول ومنذ تلك اللحظة بدأت مصاعبها مع الحياة، عندما كانت حامل في شهرها الثاني فُقد الزوج. هي تعتقد بأنه ذهب إلى المناطق السنية حيث قتل هناك لان ذلك حدث أيضا مع بعض أصدقاءه لكن لحد الان لم تعثر على جثته...!
الموت انتشر في العراق بعد عام 2003 الكثير تركوا منازلهم بسبب المليشيات والنزعات الطائفية..الخوف والرعب ينتشر في شوارع بغداد..بالنسبة لسهيلة ليس مهما ما يتحدث ويقوله العالم عن الوضع في العراق، بالنسبة لها الأهم بقائها وزهرة على قيد الحياة....بينما كنا نتحدث معها عن الظروف التي مرت بها وصلنا إلى أحد الأحياء حيث ستلتقي هناك بتلك المرأة التي ستنظم صفقة البيع...سهيلة ذهبت مع زهرة بمحاذاة درج صغير خلف أحد المخابز، عليها أن تبيع زهرة من أجل أن تعيش، مجموعة من الأشخاص حوالي 5-6 من العاملين في المخبر ينظرون بلطف ولكنهم تسائلوا بالتأكيد ماذا يفعل أجانب مع هذه المرأة والطفلة هكذا يبدو أنهم يفكرون؟ تساءلت بصمت كم عدد الأطفال الذين بيعوا بجانب مخبزهم....طلبنا اللقاء بتجار الأطفال لكن المرأة رفضت ورجت سهيلة أن تعود لوحدها مرة ثانية.
هناك منظمات تنظم بيع الأطفال إلى الأجانب...هناك عدد كبير من ملاجئ الأطفال..والمنظمات الإنسانية غير قادرة بحكم مواردها الشحيحة على تقديم الأفضل..الوضع سيئ للغاية على حد تعبير زينب حسين العاملة في أحدى هذه المنظمات.
في يومنا الأخير في بغداد علمنا أن السعر النهائي لزهرة قد تقرر 1000 دولار، الشيء الوحيد المتبقي هو التسليم، عندما التقينا زهرة للمرة الأخيرة كانت حرارة جسمها قد انخفضت وشعرها الأسود الطويل لم يعد رطبا بسبب العرق الناتج عن ارتفاع الحرارة...تنظر نحوي بفضول وتبتسم...عندما تسمع صوت الكاميرا تضحك وتختفي خجلا بين أحضان والدتها...أمها تقبلها وتبتسم بوهن، رابط الحب بين الأم والابنة لا يمكن أن يُخْطِيء بعمقه...في تلك اللحظة تمنيت أن تحدث معجزة...!
ملاحظة مني
يبدو من التقرير أن قدر هذه العائلة التعس قد تقرر مع وجود المنطقة الخضراء حيث تقرر تجريدها من المسكن وتركها لوحدها أمام مصير صعب وقاس..وانتقاما لذلك أصبح الأب معارضا كنتيجة طبيعية للاستلاب والقهر الذي تعرض له..تلك هي نتائج الاحتلال وتصرفاته وقيمه حيث لا كرامة للبشر ومعها مبروك لقاطني هذه المنطقة خوفا وعزلة على فعلتهم الشنيعة بحق زهورنا الجميلات، وحدها قصة زهرة ستدخل هذه المنطقة في الذاكرة العراقية كرمز للخراب وللانحطاط، لقد قرأت هذه التقرير وولد لي مشاعر لا توصف من الشعور بالمرارة والحزن والقهر على وطن انتمي إليه، لقد تسائل أصدقائي من السويديين وغيرهم هل هذا معقول ؟ هل أنت قادم من بلد تحدث فيه هكذا حقيقة مرة وبشكل علني وبشع ؟..لقد ملئتم وطننا شرا وقبحا وقهرا يا حكامنا الجدد يا من تحصدون النعيم والمغانم والعيش الرغيد..... أقولها بصوت عال وبلا تردد هذه المرة، تــــ......... عليكم بلا استثناء يا من جلبتم لنا العار، وأيُّ عار.....!؟؟؟
رابط المقالة:-
http://uppsala.expressen.se/nyheter/irak/1.968371/mammans-sista-utvag

- للعجالة حاولت أن أقدم جوهر التقرير...!
ترجمة وتعليق – محسن الجيلاوي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحامية بركة بودربالة


.. عضو البرلمان السابقة وأمينة المكتب السياسي لتيار الحكمة الوط




.. الناشطنة هند الصوفي المشاركة في ورشة العمل الاقليمي


.. بالرغم من مردوده المادي الضئيل... نساء تعتمدن على إعداد الخب




.. وادي الضباب في تعز الهدوء والجمال الطبيعي في زمن الحصار