الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عسكرة مدينة الموصل

هشام محمد علي

2008 / 2 / 1
المجتمع المدني


النساء في مدينة الموصل (402)كم شمال بغداد، ينمن في بيوتهن كما ينمن نساء حزب العمال الكردستاني في قمم الجبال بملابسهن العسكرية الكاملة كاستعداد تام لمواجهة اي هجوم مسلح، كذلك نساء الموصل ينمن محجبات ولكن ليس خوفاً من العدو بل من التفتيشات الليلة المفاجئة التي يتوقعون ان يقوم بها الجيش العراقي الواصل حديثاً إلى مدينتهم من بغداد.

التفجيرات الأخيرة التي وقعت في مدينة الموصل وجهت الأنظار لها اكثر من اي وقت اخر، فبعض القنوات الإعلامية وصفتها بناكازاكي وهيروشيما، واصبحت قبلة الخبر الصحفي في العالم ومصدره الأهم، ولكن ليس كما العادة عبر التغطية الميدانية ام اللقاءات المباشرة بل من خلال الهاتف، او الاعتماد على الصحفيين المحليين، لأنها قد تكون المدينة الأخطر على حياة الصحفيين في العالم.

تتواجد في الموصل جميع الفئات الموجودة في العراق، بإستثناء الصابئة المندائين، بالإضافة إلى تفردها بوجود الغالبية العظمى من الايزيدية، وهي الوحيدة التي يسكنها فئةٌ يقال عنهم شبك، وهم ينقسمون بين سنى ميالون إلى الكرد وِشيعى نحو العرب، وفيها التركمان الذين ايضاً ينقسمون الى شيعة وسنى على غير وداد مع بعضهم البعض وهم يتجمعون في تلعفر (48)كم غرب الموصل، كما ويقطن فيها كرد يتمركزون في الساحل الايسر من المدينة التي غالبيتها هم من العرب السنى.

غالبية أهالي المدينة غير متفائلين من قدوم الإمدادات العسكرية التي شملت طائرات سمتية يقودها طيارون عراقيون ودبابات الى الموصل، وهم خائفون من تفاقم الأوضاع اكثر، خاصة وان الجيش لايملك شعبيةً لدى الأهالي الذين يعرفون المسلحين بالمجاهدين، وهم يتقاربون معهم في القييم اكثر من تقاربهم مع القييم الحكومية في المدينة، ويفضلونهم عليهم لأنهم سلطة ذا قدرة على تنفيذ خططهم بطريقة اكثر دقة، وايضاً هم الأسهل حركةً في التنقل داخل المدينة.

صراع الراغبين ببسط نفوذهم السياسية على مدينة الموصل من بين المشاكل الكبيرة التي تعانيها المدينة، فالأعضاء الممثلين للمدينة في البرلمان العراقي واعضاء مجلس محافظة نينوى هما على خلاف دائم ولم يتفقوا سوى في الإختلاف مع اعضاء مجلس صحوة الموصل الذين هم ايضاً على خلاف مع الجهتين، وفي اكثر من مناسبة وجه اعضاء من مجلس المحافظة تهمة التقصير لممثلي المدينة في البرلمان حول اهتمامهم بالشؤون الحزبية الضيقة في المركز وإهمالهم الكلي لمصالح اهل الموصل، وهم بدورهم يتهمون اعضاء مجلس المحافظة بالفشل في تحقيق ابسط الأشياء، والإثنان لايؤيدان وجود صحوة خاصة بالموصل على غرار الأنبار التي تشكلت صحوتها من عشائرها، بينما صحوة الموصل هم من عشائير يقطنون اطراف الموصل وليس المركز الذي طالما ساده القانون لا العرف العشائيري.

اهالي الموصل متخوفون من العملية العسكرية القادمة بسبب مشاركة قوات البيشمركة فيها بالإضافة إلى عدم تقبلهم للجيش القادم من بغداد، إذ ان المدينة تعاني نوعاً من الإحتقان العرقي المسيطر عليه، لكن الأطراف التي فيها تتبادل مشاعرغير ودية مع بعضها البعض، وهم لايثقون بالأمريكان ايضاً، وينسبون اليهم والحرس الوطني سبب انفجار الزنجلي، وهم يتناولون فيما بينهم مقطعاً فيديوياً استطعتنا الحصول عليه، فيه يتحدث شاهد عيان من اهالي الزنجلي (الحي المنكوب) امام محافظ وقائد شرطة نينوى، عن ان الأمريكان هم من فجروا المتفجرات، وبغض النظر عن صحة المقطع من عدمه فالشارع الموصلي يحمل المسؤولية للقوات الامريكية والجيش العراقي.

بطبيعة الحال يميل الناس الى تصديق ماهو ضد الحكومة اكثر من تصديقها لما هو لها، فقد تكونت ذهنيتهم على اساس الشك الدائم بالحكومة، والعمل على حماية انفسهم بطرق مختلفة مما ينقض هذا الشك الذي هو احياناً لا يتعدى ان يكون توهمات، ووراء هذه الذهنية يقف التاريخ العراقي الذي طالما كان الحاكم فيه عدواً للشعب والمنقذ لهذا الشعب مستعمرهُ.

إن الاظطهاد يؤدي الى عكس المقصود منه في اكثر الاحيان، وطالما تثقف العراقيون على ان يكونوا اناساً خاضعين لا مجادلين، إلا انهم يحترفون الجدال اكثر من اي شيءٍ اخر، وتبقى المعضلة الأكبر في الذهنية وطريقة التفكير التي ترشح اهالي مدينة الموصل الى ان يكونوا خلايا نائمة، متأقلمة مع اجواء الحروب والغارات الليلية التي كان العسكريون يتدربون عليها تحت اسم "الإزعاج الليلي" وهم يعيشونها، ولكن الأمل يذهب صوب ان لايكون النوم بالحجاب تدريباً لأيامٍ اكثر ضراوة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صور من السماء-.. الأقمار الصناعية ترصد تزايد خيام النازحين


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - كوريا الشمالية تعرب عن دعمها الكا




.. حديث السوشال | في الأردن.. معلمة تصفع طفلاً من ذوي الاحتياجا


.. مشاهد لاكتظاظ مدينة دير البلح بالسكان النازحين من رفح




.. تونس: متظاهرون يطالبون بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وإطلا