الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيبة الدولة.. والصراعات الجديدة

سلمان النقاش

2008 / 2 / 15
المجتمع المدني


لم تعد الورقة الطائفية حافزا للرهانات الكبيرة بعد ان ادرك اللاعبون انها باتت مكشوفة ولا تشجع على المقامرة ، ولان الجماهير ذات القهر المتراكم قد جربت
كل صنوف الاذلال والاستغلال والتهميش والاقصاء هي نفسها من كانت وقودا وحجارة لنار اججت كي تنضج طعام لافواه مفترسة فتحت لالتهام النسغ الصاعد في علو الشجرة الضاربة جذورها في اعماق الارض بثمارها المكونة لهوية العراقيين ، ولتؤكد انها (الجماهير) مشروع اكيد سيغير وجه الارض بانعطافة تضع التاريخ في مساره الصحيح .
ان الدفاع عن امتيازات ومصالح مستمدة من واقع التخلف ومغلفة بالغيرة الكاذبة على التراث رغم ان عناصره قد شاخت ونحن في بدايات القرن الحادي والعشرين الذي تطورت فيه وتيرة العلاقات البشرية وتبدلت معارف الانسان وافكاره وقواه جميعا ، فاصبحت الحاجة ماسة الى ان نستوعب بعمق حركة تطور التاريخ ونخطط لتحويل حياتنا الاجتماعية والسياسية ونناضل لاعداد انفسنا اعدادا علميا وعقلانيا لكي نهضم كل اصيل في الجديد ونتمكن من انجاح هذا التحول.
لقد وضعت الخطط للمشاريع الاستثمارية وشرعت القوانين لتاخذ جديتها في التنفيذ والتي تتطلب رؤية شاملة تستدعي كفاءات وخبرات فنية وقدرات ادارية قيادية ورصيد مالي ، لتضع في اعتبارها حركة السوق والانتاج المحلي والدولي وعلاقاتهما المتبادلة المؤثرة والمتأثرة مع هذه المشاريع وجدوى انجازها .
لقد اعلنت الحكومة العراقية المنبثقة من عملية سياسية مستمدة من دستور اتفقت الجماهير على وضعه ؛عن ميزانية لعام 2008 تقدر بـ 48 مليار دولار مضافا اليها ما استرجع من ميزانية عام 2007 تنتظر انفاقا واعدا بامكانه ان سار على خطى القياسات الفنية والمهنية الموضوعة للوصول الى تحقيق البرنامج السياسي والاقتصادي المعلن ولينعكس بشكل ايجابي وفعال على حياة المواطن العراقي وضمان مستقبله ولتضع هذه الميزانية الاساس المتين والمتماسك لبنى تحتية ترتكز عليها قواعد الانطلاق للبناء المؤدي الى مجتمع الرفاه ولضمان حقوق الانسان .
لكن الغرس يبدو متعثرا ، فالارض ما زالت رخوة غير متماسكة وللماضي ثقافة ترجح التحفظ والتحصن من الاخر ويغلب على المشاركين في حراثتها التزاحم على المكان الاسهل والاقرب للفائدة الخاصة ، ونزعة الانا ما زالت هي الباعث المتقدم في المساهمة حتى تحولت الى صراعات ونزاعات تتلاطم وفق الية الفوضى فجعلت مسارات التنظيم والتقنين تتجه بشكل غير ذي جدوى لتكوين الانا الجمعي المشترك والوطني المطلوب ، ولتبقى الابواب مشرعة نحو التشظي والتشرذم الحاضن للمصالح المستغلة والمكونة لجيوب الانحراف .
لم يعد الصراع طائفيا اذن بعد ان ولت واندحرت فلول وتاثيرات تنظيم القاعدة المقيتة ، فللمنطقة الغربية صراعها الجديد وفي الجنوب صراع اخر وفي الشمال صراع معروف وبين هذه الصراعات تحاول الدولة ان تبني هيبتها وتفرض قانونها المشرع ، لكن الفوضى تفتح طريقا سالكا نحو الانحراف وتحدي السيادة والقانون فتزداد الانتهاكات شدة وضراوة ويرتفع معدل الجريمة ويضرب الفساد الاداري المالي والاخلاقي اطنابه في مرافق الدولة الامنية منها والخدمية لينتج علاقة مربكة وغير منتجة بين المواطن والدولة ، ولكي يحمي نفسه يلجأ لعشيرته او طبقته او عائلته فتزداد اناه انعزالا فيكون العرف لا القانون مرجعية ضامنة والذي عادة ما يتقاطع مع السياق والذوق العام فتبرر هذه الاخطاء وكأنها اساليب للدفاع او شكل من اشكال الشطارة .
لقد اشار احد مسؤولي امانة بغداد في حديث خاص " ان امانة بغداد رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها لم تعد قادرة على تنظيم بغداد واسواقها وشورعها واحيائها كما يريد لها المخططون لقصور كبير في امكانياتها الفنية ونقص ملاكاتها ومعداتها فضلا عن قراراتها التي لا تمتلك الهيبة والتقدير لدى المواطن الذي يريد العيش فهو مازال يعاني من البطالة ، المشكلة الكبيرة في بلادنا هي الفساد الذي ما زال يأكل مفاصل مؤسساتنا الحكومية . "
وللفساد هذا اسسه شأن كل ظاهرة تطغى على الواقع ، ومن اعظم هذه الاسس هو ضعف الكفاءة القيادية والقدرة على اتخاذ القرار بشكل واع وموضوعي يتماشى مع كل حركة المجتمع ومستوى اداءه ونوعيته وكيفيته .. فلا تكفي الصفات الشخصية بالخلق الرفيع او الورع والتقوى لقيادة نشاط محدد يمتد بعلاقاته مع النشاطات الاخرى .. فنزاهة المنصب تعني اولا مسؤولية المهمة اتجاه مشروع وطني متفق عليه يصب في مصلحة عامة ، وتعني ايضا الماما كاملا بتكنيك هذه المهمة والقدرة على تطويرها ، وكذلك تعني التزاما شريفا بالبرنامج العام الموضوع وفق خطة استراتيجية اتفق عليها باعلان سياسي امام ممثلي الشعب ، اضافة الى الحرص على المال والانسان .
الازمة الراهنة موضوع مدرك الابعاد ومستوعب بكل تفاصيله وحيثياته وهناك صراع حقيقي بين ثقافة الجديد المطروح وقوانينه وضروراته وبين ثقافة صدئة لا يكفيها الترقيع او الاستئصال الموقعي وهذا ما تؤكده التناقضات الحادة بين ما تطرحه الكتل السياسية من بيانات وخطابات وبين حركتها في الواقع اذ تاخذ تكتيكاتها مجالات تبتعد بهذه الدرجة او تلك عن النهج العام خدمة للمكتسبات السياسية التي تراها ضرورية للمرحلة الراهنة .. وهناك ايضا مسألة السيادة الوطنية التي تستحق كل الجهد والنضال الواعي والمنطقي التي تفتح الطريق واسعا وسالكا نحو هيبة الدولة وسريان قراراتها دون تقاطع مع مشاريع اخرى قد تتناقض مع سيرورة تطورنا الحضاري والتاريخي .. والامل كل الامل ينعقد على المفاوضات القادمة بين الحكومة العراقية والجانب الامريكي لصياغة اتفاقية للتعاون المنتج ولتكون خطوة بالاتجاه الصحيح نحو استكمال تحررنا الذي بدأناه بازالة اكبر طاغية في التاريخ الانساني ولتتضح معالم علاقاتنا مع دول الجوار الاقليمي على الاسس الانسانية والدولية التي تكفل حق الانسان بالحياة الامنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا