الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-لا تغيبوا الله-.. انها دموع التماسيح!!!

عمار السواد

2008 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"العالم يعاني بسبب غياب الله" كلام اطلقه بابا الفاتيكان.. يأتي هذا الحديث ضمن جهود حثيثة يقوم بها بنيديكت السادس العشر لاعادة تفعيل الايمان المسيحي في اوربا التي تعيش مرحلة علمانية متعالية عن الدين. واذا ما كان بابا الفاتيكان السابق يوحنا بولص الثاني قد حشد جهوده من اجل التصدي للشيوعية فان الواضح ان البابا الجديد يسعى للبحث عن خصم جديد في العالم من جهة وفي اوربا من جهة اخرى.
المهم الان هو الحديث عن الله.. موضوع حضور الله في الضمير الانساني وغيابه قضية تستحق الوقوف عندها والبحث في الاسباب الحقيقية التي تقف وراء حالة القطيعة السائدة بين الانسان والله، فمن هو المسؤول عن نسيان الضمائر لله؟ ومن هو الذي وقف وما زال يقف وراء جفاء القلوب والعزوف عن السماء؟؟
من المهم فعلا دعوة العالم المادي الى اعادة التمسك بالايمان في نمط الحياة الفردية، واؤكد على الفردية، أي ان موضوع الايمان هو قضية شخصية قيمتها الروحية في بقائها ضمن اطار الفرد لا ان تتحول الى اطار اجتماعي.. ولكن مالذي يضمن عدم استغلال الايمان لتحقيق مصالح تضر بحاضر الانسان ومستقبله وتحجر عليه وتنقل العلاقة بالله من الحب الى قيد اجتماعي تحت مجموعة ذرائع ومقولات.
ان حديث الكنيسة هذا يأتي ضمن حراك تاريخي مستمر من قبل رجال الدين لاحتكار الطريق نحو الله تعالى. انه حراك دفع الناس طيلة احقاب الى الاعتقاد بان لله ادلاء على طريقه لا يمكن العبور منه والسير بوعي فيه الا من خلالهم.
ولكن المفارقة الكبرى كانت دائما في ان الادلاء هم السبب الاكبر الذي اوجد القطيعة بين الضمير الانساني وبين الله تعالى. فنبذ الايمان بالسماء من قبل مجتمعات كثيرة ناتج عن سوء استخدام اسم الله تعالى.. فهناك اساءة لاسمه تعالى. وبملاحظة للتاريخ نجد ان رجل الدين بمؤسسته الكبيرة والمتجذرة وبخطة كهنوتية متوارثة الصق كل اخطائه وانتهاكاته بالله، لقد استخدمه لمباركة طرف او امة او سلوك او منهج ضد الاخرين.
لقد استغل اسم الله تعالى في منع العلم قرونا طويلة وما زال، واستغل في تحقيق الثراء وما زال، واستغل في تعزيز حكم الطغاة واستبدادهم ومازال، واستغل لقتل الخيرين من الناس وما زال، واستغل في ابادات جماعية بحق امم وشعوب وما زال، واستغل في الحجر على الانسان وكبته وحرمانه واستعباده... لكن قليلا من التروي والتفكير يجعلان الانسان يدرك ان الله اكبر بكثير من ان ينتصر للظلم.
العالم بحاجة فعلية للايمان الذي يساعد المرء على الشعور بالطمأنينة في حياة مليئة بالصخب والتعقيد.. وقضية الايمان تمثل مركزا مهما يجب التعاطي معها بجدية وايجابية في اطار البحث المعرفي غير المنقطع عن واقع افضل للانسان ومن اجل الانسان.. غير ان الخطر يكمن في ان من يطلقون هذه الدعوات لا يطلقوها مجردة وخالصة، انما يسعى اكثرهم من وراء العزف على وترها الحساس لايدولوجيا أو عقيدة تحقق امجادا مقدسة طالما تسببت بسحق الانسان وجهله وطوباويته..
ان اوربا قطعت شوطا كبيرا في اطار التطور المعرفي وبناء الذات انطلاقا من منطقة الشك الكبرى، فمن الذي يضمن لها اليوم بعدما تحررت من استغلال القداسات لصناعة جدران القهر الكبيرة التي صنعت في اوربا العصر الوسيط ان لا تعود اليها تحت مسميات عدة. من المؤكد انه لا يمكن ضمان ذلك، خصوصا وان كلام البابا المتقدم جاء ضمن سياق حديثه عن ضرورة توحيد المسيحية في اوربا وحمايتها من التفكك الحادث، وليس من شك ان البابا لا ينظر الى اوربا على انها بيئة علمانية بل يتعاطى مع الاوربيين على انهم جزء من الامة المسيحية، بالضبط كما يعامل أي زعيم ديني مسلم او يهودي...
ان اصحاب "القداسات" والنيافات والسماحات من كل الاديان مدعوون كي يقدموا خدمة يسجلها لهم التاريخ، هم مدعوون الى ان يتخلوا عن الوقوف حراسا على طريق الانسان لله.. لأن الانسان بحاجة لروحانية جديدة، والطريق يبدأ من التفكيك بين اصحاب النيافات والسماحات وبين ذكر الله. فالله ليس بحاجة الى أي حد لأن يوصل الناس اليه بعد قرون من ختم النبوات، والانسان بحاجة الى اله مجرد من الوساطات والدلالات. وطريق الايمان ليس حكرا على احد.. والفكر البشري مدعو الى التفكير مليا بانهاء القطيعة غير الصحيحة مع الايمان، كي لا يتركه حكرا على رجل الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج