الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزواج المدني: الخطوة الأولى

عاصم بدرالدين

2008 / 2 / 18
المجتمع المدني



جميل أن ترى الطوائف اللبنانية متفقة..فهذا هو يوم المنى! لكن على ماذا يتفقون؟ وهل هذا الإتفاق إيجابي،كفكرة الإتفاق بشكل عام؟
الغريب في الأمر أن الطوائف ورجالها لا يتفقون إلا على الناس،أو بمعنى أخر لا يتفقون إلا بما فيه مصلحتهم كمؤسسات رعاية "دينية" على حساب الشعب ووحدته،وما نقصده هنا بالوحدة،ليس المصطلح الطائفي:"الوحدة الوطنية" المنتشر في لبنان،إنتشار النار في الهشيم،فهذا المصطلح ما هو إلا نتيجة للنظام الطائفي المكرس عرفاً وقانوناً في صميم حياتنا اليومية،السياسية والإقتصادية والإجتماعية، المرتبطة حكماً بالحياة الدستورية.الوحدة هنا،ترجع إلى وحدة الإنتماء الأولي الذي هو،عادةً،الإنتماء إلى الوطن..
ماذا يعني أن تكون منتمياً فعلاً إلى وطنٍ ما؟
لا ينحصر الإنتماء في حيازة هوية أو أي ورقة قانونية أخرى تثبت في خانة الجنسية أن حاملها "لبناني". الإنتماء في الدول المتطورة العلمانية (وكأن مفهوم التطور والعلمانية مترابطين دائماً)، يتخطى الأوراق إلى الأفعال،المواطن هو الذي يدفع الضرائب ويلتزم القوانين وينتخب المرشحين الأكفأ .. إلخ. وفي المقابل تقدم الدولة (السلطة) له شتى أنواع الخدمات ،وتكون المسؤولة عن تحسين ظروف حياته،وهو يخضع لها بشكل مباشر دون أي وسيط (كالمرجعيات المذهبية عندنا)،ويحاسب من يشاء في الإنتخابات والإستفتاءات..كل هذا سمي بــ"المواطنية".
مشروع الدولة العلمانية الديمقراطية،لا يمكن أن يكون مجتزأ ولكنه من جهة أخرى لا يمكن أن يفرض بشكل متكامل وسريع ضمن سياق التغير الجذري في وطن أصبحت العوامل الطائفية والمذهبية والعشائرية والعائلية سمة رئيسية ،تسيطر على مختلف المستويات الإجتماعية.
وإذا كانت الدولة العلمانية ، هي دولة الحرية والعدالة والمساواة بين جميع المواطنين،على قاعدة المواطنية كما أشرنا سابقاً،فهذا يفترض أولاً إزالة الخلفيات الأخرى من الفكر السائد،وجعل عملية الإختلاط سهلة وذلك عن طريق المؤسسات الموجودة في المجتمع.
و يعتبر جميع علماء الإجتماع والنفس في العالم أن الأسرة هي الخلية الأولى والأكثر تأثيراً على الفرد (المواطن) في مختلف مراحل حياته..لذا فإن مشروع الدولة العلمانية يبدأ عن طريق المؤسسة الزوجية،من خلال نشر هذا الفكر الإنساني في النفوس ليحل محل الفكر الطائفي "الغرائزي". وتناقل هذا الفكر يجب أن يكون عن طريق أول مؤسسة إجتماعية يمر فيها الفرد ويستمر فيها إلى حين أن يكوّن هو نفسه لاحقاً مؤسسة أخرى يديرها.
..وإذا كان السني(ة) لا يستطيع أن يتزوج إلا من أبناء طائفته وكذلك الشيعي(ة) والماروني(ة) والدرزي(ة) فهذا حكماً سيؤدي إلى الإنغلاق الطائفي،والإنعزال لا يؤدي إلا إلى الخراب (راجع الحرب الأهلية اللبنانية)..وحقن النفوس و تجييشها طالما أن المواطن "كذا" سيبقى يرى بالمواطن الأخر أنه "الغريب" المتربص به!
لذلك فإن إباحة الزواج المختلط أو ما يسمى الزواج المدني (قانون مدني للأحوال الشخصية في شكل أشمل) هو الخطوة الأولى في طريق الدولة العلمانية،فهذا الزواج يسمح بتكوين نسيج إجتماعي متنوع يفك العزلة أولاً،و ثانياً يريح العقل اللبناني من "مجهول الأخر"،لأنه في حالة الزواج هذه لن يبقى "أخراً" بل سيصبح الذات (الزوج أو الزوجة) حتى لو كان الزواج من أبناء طائفة واحدة،فالعقيدة الدينية في هذا العقد المدني (الزواج) لا تُأخذ بعين الإعتبار.
إضافة إلى ذلك،سيكون هذا الزواج مباشرة تحت سلطة "الدولة" ورقابتها و بعيداً عن أي وساطة أخرى،تفرض شروطها التعجيزية ربما فيصبح زواج أحمد من أنطوانيت يحتاج إلى موافقة إلهية!!..وهذا ما يعزز الإنتماء إلى الوطن بدلاً من الإنتماء إلى الطائفة!
بإختصار:الزواج المدني يؤدي إلى توحيد المرجعية وتالياً الإنتماء،و يمنح المجتمع اللبناني تخالط إجتماعي عفوي أفضل مئة مرة من "وحدة وطنية (مزعومة) قائمة على تحالف ملل ومذاهب".


نظرة مغايرة

صديق لي،أصابه ملاك الحب بسهامه وأحب فتاة من غير أبناء ملته..أحبها هكذا دون أي مقدمات أو مبررات وهكذا الحب أصلاً، ومن المعروف أنه حين يصيب لا يرحم،ولا يترك مجالاً للعقل ليلعب دوره..يسيطر ذلك الشعور الغامض على كل شيء. إحتار صاحبنا ماذا يفعل ،ومن المفترض أن أي قصة حب،طبيعياً،ستنتهي بالزواج وهذا ما يريده هو والحبيبة..ولو فرضنا أن الأهل لا يمانعون (وهذه مشكلة أخرى،نتيجة الخلفية المذهبية المعششة في نفوس الأجيال السابقة-جيل الحرب،حتى أن البعض قد يعود إلى ما قبل ذلك فـ يصل إلى عام 1840 أو الحروب الصليبية أو الإجتياح المملوكي لأراضينا!!!؟)،يبقى أنه في لبنان لا يمكن للمختلفين دينياً الزواج إلا بإنتقال أحدهم إلى طائفة الأخر..والإثنين،وللصدف وهذا من حقهما،متمسك بدينه وإيمانه..
ما الحل إذاًَ؟ قد يكون الحل الأبسط أن ينفصلا وأن يثقبا قلبيهما..لننسى الحل القبرصي،لأنه غير منطقي،ألا يوجد قوانين في لبنان لنلجأ إلى خارجه؟...هذه إهانة،وأمر مخجل فعلاً ومن المؤكد أن القبارصة يشمتون بنا!!
هذه الحالة شبيهة بعشرات ألوف الحالات،وأنا لا أبالغ،والحل ما زال مستعصي..وأمام هذا الإستعصاء،نسأل المرجعيات الدينية التي حسب إدعائها تمثل الله على الأرض: لماذا وضع الله،خالقنا، هذا الشعور الغامض في نفوسنا؟(إستناداً إلى قول الشاعر: يلومونني في حبِّ سلمى كأنما-يرون الهوى شيئاً تيممتهُ عمدا/ألا إنما الحبُ الذي صدَّع الحشا-قضاءٌ من الرحمن يبلو به العبدا) ولماذا جعله غير قادر على التميز بين دين وأخر؟ (ولماذا أنجب كل هذه الأديان أساساً..إن أنجبها هو وقد تكون لقيطة!؟) و أليس خالقنا،الله، واحد؟ و أليس المسيحي والمسلم واليهودي:إنسان ومن أبناء آدم؟ وهل الحب..يُقاوم ،يُصد ويُرفض؟أليس هذا مخالفة لإرادة..مشيئة..لما خلقه الله فينا؟....؟ ....؟
هذه الأسئلة برسم الله!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر