الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأمل في المقاومة

نعيم حيماد

2008 / 2 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تجلى في الأيام الأخيرة من الحرب بين لبنان و (إسرائيل) صراع المعتقدات و الرغبات ، بين اعتقاد كل واحد في المعنى الذي يعطيه للوجود ، و رغبته في تحقيق وجوده بالطريقة التي تجعله يتكلم اللغة و يحملها إلى حيث تأمل أن تستقر . على أن تأملا بسيطا في واقع الحرب الدائرة في لبنان و ليس في تصورنا، يكشف أن المقاومين يدافعون عن وطنهم و معتقداتهم و رغبتهم في بناء وطن يقرر بنفسه ما من شأنه أن يجعل أفراد الوطن أشداء و قادرين على المواجهة من أجل حياة راقية و ديمقراطية ، لا بالشكل الذي يدعو إليه العدو الصهيوني المتمسك بخلفية فلسفية هشة تصطنع المعنى متى شاءت و تدعي فوات صلاحيته للإستعمال متى رغبت دافعة كل الذين يتآمرون معها و الرافعين لشعارها إلى الظهور بمظهر المخذول ، و في النهاية يوصف تابعو المتآمرين بالمضلين و العاجزين عن نصرة الحقيقة . أما كان على الشعوب أن يدخلوا في صراع مع المتآمرين أولا و يضعوا بدلا عنهم من ينير عقولهم بدل التخاذل و العار . ربما قبل أن نصدر أحكاما عن المقاومة في لبنان ، و قبل أن نأمل أي شيء بشأن إسرائيل ، علينا أن ننظر و نمعن النظر - بعد أن نتخلص من كل ما يمكنه أن يعيق تفكيرنا السليم - في واقعنا و في حقيقة مجتمعنا ، و نتساءل لماذا نعيش ؟ ماذا نفعل لأجل أن نكون سعداء ؟ أليس من الأجدر بنا أن نعلن ما نعتقد فيه و ما نريده إن كنا نعتقد في مسؤولينا ؟ و قبل أن نقول نعم للحرب و تحيا المقاومة علينا أن نقترف شيئا و إلا فلنعطل قلوبنا و نكسر أقلامنا و كفانا ادعاء بأننا ننشد السعادة و قد تهنا من زمان .

عندما يعلن بعض الفلاسفة الأمريكيين ، في حوار معه ، بأنه لا يرغب في أن تمحى دولة إسرائيل من الخريطة ، و بكونه يجهل سبب اجتياح أمريكا للعراق ، و بأن الدين في الوطن العربي يعيق الديمقراطية ، كل هذا بعد زيارته للجامعة الأمريكية ببيروت و القول بأن مستوى التدريس في لبنان بمستوى التدريس في الجامعات الأمريكية ، فإنه على يقين بوجود جماعة تعتقد في عكس ما يقوله هو . فجلي أن من الآمال المتبقية لكل تواق إلى التحرر و الانعتاق من أسباب الامبريالية و عواقبها هو انمحاء إسرائيل من الخريطة ، إذ بدون ذلك سوف لن يجد الجسد راحته و به جسم غريب . هذا بغض النظر عن التسامح و التنوع الثقافي . فالداعي إلى التسامح لا يكون دائما على صواب فيما دعا إليه ، أما عن التنوع الثقافي فلا يمكن إدماج ثقافة فاسدة ضمن ثقافة يتبناها أفراد مجتمع و يجعلونها مركزا لحياتهم ، و بالتالي تبدو ثقافة ناجحة بالنسبة لهم . في الحقيقة ، منذ أن بدأ التدخل في نمط تربية المجتمعات الحرة بطريقة سيئة صارت تبعية ، و بدل أن نفهم منها إعلانا للحرب ، فهمنا أنها إستيراد لأنماط جديدة من الحياة تضعنا في السبل الجديدة للحضارة ، بدل أن نكد و نتعب عقولنا في البحث عنها . و مع ذلك ندفع ثمنها غاليا و نفرح و نصفق للسبل الجديدة معتقدين أن خلاصنا على يديها .

ربما قتلنا العقل ، و ندعوا إلى الحداثة و في كل مرة تزف لنا معنى جديد ، و أخيرا يشرق المعنى و ندخل في المابعديات ، و كل تصور جديد يرافقه انتقال جديد للديمقراطية . ها نحن الآن و قد كنا ندعي دائما أننا نفهم الأمور و ما تعنيه و ما ترمي إليه ، و الحقيقة أن الفهم لا ينفصل عن الفعل . فماذا يعني أن نعلن الحرب على بني جلدتنا و نفهم ذلك ؟؟ قد أقول ما قاله البعض ، إن بقاء المشكلة معناه أننا نفكر بشكل سيء ، و علينا حينئذ التفكير بطرق جديدة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل