الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الشهيد الشيوعي، عظمة الشهيد، وقبح ونفاق الطبقة السياسة التي استرخصت الدم العراقي..!

محسن صابط الجيلاوي

2008 / 2 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


عقود عشت وعاش غيري وفي كل شباط على ترديد ( اليمشي بدربنا شيشوف لو موت لو سعادة ) ولا أعرف أي سادي كتب كلمات هذه الأغنية البائسة التي وضعت الموت عنوان للحياة وعكرت لمس أي وسطية تنصر للبقاء وللأمل وللنضال..وبالتأكيد ليست الأغنية هي من غيب مئات الآلاف من العراقيين وأزالهم والى الأبد من الوجود والعمل والإنتاج الإنساني بل تلك العقلية التي تماثلت مع ذلك ونفذت وجعلت من الدم حقل ومن كثرة الشهداء ( غلة ) يتنومس فيها..؟!
كل سنة يحتفلون بيوم الشهيد الشيوعي، نحن جميعا نفعل ذلك، كل على طريقته، فالشهداء حاضرون أبدا فينا هم جزء من أرواحنا ودمائنا وقلوبنا وعقولنا وتاريخنا وذاكرتنا..ولكن أن تتحول الاحتفالات لمراسيم للإعلان والدعاية السياسة الرخيصة فهنا يقع الاختلاف العجيب والمأساوي...لم يبقى للحزب في وضعه الحالي سوى التشبث بالشهداء فهو المالك الوحيد وما عداه خائن وانتهازي ومهزوم..!
يتفاخرون بالصور المعلقة على الحيطان بازدحام واضح..ولكن دون السؤال المطلوب من المسئول..؟ هل السلطات والأحزاب التي تحالفنا وعملنا معها فقط أم العقلية التي لا تكترث بالبشر وسلامتهم والحرص على حياتهم...؟!
قرأ البعثيون أيام الجبهة كلمات تشيد بشهدائنا، وكذلك فعل البارزانيون بعد أن غيبوا عشرات من الشيوعيين وهم في طريقهم إلى الوطن، من يستطيع أن ينسى عيسى سوار؟ وقرأ الجلاليون ذلك البارحة وهم صناع ملاحم مجازر بشتآشان وقتال( الأخوة) كما يسمى زورا ومسخرة..وقرأ الجميع اليوم كلمات في كرنفال الموت، وعلى الحزب أن يفعل نفس الواجب في نفس مراسيم المقابل، فالآخر لديه شهداء أيضا، الحزب قتل من الآخر بالتأكيد، ليس هناك شريف وأفضل من الآخر في عرس الدم هذا..، ذلك هو النفاق الواجب القيام به، الجميع يتطلع في الصور المعلقة بعجالة والتي ترك عليها الزمن ندوبه وذكراه، يبتسم أحدهم سرا بالتأكيد ذلك أرسلناه شهيدا ببنادقنا...من يستطيع أن يكذب ذلك ؟ فقط السياسة وعهرها قادرة على لي الحقائق.. لا تنسوا أن كل ذلك حدث باسم الشعب..والشعب وين وطنبورة وين..جوع وفقر وتشرد تلك هي أهم عناوين لحياتنا ( الجميلة ) اليوم التي هي نتاج كل هذه المعارك التي تتطلبها السعادة.. واو وأي سعادة حيث لا كهرباء ولا ماء ولا تعليم ولا أمان ولا صخام...!؟؟
مهرجانات تنز بقادة الأحزاب ومنظماتهم ( الديمقراطية ) وومثليهم ومساعديهم، نفس الوجوه والسحن، هذه المرة لبسوا بدل زى الثوري المتواضع ربطات العنق وعقلية السلطة، تلك هي واجبات وأعراف متبادلة وتقليدية، تبدو القاعات ممتلئة ذلك ما يثير نشوة الحزبي ويرضي غرور المسؤول الأول، وحدهم الشهداء ينسلون بهدوء من الحيطان التي وضعوا عليها عنوة يجدون أنفسهم في وحشة من هذا المكان، ينظرون بدهشة إلى هذا الوئام العجيب الكاذب الباهت..فتخرج أرواحهم الطليقة، السامية لتحلق بحرية بعيدا فوق أرض وتحت سماء العراق غير آبهين بما هو مُكرر وغشاش وعقيم..فالشهيد له قضية ويجد أن دمه سُرق في حفلة الذئاب التي حطمت وطن كامل..!
في كل مرحلة تتغير خارطة ولوحة الشهداء، فتحت الجبهة خففنا من الحديث عن شهداء شباط الأسود، وبقربنا من الحزب الديمقراطي مسحنا أسماء العشرات، أما مع جلال فشطبنا من الذاكرة والوقائع أكبر مجزرة جماعية تعرض لها الحزب في تاريخه..فشرط الاحتفال وظروفه مرهون بالسياسة ومصالحها( ودراهمها ) تلك هي عقلية الطبقة السياسية مجتمعة التي جعلت الأرض العراقية تنز دما قانيا وثمينا وغزيرا على الدوام..!
والآخرون يفعلون ذلك أيضا عرفانا ومودة للقربى الجديدة فصور جلال ومسعود تُعلق كما البكر وصدام ولكن خلفها سماء حمراء من دماء سُفحت عبثا في حروبهم المجنونة...دماء الناس ليست أهم من تبويس لحى بعضهم البعض عندما تحين المصالح ولغة الحسابات فهم صفوة هذه الأمّة ورجالها الأشاوس..!
سكرتير الحزب يوزع دبلومات لعوائل الشهداء، هل هذا أقوى من دبلوم الدم الذي حفر في الأرض عميقا..؟
والدبلومات وشكل الاحتفال يبدو أنه مستمد من شكل ( العصرنة) الذي يعيشه الحزب، طبعا لازم نرجع بشيء جديد ومختلف ( بلابوش دنيا )..وهي شبيهة بأنواط الشجاعة وسيارات الشهداء التي كانت يتكرم بها النظام المقبور ولو هنا تبدو أقل فقرا وبؤسا، لكن كل ذلك لم يستطع أن يمحي السواد والدموع وكثرة اليتامى والأرامل ومرارة الفراق للابن أو الزوج أو الأخ أو الصديق في عراق خيم عليه شبح الموت والحزن والسواد بفعل شطارة تتغيب الناس التي توافق الجميع على تنفيذها وتفعيلها وممارستها..!
ألم يسال البعض كيف حصل السكرتير ولجنته المركزية على رواتب وحقوق ولغف من هنا وهناك، من بلدان اللجوء ومن العراق معا كما فعل طويلهم وزملاءه في السويد وهم الأحياء في مرابع الاشتراكية والإمبريالية لعقود في حين قضايا الشهداء معلقة حتى في الحد الأدنى ( إعادة الاعتبار ) ولدي شواهد كثيرة على ذلك..؟
إذا لم ينتصر هؤلاء لحقوق وكرامة شعب فمن يصدق أنهم ينتصرون للأموات والشهداء وهم تحت التراب..؟!
لا يحق للبعض المعروف ورثة فهد وسلام عادل، هؤلاء الأفذاذ كانوا رجال ثقافة ووعي وفقراء وطلاب وحدة ومسعى من أجل أن يكون العراق أفضل وأجمل، هم ملك العراق النقي النبيل النظيف وليس من يزحف حد المذلة طلبا للغنى والجاه الرخيص المعجون بالغش والخداع والمذلة وبيع الضمير والحق والشرف والانحدار المروع في لذة سرقة العراق والعراقيين...!

