الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاني تسمو رغم قسوة الحياة

رحاب حسين الصائغ

2008 / 2 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"بنى الحب من الصدق كوخاً؛ فأصبح قبلة العشاق"
((بغيابك يحتلني الظلام
فالبس السماء قبعة
وأنا والكون نبكي بهدوء))

‏ الحب يجب أن يكون كل يوم، وكل لحظة تمر نحتفل بالحب، وليس يوم واحد في السنة، لأنه لو كان له يوم واحد فقط في السنة، فهذا يعني كم الإنسان بخيل مع نفسه ومع من هم من حوله، ماذا تفعل قلوبنا باقي أيام السنة؟ هل تتمرن على موت الحب أم خزنه في كهوف الظلام!!.
أرى على العكس أن يكون يوم في السنة، نتذكر فيه ما مرَّ علينا ونحاسب أنفسنا يسمى( يوم النفس) وليس عيد الحب، الحب إذا لم يكن على أبواب صباحنا وعند نوافذ مساؤنا، وبين حنايا لحظات أيامنا، كيف نعيش بدون الحب طوال السنة، ونحدد له يوم واحد؟؟!!.
كم مظلوم الحب بهذه الحالة، كتبت عن الحب، ليس من باب التشبه بهذا اليوم أو تقييمه كيوم للحب أوعيد الحب كما يطلق عليه، ولكن لا بد من وجود الحب في حياتنا اليومية، المخنوقة بغيوم الحزن والألم، ربما كلماتي تسعد بعض القلوب العامرة بالحب الصادق.
شوق العشاق ليس له حدود في عالم الحب، يوثق العلاقات الصادقة وتتويج بالخطوبة والزواج، أوقد يتم تحديد يوم للزواج يكون ذلك اليوم هو عيد الحب كما يعتقد؛ ويصبح حلقة وصل بين سنين العمر المديد المتعطش للتجدد، والعودة بالذكرى لأول يوم جمعهم، قلوب الدافقة بالحب والحنان، تسهم في استنشاق عبيرها من عبق باقات ورد ليلكِ، يجمع ثم يدس بشفق الغروب مع كل مساء؛ كي ينمو في روح تلك الورود إشراق الصباح الندي، الآتي من فجر بسمة محبيهم، التي مرَّت على سنابل قلوبهم المزهرة من حمرة الخدود الفتية، مما يجعلهم قادرين على قذف سهام الشوق، المنطلقَ من شهوتهم بمن يهيمون، يقفون قبالة الشروق ليلاً، هامسين لعصافير الحب، أن تسرع كالشهب لتلقي قي أحضان أحبائهم، ما يجيش في صدورهم، قائلين:
- أنت الحب فلسفتي، لذلك لم يفهمنا.. الآخرون".
لا يملون من تلوين فراشات شعورهم العذب، والمستمر سريانه في شرايين أجسادهم، يزقون حبهم نسمات القمر النائمة تحت غيوم ربيعية، يعانقون طيف شوقهم الممدود على جناح أول لقاء كان، وأخذ ينمو مع حرارة كل نهار جديد في حياتهم، ويكبر مع لحظات الزمن المار على قلوبهم المتعلقة بحوافي أفئدتهم التي لا تعرف قرار لهذا الإحساس الناعم الملمس، وليس الانتظار ليوم يمر بالسنة من أعمارهم.
أما ما يقال عن يوم (فلنتاين) ذلك القديس الذي أعلن أن للحب سطوة لا تقاوم، يوم كسر الحب قلبه؛ وقادهُ الشوق للتخلص من كل حوار خارج عن معاني الجسد والعقل والقلب، الذي عشق ولم يقدر على غير طاعة تلك القوة التي سلبته أمواج اعتقاداته، وحصاد السنين من عمره في البحث عن معنى الحياة، فكان يوم الحب الذي أعلن فيه أن الحياة بدون حب كربيع جاف بدون زهور، وكالشتاء بلا مطر، قد كثرت الأساطير والحكايات عن ذلك القديس الذي سمي العيد باسمه، ولا يوجد شيء ثابت أو معلوم عن تلك الأسطورة، وبعض الشعوب ليس لديهم مانع من الاحتفال به.
وأسأل هل الحب بسيط لهذه الدرجة كي يحدد له يوم، أم العشاق غير مدركين لهذه المحنة التي وقعوا فيها بخلق يوم كهذا لهم؟!.
لنقل عيد الزئبق؛ لأنَّ يوم واحد في السنة لا يكفي لعمار الدنيا بالحب، يجب أن يملأ الحب حياتنا بكل أيامها ولياليها وساعاتها ولحظاتها، وليس يوم واحد مجندل على أسلاك عصر عصيب وسريع العطب.
يوم تشتبك قلوب العشاق، بتسجيل أول رصيد في عالمهم للحب، يأخذوا بلبس تيجان عشقهم الأبدي المنقوشة بهذه العبارة:
- على الرغم من فنون الحلم
شق طريقاً إلى حبها
ماسحا غبار تعبها
ثم ألبسها..
تاج حبه الأبدي.
كي تشع روحيهما بعطر العاطفة الخافقة بين صدريهما، يغزلان من قطرات المطر مشاعر هفهافة، ومن النسيم يحيكان مسلات العشق لأجمل هياكل العاطفة الباسقة فوق أعشاش الحلم العائم على وسائد الأمل، يشكلون من وجوديهما المختمر في أشرطة الصدق والمودة، ويرسلانها مع زفاف كل باكر؛ علمت أن الحب وحده سندها وقائد حياتها المقبلة، الفتيات يرسلنَّ من أعشاب قلوبهم الرقيقة والمنسوجة من شعاع خيوط الشمس محبتهم العامرة والملفوفة بأوراق أفئدتهنَّ المغمسة بالسعادة، وللعشاق حكمة تقول:
- للكلمة نوافذ.. يطل منها العشاق
إن غلقت.. يذبحهم الظلام.
الحب شيء سامي ولذيذ، ينعش القلوب، ويوقد حرارة السعادة في الجسد، ومع كل لقاء تنصهر معاني الحب كلها تحت أقدامهم وتتحول عبارات قلوبهم المرهقة بأثقال الحب وعذاباته، إلى شعر وقصائد يتغنون بها، لما تحمل مشاعرهم السابحة بغمار ساعات وجدهم الصافي، مانحة فضاءاتهم المحيطة بحياتهم وأسرارها الرغبة بسكب جمرات الحب بالهيام، قائلين لبعضهم:
- ".. ببحرك تهت
سلمني الموج لمملكة
وجهك فغرقت"
- " أيها الحب أيَّ غول أنت
في ظلك تسقط المسافات" .
الحب يحمل حالة من التجدد للحياة ويعمل على صقل النفس وانتعاش الروح، لذا نحتاجه كل وقت ولحظة، من ساعة الاستيقاظ حتى ساعة الخلود للنوم، يجب أن نتعلم كيفية العيش مع هذا الإحساس، لأن الحب إن سكن النفوس عمرها،وانتقت من الشوائب؛ كالغضب والتهور والتعنت والغدر، ولم يدخلها الخبث الذي يدفع للغش والكذب، للحب معاني تسمو بها النفس، ودائماً ترفع من شأن الإنسان للأفضل، والحب يحث البشر على التودد والتآلف وصفو الروح، والشعور بالإيمان والاطمئنان.
كاتبة: من العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية