الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حالة من عدم الرضا

باسنت موسى

2008 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أشعر بحالة من عدم الرضا ويأس كبير من الحياة وإمكانية تغيير مفرداتها الجامدة لما هو أفضل، لا أعرف لماذا تنتابني هذه الحالة الآن وبتلك الحدة من الألم؟ ربما لأنني أدركت العديد من الأشياء بالحياة، نعم أدركت أنني أعيش تناقضات كبيرة في الحياة بين قلبي وعقلي، بين المجتمع وطموحاتي، بين عملي وحياتي الخاصة. تلك التناقضات تقتلني وتشعرني بحالة صعبة من عدم الاتزان بالحياة.
"التناقض الأول" :-
أنا أحب بقلبي فمن خلاله تتحرك مشاعري هنا يأتي عقلي ويقول لي "كيف هذا؟ تلك المشاعر لن تصل بك لشيء، إن من تحبيه لا يناسبك من حيث وحيث ثم أنه وأنه" وتلك الرسائل من عقلي الذي لا يريد أبداً أن يأخذ إجازة ويتركني أستمتع كيفما أريد بأي مشاعر أجدها مفرحة، يقف دائماً حجر أمام مشاعري. ليست فقط الموجة تجاه الرجل وإنما أيضا تجاه الأفراد بشكل عام في حياتي، فدوماً قبل أن أنشئ أي علاقة اجتماعية بين من أراهم أحباء، يأتي عقلي ويحلل طبيعة وشكل وحدود هذا الحب بتلك العلاقة، فأبدأ العلاقات بشكل محسوب جداً وفق مقاييس العقل التي تكونت لديّ من قراءاتي لعلم الاجتماع وفنون العلاقات.
"التناقض الثاني" :-
المجتمع الذي أحيا به مليء بما يزعجني إن لم يكن كل ما به من تقاليد وأعراف ومسلمات، يزعجني ولا أعرف منذ متى تحديداً؟ أصبحت معترضة ومتمردة. آه تذكرت منذ أن منحني والدي الحبيب رحمه الله مساحة حرية للانطلاق في الحياة، وبين صفحات الكتب جعلني أفهم وأحلل وأقول لماذا؟ وكان وهو بالحياة يحميني من اتهامات المجتمع لي، حيث كان يسندني ويقول لي تابعي مسيرتك.. لاتخافي من أحد.. ثقي في ذاتك.. احترمي إمكاناتك.. لا تجعلي رجلاً يسيطر عليك، وفى ذات الوقت لا تسيطري أنت على رجل أو إمرأة.. استخدمي الإقناع والحوار. كنت أقول له في بداية المرحلة الجامعية أريد أن أكون كإقبال بركة، كان يقول لي ليس بعيداً اقرأي وافهمي وستصبحي يوماً مثلها، ثم غيرت رأيي مع بداية عملي الصحفي، وقلت له لا أريد أن أصبح كنوال السعداوي، فقال لي هل تمتلكي جرئتها على المواجهة؟ قلت له بإجابة سريعة نعم أمتلك جرئتها أنا لا أخاف، لكنه الآن بعد أن رحل عن الحياة لم يعد أحد يحميني ويشجعني على مواجهة المجتمع والاستمرار في تحقيق ما أطمح له، أصبحت بمفردي أواجه المجتمع البالي دون سند منه هو أو من رجل يؤثر بداخلي كما أثر هو، وقواي أصبحت خائرة الآن. لا أستطيع مواجهة جبروت هذا المجتمع البالي في كل شيء أو أي شيء، بل ومن تضخم شعوري باليأس الذي يزداد يومياً وألمسه عندما لا أستطيع أن أرتدي ملابسي التي أحبها لأنها ستعرضني لخطر التحرش بالشارع، وعندما لا أعبر عما بداخلي من أفكار حتى لا أتهم بالفجور أو يطاردني أصحاب العقول الفارغة بدعوات قضائية، كيف سأواجه مجتمع نساءه سعيدات بأوضاع ذلهم وغبنهم؟ كيف سأواجه مجتمع به ذئاب بشرية تغتصب طفولة وبراءة فتاة لم تتجاوز الثانية عشر؟ كيف سأواجه مجتمع الأمية شعاره، وملء البطون والجنس هدفه الوحيد من الحياة؟ كيف سأواجه مجتمع يعتبرني نصف مواطنة ونصف كائن عاقل؟ لقد أصبحت كتب مكتبتي هم لي بالحياة، كثيراً ما أقول عندما أشعر باليأس في أعماقي ليتني كنت فتاة تسعد بأدوارها التقليدية، لكان حالي الآن أفضل حتماً. رأسي كانت ستكون عامرة بقصص المسلسلات التليفزيونية ووصفات الطعام اللذيذ، وربما كنت أنجبت طفلاً أو إثنين؛ لكنني الآن كرهت مجتمعي، بل وغير قادرة على الإطلاق أن أؤدي وظائفي كزوجة وأم بداخله، لا أريد لأبنائي أن يحيوا التناقضات والضغوط التي أحياها، ذلك خوفاً عليهم لا شك فأنا أحبهم حتى قبل أن أراهم من سيكونوا، وكيف سيكونوا. بل حتى قبل أن أعرف من هو والدهم.
"التناقض الثالث" :-
عملي.. ربما جاءت مصادفة أنني أحبه لا.. إنني أعشقه، من خلاله أتنفس وأحيا وأعبر عن ذاتي، لكنه دوماً مهدد من حياتي الشخصية وتحديداً من قبل من سيحتل بحياتي مكان شريك الحياة، فحتى الآن كل من يريد أن يكون شريكاً لحياتي يبدأ علاقاته بي بامتعاض من عملي ووقتي الذي أعطيه له، وكأن عملي هو شريكه اللدود معه في قلبي وعقلي، وهذا يشعرني بالخوف ربما لأنني لن أضحي بالحب الذي اختبرته وتذوقت حلاوته من أجل حب لم أختبره بصورة كاملة، ربما يرى كثيرين أنني غبية أو غير منطقية في حكمي وحبي، لكنني عندما أبتعد عن عملي الحبيب أشعر كمن يلفظ أنفاس موته، وما أصعب لحظات لفظ الأنفاس حتى لو كنت في حضن الأحباب! ذلك لأن هذا معناه الموت.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف