الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم ومعطيات عن الأمية في الوطن العربي

إبراهيم الأيوبي

2008 / 2 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي


شهد مفهوم محو الأمية تطوراً كبيراً وقد بذلت منظمات دولية عدة مثل اليونسكو واليونيسف مجهوداً كبيراً في هذا المجال وتعرّض مفهوم محو الأمية إلى تغيرات تناولت جوانبه بشكل جزئي ، إلى أن وجدت مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي معاييرَ كمية (أساسًا) لاحتساب الأمية لتواجه بها دول العالم الثالث من خلال أرقام حتى لو سلمنا جدلاً أنها حقيقية ، فهي غير كافية فعلاً لتحديد الأمية , إذ تم تحديد مفهوم محو الأمية تحت ضغط عناصر الكم ، وتم إفراغه "نوعياً" من العناصر الأساسية.
"الأمية المقنعة" هي الأخطر كونها الأوسع انتشاراً , إن برامج الأمم المتحدة للتنمية تصف العالم العربي بالأضعف حاليًا في موضوع مكافحة الأمية مقارنة مع الكتل الحضارية الأخرى في العالم.
الأمّي "المقنّع" ليس الإنسان الذي لا يقرأ ويكتب، بل الإنسان الذي لا يملك معرفة كافية لتعبئة أوراق المعاملات، الرسمية أو الخاصة ، التي تتعلّق بحياته بنفسه. فيضطرّ للجوء إلى شخص آخر لفهم المطلوب ولتعبئة أوراق المعاملات نيابةً عنه . وهذا الفارق "البسيط" في تعريف الأمّية يرفع عدد الأميين العرب من 70 إلى 100 مليون عربي، أي حوالي 45 بالمئة من سكان العالم العربي .
في دراسة لليونيسف صدرت مؤخراً واعتمَدَت مقاييس تقليدية ، وارتكزت إلى أرقام قدّمتها الحكومات ، بلغ تعدادُ الأميين سبعين مليون عربي .
تبلغ نسبة الأمية في وسط النساء العربيات نحو 80 % ، والسبب الرئيس أن الأمية غالبًا ما تنبع في إطار عملية تهميش المرأة في حياة المجتمع وفي المدرسة ، ويتم ذلك أحياناً بإسم الدين وأحياناً أخرى بإسم العادات والتقاليد.
واللافت للنظر أن خطط النهوض الاقتصادي غالباً ما تُوضَع بمنأى عن قضية تحرر المرأة ، مما يحد من هذا النهوض ويجعله هامشياً لأنه لا يندرج ضمن عملية نهوض مجتمعي شامل تكون قضية المرأة حجر الزاوية فيها ، مما يعطي العملية التنموية كل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتطورية ، كما تعطيها القدرة على الاستمرار وتجديد وتصويب المسار ضمن أي مجتمع محلي , هنا أيضا تبدو عملية محو أمية المرأة شرطاً أساسياً في عملية نمو وبناء مجتمع عربي , إن حالة الأمية السائدة في البلاد العربية وبنسبة مذهلة ، هي عائق أساس أمام الديمقراطية , إن الأمية التي تقارب نصف سكان العالم العربي ، تعني أن نصف السكان بعيدون عن القرار وليس لديهم الأهلية اللازمة لمسك زمام أمورهم ومستقبلهم بأيديهم , وحينما يزداد الحديث عن "المشاركة" كحد أدنى في العملية الديمقراطية ، فإن ذلك يعني حكماً تزايد الكلام عن التلاعب السهل بمصير شرائح واسعة من الناس، تحت شعار ضرورة مشاركتهم في الحياة السياسية.
من جهة أخرى فإن حالة الأمية في العالم العربي تسهّل حكم الأنظمة الديكتاتورية ، وتشكل قاعدة الاستبداد السياسي ، الاقتصادي والاجتماعي , لأن هذه الشرائح الواسعة غالباً ما تكون عاجزة عن رد الفعل المنطقي أولاً والمبادرة الصلبة ثانياً , من أجل المشاركة في توجيه حياتها ومستقبلها.
إن مكافحة الأمية تعني أولاً بناء ديمقراطية في مجتمعات أنهكها الاستبداد الداخلي والسيطرة الخارجية وأثّرت على أكثر من نصف المجتمع العربي العولمةُ بحسناتها وسيئاتها ولا تشكل حالة الأمية عائقاً أمام الديمقراطية فقط ، بل إن كل حالات التهميش جعلت هذه المجتمعات تنحو إلى القبول والتفاعل مع الأصوليات الدينية وغيرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا قالت وزيرة الخارجية الألمانية عن صحفيي غزة؟


.. لبنان وإسرائيل .. مبعوث بايدن يحمل رسالة إنذار أخيرة من تل أ




.. المحكمة العليا الإسرائيلية تنظر في قانون منح صلاحيات واسعة ف


.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع من داخل مدرسة لتوزيع المساعدات بش




.. استشهاد سيدة إثر استهداف قوات الاحتلال منزلا لعائلة المقادمة