يحتفلون بالشهداء ويتطلعون إلى أجساد أولادهم وأقاربهم وخصوصا الفتية المتشحين بالسواد والحزن ومرارة الأيام فهم ( الغنيمة ) الأهم فمن اليد الممتدة إلى الدبلوم إلى لقط الصداقة إلى الترشيح ومعها تورط المرء في الغسيل الأيدلوجي المقيت وتبقى عين القائد تتطلع إلى الروح والدم والجسد والعنوان كم هي مفيدة لزيادة الحقل والغلة معا في وضع أي هزيمة ( وشردة ) محتلمة، فالرزايا كثيرات ومتكررات بنفس السيناريو..!
بالأمس القريب أتصل بي ابن عم الشهيد منتصر، المعروف لدى أهله وأقاربه انه استشهد في بشتآشان وأن قبره موجود في مقبرة الشهداء في أربيل وتلك فرية وكذبة لا تريد أن تفضح الحقيقة..اليوم عرف أهل الشهيد التفاصيل المروعة ولا أعرف كيف سيبرر الحزب فعل تصفية الشهيد وفعل الكذبة الهشة عن ظروف استشهاده..؟؟!
كما وضعوا صورة ستار غانم ( سامي حركات ) على أبواب احدى مقراتهم، وسيرة سامي واستشهاده البطولي معروفة ومحط إدانة لهم...!
يعدون ملف عن الشهيد ( حميد الجيلاوي ) في الثقافة الجديدة مكتوب بالتأكيد بصيغة الأوامر الحزبية والأهم مكتوب من ناسهم فقط لكي يتهيأ للناس أن الشهيد قريب منهم وملكهم وحدهم بعد أن عرف الجميع مدى جماهيريته الراسخة وسط أهالي مدينة الكوت منعكسا ذلك في حب عشرات من الكتاب والمثقفين العراقيين الذين كتبوا عنه بروح ملؤها الصدق والفخر، و لكن الأهم حقوقه المهدورة وفي المقام الأول فيها إعادة الاعتبار له وظيفيا وشهيدا والتي تكابد عائلته منذ سقوط النظام لإنجازها دون جدوى، ولم تجد أي عون منهم على تحقيقها..ولا أعرف حد اللحظة هل حصلوا على الدبلوم..؟
كما قرأت خبر الحفل الذي أقيم في مدينة الحلة بيوم الشهيد الشيوعي حيث كانت هناك كلمة لوالد الشهيد ( باسل/ أبو تغريد ) طبعا ذكروا الخبر كالتالي وقد ألقى( كاظم الطائي) والد الشهيد دون ذكر أي شهيد ؟ وكان أبو تغريد لم يكن نجما كردستانيا ووجها أنصاريا معروفا وأعتقد جازما أن ذلك أمر مقصود.. يعرف الجميع اني أحد الذين يمتلك علاقة متميزة مع الشهيد أبو تغريد أمتدت من أيام بشتآشان( وبولي) وكون لي أصدقاء من عائلته وأقاربه عندما كنت داخل الوطن لهذا كان بيننا دوما شيء مشترك وخاص وإنساني في ظروف معروفة..وأعرف أن الشهيد بتصويت الهيئة الحزبية التي كنا فيها معا وبالإجماع حصل على منحة دراسية..لكن بعد أحداث بشتآشان سُرقت منه ومن غيره عقابا ولعل ابرز الأسباب هي مواقفه المبدئية الجريئة المعروفة....كانت هناك عقلية واضحة في كوردستان هي محاولة إرسال البعض إلى مواقع الخطر فإذا حقق نجاحا في عملية فبها، وإذا استشهد فقد تخلص من رفيق غير مرغوب فيه ووضع اسمه على قوائم الشهداء، الحالتان مربحتان ومريحتان بلا شك، تلك هي مكائد الإعدام النظيفة..وتلك هي العقلية الرخيصة التي دفع عشرات من الأنصار حياتهم بسببها..ولو تحقق أن حصل أبو تغريد على الحق الذي منح له لكان اليوم بيننا بحيويته وروحه وفتوته البهية المعروفة..!
هناك جبهات وانكسارات ومؤامرات وسرقات وسياسات وهزائم وقيادات وخيانات كلها ساهمت في صنع مشهد هائل ومؤثر عن عدد الشهداء المفتوح والضخم، كان الأجدر مناقشة ذلك لوضع حد لاسترخاص الدم البشري، فعندما تكون روح واحدة أو ألف تعطي قانونيا وإنسانيا محتوى شكل جريمة متساوية الأبعاد والحكم عندها سيكون لنا ولو لمرة واحدة أفضلية إيقاف استرخاص القتل في عراق تحول فيه سفح الدماء إلى ما يشبه لعبة للتسلية، فثقافة القتل واستسهالها وتعليم قطعان مدججة بالأسلحة عليها هي نتاج مُجتمِع لهؤلاء الذين القوا كلمات في يوم الشهيد الشيوعي..!
نحن كنا نتقلى الطعنات دائما وهزائمنا فيها انتصار وحيد هو طول أكثر لقائمة الشهداء..!
نحن نتلقى، يمر الآخرون فوق أجسادنا لنعود اليهم ثانية وثالثة متبرعين بشطب أسماء من قوائم الماضي..فالتحالفات من اجل الوطن هي الأسمى..ومع هذه العقلية الساذجة والهزلية والمصلحية ضاع الوطن، وضاعت أهم مادة لرفعته إلا وهي إنسانه..!
البديل أن نحتفل بالشهداء بالصمت وبالإجلال، بلا كلمات ومهرجانات نفاق سياسي، فدم الشهيد أخضر تسقيه الحياة تجربة وغنى وبهاء وعزة..علينا أن نتمثل وجودهم أحياء وان لا نصافح أي يد ملوثة بالدم وخصوصا الدماء التي سُفحت غدرا وظلما وتعسفا وعدوانا...!
الحرية الحقيقية المنتمية لعالم اليوم وحدها تفضح القاتل وتُكرم الشهيد..!
هؤلاء الذين قسموا الوطن إلى مشيخات وواجهات وولاءات هم الأبعد عن فهم كون الإنسان قيمة عليا..!
لدينا شهداء كُثر..أقول ضع إكليلك وأمض...تلك هي أرض سقيت بدماء الناس آن لها أن تعيش حرة وسعيدة ولكن ليس تحت سقف أحزاب تحتفي بالموت وبمهرجانات القتل..أحزاب يقودها القتلة..بل على أيدي أجيال جديدة عليها أن تتعلم حب الزهور والحياة والعطور والإنسان والأغاني والجمال والمرأة والطبيعة ولمسات البراءة والرفق بالحيوانات والطيور، أجيال تتعلم أن نشيد الحياة وازدهار الأوطان والأمم لا يتم إلا بوقف نزيف الدم..!
المجد للشهداء....!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب


.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال




.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني




.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