الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات في وداع الطيب أبو كاطع عجلان عداي(أبو علي)

نجم خطاوي

2008 / 2 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في روايته الخالدة, الرباعية, يصف لنا شمران الياسري(أبو كاطع), الكثير من الشخوص والأحداث. ويكاد يكون (ملا نعمة) أحد الشخصيات الثورية والمهمة في هذه الرواية. وكلمة (ملا) تبدو للوهلة الأولى وكأنها ذات دلالات دينية, لكنها في الحقيقة قد امتزجت مع المفاهيم التي كونها الناس عن ذلك الذي يكون بمقدوره تفسير بعض الظواهر والحالات التي تحيط بهم, وأحيانا في القدرة على تقديم إجابات حكيمة ومقنعة عن بعض الأسئلة التي يعجز البعض في إيجاد إجابات مقنعة عنها. ورغم صغر عمر الفتى(نعمة) فالناس كنوه بالملا تحببا به وإقرارا بفطنته وحكمته وهيبته.

لا أدري لماذا جالت في خاطري هذه الفكرة وأنا أعيش لحظات الألم بفقدان (أبو علي), والذي اعتاد رفاقه الأنصار الشيوعيين العراقيين أن يسموه (أبو علي الشايب).
الذين عايشوا هذا الإنسان, الطيب, والمتواضع, والثوري, والحيوي, والفتي, يعرفوا بالتمام, أن ليس هناك من وصل بين التسمية والواقع.
وتكاد تكون التسمية مشابهة لحالة بطل رباعية شمران ياسري(ملا نعمة), فكلمة الشايب تعني هنا بالتحديد, الخبرة المتراكمة, والتعلم من دروس وعبر الحياة, والحنكة, والجواب عن الأسئلة الصعبة, واتخاذ القرار دون تردد, والطيبة, والنبل, والقدرة على حب الأخر وتقديم النصح له. وهذه الصفات كادت تكون الثوب الذي ازدهى به (أبو علي), في كل محطات دروبه التي سار فيها شامخا دون أن ينحني.

إلتقيته في سهول مدينة أربيل, وجبالها, وقراها, وسط سرايا أنصار الحزب الشيوعي العراقي, أواخر ثمانينات القرن الماضي. وكان قد قدم إلينا رغبة منه ليكون قريبا من السرايا القتالية, وقريبا من جماهير المدن.
وهناك في قاطع أربيل كلف بالعديد من المهمات وكان أهلا لها.

في مساء كالح من عام 1988 لاحت لنا جموع الأوباش وهي تزحف قريبا من نهر الزاب, باتجاه مواقعنا. معلنة بدأ حملات الأنفال. وبدأنا بإخفاء الطحين والأسلحة والاستعداد للمواجهة.
في تلك الأيام كان العزيز (أبو علي)مكلفا بمسؤولية أحد المقرات القريبة من منطقة(سماقولي), وهناك تجمعت قوتنا القادمة من سهول أربيل وكوي سنجق وكنديناوه ومخمور.
كانت الساعات حاسمة وخطرة, وتتطلب قرارات خطيرة ومصيرية تخص شكل حركة ومفارزالأنصار الشيوعيين.
على العشب جلسنا مجموعة نمثل سرايا قه ره جوغ, وأربيل, وبرانتي, وكان هناك أيضا الشهيد(كانبي), والعزيز (أبو علي). جلسنا للإجابة على السؤال الصعب يومها: ما العمل ؟

ورغم أن الطيب( أبو علي), لم يعش تجربة سرايا السيارات, بحركتها السريعة والواسعة, ودخولها الذي يكاد يومي, لمدينة اربيل, وغيرها, والتي اختلفت عن تلك السرايا القتالية التي خاضها سوية مع أنصار أربيل, فقد كانت مواقفه ونصائحه وأفكاره وتدابيره, تنم عن قدرة فائقة في المعرفة السياسية والعسكرية, تراكمت لديه من خلال تواجده المبكر في حركة الأنصار, ومن خلال تجاربه الحزبية, والسياسية, والعسكرية, في السجون والأهوار والمدن.
وبعدها حل الوداع, حيث تفرقنا كوحدات صغيرة في السهول والجبال, وحسب توصية وحكمة ذلك اللقاء الذي كان (أبو علي) من حاضريه.
وبدل هذه المفارز الصغيرة, أرغمنا على خوض معارك صعبة وقاسية, للدفاع عن مناطق(وادي بالي سان ), وعلى قمم جبل هيبت سلطان, وغيرها, ولم أشاهد أبو علي بعدها.

وتركت سهول اربيل, باتجاه مواقعنا الخلفية في ( كافيه), سوية مع مجاميع الأنصار, بعد أن ضاقت بنا السبل.
ولم تمض أيام ليحاصرنا أوباش ومرتزقة النظام المقبور ثانية.
وسرنا في واحدة من المفارز التاريخية باتجاه الحدود التركية, ومعنا سارت النساء, والأطفال, والمرضى, والضيوف.
وكانت مسيرة عشرة أيام شاقة ومضنية, وبعد معارك بطولية, عابرين الحدود باتجاه تركيا, ومنها عبرنا صوب الحدود الإيرانية, ومنها توجهنا ثانية صوب كردستان العراق (جويزه), ومن هناك تحركنا بعد أيام صوب (ناوزنك)و(نوكان).

وفي هذه المواقع الجديدة, التي شيدناها من الحجر, وسط ظروف نفسية, وإرهاق, ومعاناة, و بعد توالي الأحداث العسكرية, والأنكسارات, وسيطرة جيش النظام على اغلب مواقع كردستان العراق, وانحسار الحركة الأنصارية.

وهناك كان العزيز(أبو علي) معنا أيضا, وكانت الحاجة كبيرة لسماع كلماته, وهي تعلم على الصبر والتروي وعدم فقدان الثقة بالناس والحزب.

هي خسارة فادحة ومؤلمة, أن يودعنا(أبو علي) من مدينة (كيرونا) السويدية, الملاصقة لقطب الشمال, في آخر الشمال السويدي, بعيدا عن أهله وأحبته في مدينة الثورة في بغداد, هؤلاء الكادحين الذين نذر لهم أجمل سنوات عمره. وبفقدانه خسرنا صوفيا شيوعيا, نحن أحوج اليوم إلى حكمته, وحنكته السياسية, في وطن مزقته الطائفية والأحقاد والتطاحن على السلطة البغيضة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية


.. Socialism the podcast 131: Prepare a workers- general electi




.. لماذا طالب حزب العمال البريطاني الحكومة بوقف بيع الأسلحة لإس


.. ما خيارات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة عمليات الفصائل الف




.. رقعة | كالينينغراد.. تخضع للسيادة الروسية لكنها لا ترتبط جغر