الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة الاسراع بتوحيد الادارتين الكورديتين وازالة آثار التعريب

كوردة أمين

2003 / 12 / 12
القضية الكردية


أحداث هامة شهدتها أرض كوردستان العراق في الأيام الأخيرة كانت لها ردود فعل ايجابية على مواطنيها،  منها هبوط أول طائرة مدنية في مطار{ هه ولير الدولي } يوم 8 - 12 - 2003  ، معلنة بذلك تدشين هذا المطار في وجه الملاحة الجوية المدنية لاول مرة في تأريخ كوردستان .

 ولا يخفى على أحد مدى الفائدة المعنوية والمادية التي تعود على المنطقة من جراء هذا المشروع الحضاري . فالكورد لم يألفوا سماع صوت الطائرات المدنية في أجوائهم بل تعودوا سماع أزيز الطائرات الحربية وهي تلقي عليهم القنابل الحارقة والاسلحة الكيمياوية لتحصد أرواحهم وتدمر بيوتهم وقراهم وتحرق مزارعهم .  ومن  ناحية أخرى فأن لإفتتاح هذا الصرح الهام مردودات اقتصادية كبيرة لاقليم كوردستان ،  فوجود هذا المطار يساعد على تطوير وتنمية المنطقة الكوردية اقتصاديا وتجاريا وسياحياً ،  ويفتح الأبواب واسعة أمام رؤوس الأموال واستثمارها هناك ،  كما وسيسهم بتعريف العالم بأجمعه بقضية الشعب الكوردي . اضافة لما سيكون له من دور في تسهيل حركة انتقال آلاف المواطنين كورداً وعرباً وغيرهم من العراقيين المقيمين في الخارج  وسفرهم الى داخل العراق وبالعكس ،  بعد أن كانوا  يعانون الأمرين عند زيارتهم للوطن أو مغادرتهم له ، ويكابدون مشاق الطريق الطويل والمرهق واضطرارهم لإجتياز الدول الحدودية و مصاعب الحصول على الفيزا من سفارات هذه الدول ، وغالباً تعرضهم الى سوء  المعاملة والانتظار الممل على الحدود .

     ومن النشاطات الأخرى التي شهدتها المنطقة وتزامنت مع افتتاح المطار، إنعقاد أول مؤتمر لاعادة إعمار العراق على أرض كوردستان - أربيل -  في شهر ديسمبر الحالي 2003  والذي شارك فيه العديد من الاقتصاديين والأكاديميين ورجال الأعمال والمستثمرين العراقيين والاجانب ، من القطاع الخاص ومن الممثلين عن الحكومات المختلفة.

 ولا شك إنّ هناك عوامل كثيرة أسهمت في الوصول الى هذه النتائج الطيبة الملموسة في كوردستان ،  منها إستقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة خلافاً للمناطق الأخرى من العراق ، وازدهار الحركة العمرانية فيها  والجهود الحثيثة في إعادة بناء ما سببه النظام السابق من  دمار وخراب فيها ، ولكون المنطقة كانت قد تحررت من سيطرة النظام البعثي الدكتاتوري المقبور واستقلت بادارة شؤونها بنفسها وبأيدي أبناء الشعب الكوردي لأكثر من عشر سنوات ، وكانت هذه الفترة امتحاناً للكورد ،  نجحوا فيه بكل جدارة  وبشهادة الجميع  ،  وأثبتوا بأنهم  ليسوا أقل من غيرهم من الشعوب الأخرى  قدرةً على التطور ومواكبة التقدم  التكنولوجي والحضاري ،  وفي مجال الحكم وادارة شؤون البلاد ،  بالرغم مما كان يخططه  لهم اعداؤهم العنصريون في القضاء عليهم و إفنائهم  ... هذه المؤامرة التي كشف النقاب عنها مؤخراً رئيس وزراء تركيا أردوغان الذي تحدث عن طلب القيادة العراقية السابقة منه التعاون فيما بين الدولتين  لإبادة الكورد من الوجود .
  
 كذلك سمعنا وشاهدنا على فضائية كوردسات أنّ العمل يجري لاعادة بناء وتطوير مطار { بكره جو } في السليمانية وتحويله الى  مطار مدني  بعد أن كان في زمن النظام البعثي البائد واحداً من المطارات العسكرية المعدة  لضرب المدنيين الكورد العزّل وقتلهم .  وقد تم تخصيص عدة ملايين من الدولارات من قبل حكومة السليمانية لغرض انجاز هذا المشروع الحيوي  الكبير .

هذه الأحداث المفرحة التي تجري على أرض كوردستان هذه الأيام  يجب أن لا تنسينا أهدافنا وطموحاتنا المشروعة الأخرى  والتي نتطلع الى تحقيقها ونضعها في سلم أولوياتنا ، وهي تتمثل في نقطتين أساسيتين وهما :   توحيد الادارتين الكورديتين ،  وازالة آثار التعريب بأسرع وقت .

 وتكمن أهمية تحقيق هذين المطلبين  في عدة جوانب ، منها أنّ الجماهير الكوردستانية العريضة تشعر بالألم  والغصة من جراء هذا التشتت والتفرّق بين أبناء الشعب الذي ناضل من أجل حريته عقوداً طويلة، ومن حقه الآن أن يجني ثمرة نضاله  وأن يحقق حلمه في رؤية  كوردستان موحدة الشمل تحت ظل قيادة واحدة قوية . وهذا لم يعد  بالشيء البعيد المنال أو المستحيل التطبيق ،  سيما وأنّ الحكومتين قد أظهرتا دائما حرصهما على تحقيق هذا المطلب الجماهيري .  وقد خطتا فعلا خطوات واسعة بهذا الاتجاه عندما قامتا بتوحيد البرلمان الكوردي  قبل أكثر من عام  .  كما سبق لهما أن قامتا بتوحيد قيادتيهما العسكريتين في كثير من المواقف ،  منها  في محاربة ارهابيي عناصر أنصار الاسلام ،  وكذلك أثناء حرب تحرير العراق  من براثن نظام صدام الدكتاتوري .  وكان هذا أحد الأسباب المساعدة في تحرير كامل الأرض العراقية ، ولا يستطيع أحد اغفال  الدور  الأساسي  الذي لعبه  الكورد وأهميته في تحقيق هذا النصر .
 
ومن ناحية ثانية فأن توحيد الادارتين يعتبر من الأساسيات في تحقيق الإتحاد الإختياري الذي يدخل ضمن تطلعات غالبية الشعب الكوردي في المرحلة الراهنة ، إذ أنه مما يخالف الواقع أن تتحقق الفيدرالية في كوردستان وبالشكل الذي تلبي طموح الكورد  بوجود حكومتين وإدارتين منفصلتين في الاقليم .
 
.وقد تحدثت الأخبار مؤخراً عن جهود قيّمة تبذل من قبل قيادة الطرفين بقرب توحيد الادارتين ،  وهذا مما أشاع نوعاً من التفاؤل والطمأنينة في أوساط  الشعب الكوردي داخل كوردستان وخارجها ، ونأمل أن لا يطول الانتظار  .

ومن القضايا الهامة التي يجب الاسراع في حلها هي ازالة آثار جرائم التعريب التي مارستها الأنظمة السابقة ضد المناطق الكوردستانية مما نتج عنها تغيير الهوية القومية لسكان هذه  المناطق ،  وخلفت أكثر من ربع مليون مرحّل يعيشون في ظروف سيئة خارج مناطقهم . هذا عدا عن عشرات الآلاف من المهجرين والمسفرين من الكورد الفيليين الذين رماهم النظام المقبور خارج الحدود بطرق لاإنسانية ،  وقد بلغ عددهم أكثر من  نصف مليون كوردي فيلي .  ورغم إنّ مجلس الحكم أوضح بأنه يولي الاهتمام اللازم لهذه القضية ، إلاّ أنّ شيئاً فعلياً  لم يحدث على أرض الواقع  حتى الان لحل هذه المشكلة الانسانية والقانونية .
 
 وازالة آثار التعريب تتطلب اعادة الأقضية والنواحي التي كانت قد أنتزعت من المحافظات الكوردستانية الى أصولها ،  مثل قضاء طوزخورماتو الذي ألحق بمحافظة صلاح الدين ،  وقد قام الآلاف من سكان القضاء بجميع فئاتهم  بالتظاهر ثلاث مرات خلال الأسابيع الماضية مطالبين بارجاع مدينتهم الى محافظة كركوك .

كما لابد من اعادة التسميات الأصلية للشوارع والمدارس والأحياء السكنية في المدن ، والتي تم استبدالها بأسماء عربية ضمن عمليات التعريب  ،  اضافة الى ضرورة القيام بفتح المدارس الكوردية والتدريس باللغة الكوردية وتعيين المعلمين والمدرسين بصورة كافية وتوفير الكتب المدرسية للطلبة ،  مع احترام حقوق القوميات الأخرى التي تعرضت للتعريب مثل التركمان والكلدان والآشوريين .
 
.و كنموذج  يحتذى به في ازالة آثار التعريب  ما جرى مؤخراً في قرية { دوجردخان } .   وهذه القرية هي احدى القرى الكوردية التي تعرضت للتعريب ،  حيث تم اقتحامها كغيرها من آلاف القرى الكوردية  من قبل جيش صدام 1988  و طرد أهلها منها وتدمير بيوتها بالكامل ،  وأقيمت محلها قرية عربية على بعد أمتار منها سميت بقرية النصر !!
 
واليوم أعاد الكورد بناء قرية دوجردخان وقاموا بتشييد { 42 } داراً سكنية لأهلها  الأصليين.  وبين الأسر التي تمت اعادتها ،  أسرتين عربيتين ،  ممن كانت تسكن مع الأسر الكوردية منذ عشرات السنين  بسلام وتآخي ،  مما يدل على إنّ  الغرض من ازالة آثار التعريب لا يقصد منه الانتقام ولا يشمل العرب المقيمين في كوردستان منذ القدم ، بل فقط الذين شاركوا في جرائم التعريب ،  وهذا يفند مزاعم العنصريين العرب الذين يدعون أن الكورد يقومون بتطهير عرقي ضد الأقلية العربية في كوردستان .

لاشك في أنّ  ازالة آثار جرائم التعريب ليست من الامور السهلة ، وتتطلب وقتاً وجهداً كبيرين من قبل الكورد وقوات التحالف معاً . وقد شعرت سلطة التحالف بخطورة هذه القضية الجوهرية فقامت بتشكيل لجنة خاصة لحل هذه المشكلة الإنسانية ضمن الأطر القانونية ويشرف عليها السفير وليم ايكلتن . وهذه اللجنة من الضروري  تفعيل دورها  للاسراع في عودة هؤلاء المرحلين الكورد وتعويضهم عما خسروه  مادياً ومعنوياً ، واعادة العرب الى مناطقهم الأصلية التي جلبوا منها خلال عمليات التعريب ، ومحاسبة الذين قاموا منهم باغتصاب ممتلكات الكورد وشاركوا في الجرائم  البشعة التي ارتكبت ضدهم ، وهؤلاء غالبيتهم من منتسبي أجهزة الأمن والمخابرات العراقية السابقة  .

ولأهمية هذه القضية وأقصد حل مشكلة المرحلّين الكورد وازالة آثار التعريب ،  وتأثير ذلك على الاستقرار في المنطقة الكوردية وعلى العراق عموماً ،  فقد وجه القائد العسكري الأمريكي في كركوك نداءً الى المواطنين العرب الذين تم توطينهم في مدينة كركوك والقرى التابعة لها في كوردستان إبّان عهد الدكتاتور صدام ، بمغادرة هذه المنطقة وارجاع الدور والأراضي التي استولوا عليها عنوة لأصحابها .   وقد جاء هذا النداء مباشرة بعد زيارة السيد رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي الى مدينة كركوك قبل أيام . وهذا دليل آخر على أنّ هذه المشكلة تحظى باهتمام سلطة التحالف ،  التي تتفق مع  الكورد في ضرورة ايجاد الحل القانوني السليم  بما يضمن حقوق المتضررين من سياسة التعريب و الترحيل  والتهجير الذين يبلغ عددهم حالياً وحسب تقارير المنظمات الانسانية حوالي ربع مليون انسان من منطقة كركوك وما جاورها فقط ،  اضافة الى أكثر من النصف مليون من الكورد الفيليين المسفرين .

إنّ يد التخريب البعثي الإجرامي امتدت لتشمل كامل العراق وطالت كل مكونات  المجتمع العراقي بجميع قومياته وأديانه ومذاهبه  ،  وأصبحت حلول مشاكله المتشابكة  مرتبطة ً بعضها بالبعض ومكملة ً إحداها للأخرى .

  فعملية الانتخابات البرلمانية في العراق لايمكن أن تتم دون احصاء سكاني ،  كما أنّ الفيدرالية  وإن كانت من الأمور التي لا يرضى الكورد بأقل منها  ولا يقبلون فكرة الإستفتاء عليها  من قبل الآخرين ،  لانها تدخل ضمن حقهم المشروع في تقرير مصيرهم ،  ولا يجوز لأحد غيرهم  ان يقرر هذا المصير ،  فأن هناك بعض المسائل  المتعلقة بها- أي بالفدرالية -   والتي  قد تحتاج الى اجراء استفتاء بشأنها،   كتحديد وضع بعض المناطق أو حدودها  الجغرافية بصورة نهائية ،  سيما  بالنسبة  للمدن الكوردستانية التي تعيش فيها أقليات قومية أخرى مثل كركوك  والتي قد يصار الى اتخاذ هذا الأسلوب فيها حسماً للجدل حولها ولتحديد  مصيرها ،   وخاصة اذا ما رفضت جهة ما الرجوع الى احصاء عام 1957 والذي يظهر بوضوح إنّ أكثرية السكان هم  من  الكورد .  وهذا الاستفتاء سيحتاج بالطبع الى اجراء احصاء سكاني جديد ودقيق ،  إذ ليس  من المنطق الإعتماد على الوضع السكاني الراهن  بعد أكثر من أربعة عقود من التعريب !!   وهذا يتطلب عودة  كافة المرحلين  والمهجرين الى مناطقهم أولاً حتى نضمن حصول احصاء سكاني حقيقي  ،  وبالتالي يكون الاستفتاء على مصير هذه المدينة أو غيرها  عادلاً ونزيهاً .  وبغير ذلك لا يمكن الإعتراف بأي استفتاء آخر ، لأنه لا يستند الى أرض الواقع  أو الشرعية  .

أما الفيدرالية بالصيغة التي يريدها الكورد فلا يمكن ان تتحقق بدون توحيد الادارتين ضمن أقليم  يتمتع بحدود جغرافية –  سياسية  واضحة  ،  وتحت  ادارة حكومة كوردية فيدرالية  موحدة ،  وبرلمان واحد .
 
من هنا تأتي أهمية الاسراع في توحيد الادارتين الكورديتين وإزالة آثار التعريب والتهجير على مجمل الأحداث والتطورات التي تنتظر المنطقة في القريب العاجل  وتحدد مستقبل كوردستان الجديد. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما أسباب توقيف سعدية مصباح رئيسة جمعية تدافع عن المهاج


.. هل تجهض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ؟ |.. سامويل وربي




.. عقبة قانونية جديدة أمام بريطانيا تعرقل نقل طالبي اللجوء لرون


.. نتنياهو عرقل الصفقة ومستعد للتضحية بالأسرى الإسرائـيليين.. ا




.. علم إسرائيل يرفع على الحدود المصرية.. ورفح بين المجاعة والقص