الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جهاد الرسول مع بني قينقاع - صورة أخرى لثقافة الإرهاب التي تسيطر علينا

مستخدم العقل

2008 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استكمالا للحديث عن ثقافة الإرهاب التي تعشّش في مدارسنا ومساجدنا فإن أبسط الأمثلة للدلالة على تلك الثقافة هي قصة جهاد الرسول مع قبيلة بني قينقاع التي كانت واحدة من القبائل اليهودية الثلاثة المستوطنة ليثرب قبل هجرة الرسول اليها ثم كانت بعد ذلك هي أولى القبائل التي قام الرسول بطردها والاستيلاء على أرضها (حيث أتبعها بعد ذلك بالقبيلتين الأخريتين وهما بني النضير وبني قريظة). والسبب في طرد تلك القبيلة (كما هو وارد في سيرة ابن هشام) هو أن (امرأة من العرب قدمت بجلب لها ، فباعته بسوق بني قينقاع ، وجلست إلى صائغ بها ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ، فأبت فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ، فلما قامت انكشفت سوأتها ، فضحكوا بها ، فصاحت . فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا ، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود ، فغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع).

نفس الواقعة تقريبا مذكورة أيضا بكتاب المغازي وقد أخرج الألباني تلك الرواية وقال إن إسنادها حسن. ومن المعروف أن غزوة بني القينقاع كانت هي أول غزوة ضد اليهود عقب غزوة بدر وقد ذكر في كتاب المغازي أنها كانت يوم السبت للنصف من شوال على رأس عشرين شهرا أي أنها كانت في السنة الثانية للهجرة، وهنا يبرز سؤال حيث أنه من المعروف أن نساء المسلمين لم يرتدين الحجاب حتى نزول آية الحجاب من سورة الأحزاب في السنة الخامسة للهجرة.

فهل كان تغطية تلك المرأة (التي لم يرد أسمها بأية مراجع) لدافع ديني أم لسبب آخر؟

الإجابة عن السؤال عاليه تكون أنه إما أن تغطية المرأة لوجهها كان لسبب غير ديني وبالتالي يكون ذلك الصائغ اليهودي قد أرتكب جريمة لاتستحق القتل، أو أن السبب كان دينيّا (بالرغم من عدم ثبوت ذلك تاريخيا) وبالتالي فإن جريمة ذلك الصائغ مازالت لاترقى لعقوبة القتل حيث أن عقوبة هاتك العرض معروفة في الإسلام حتى وإن كانت الحدود لم تنزل بعد في ذلك الوقت.

لاأدري إن كان أيّ ممّن قرأ تلك القصة قد فكّر في أن يسأل نفسه عمّا إذا كان يحقّ لأي عابر سبيل أن يعاقب ذلك الصائغ (بفرض ان ذلك الصائغ كان يستحق القتل) وذلك كما هو واضح من رواية القصة التي يتدارسها أبناؤنا في المدرسة والمسجد. كذلك لاأدري إن كان أيّ ممّن قرأ تلك القصة قد فكّر في أن يسأل نفسه أيضا عن السبب في معاقبة جميع أفراد القبيلة وإجلاؤهم من أراضيهم والاستيلاء على أموالهم مقابل جريمة ارتكبها فرد واحد (أو عدة أفراد) من تلك القبيلة. ألم يفكّر أي ممّن قرأوا القصة لماذا لم يعاقب فقط هؤلاء الذين قتلوا المسلم (في حال استحقاقهم للعقوبة). ألم يفكّر أي ممّن قرأوا القصة عن الحكمة من الاستيلاء على أموال تلك القبيلة وعمّا إذا كان ذلك سيعطي الفرصة للمتسائلين مثلي لأن يعتقدوا أن الاستيلاء على تلك الأموال ربما كان من أحد أسباب تلك الحرب المفتعلة.

إنني حين أتساءل عن واقعة بني قينقاع فإن دافعي لذلك يفوق أهمية بكثير من مجرد التساؤل عن مصير قبيلة لم يكد التاريخ يذكرهم ، فوجود القصة في الكثير من المراجع التاريخية والأحاديث النبوية وتدريس هذه القصة لأطفالنا (بصورتها الواردة عاليه) في مدارسهم ومساجدهم يدلّ -في رأيي- على تشوّه أخلاقي خطير يعاني منه تاريخنا الإسلامي. إن قراءة القصة بحيادية من مصادرها الإسلامية توضّح بجلاء افتقادها لأبسط قيم العدالة كما نراها اليوم، فهي تحتوي على الكثير من الجرائم الأخلاقية أبسطها هو العقاب الجماعي. إننا هنا لايعنينا صحة القصة بقدر مايعنينا طريقة تناولها في الفكر الإسلامي والتي تدلّ على تشوّه أخلاقي. بالطبع فإننا لن نحاكم الرسول بمعاييرنا الحديثة للأخلاق (والتي دفعنا فيها ثمنا باهظا من تجاربنا عبر السنين) فما فعله ربما كان لاغبار عليه في وقتها ولكنه يعدّ جريمة بمعايير اليوم. فإذا كان الرسول هو من جاء بدعوة الإسلام والذي جاء لهداية البشرية عبر الزمان والمكان، ففي هذه الحالة سيتبقى لنا خياران:

الخيار الأول هو أن نؤمن بما جاء به الرسول وبالتالي الإيمان أيضا بسرمدية أخلاقه بمعنى أنه لاداع لجميع الدروس الأخلاقية التي تتعلمها البشرية بمرور السنين، أي أن إيماننا بالرسول سيحتّم علينا أن نؤمن بصحة كل أفعاله وبالتالي سيجب علينا حينئذ ألا نجد بأسا في طرد قوم من أرضهم أو في ممارسة العقاب الجماعي أو في الاستيلاء على أموال الغير. تجدر الملاحظة هنا أننا في هذا الحالة يجب علنا إخضاع أخلاق الرسول لمعايير اليوم بل وللمعايير المطلقة للأخلاق التي ربما سنعرفها بعد آلاف الأعوام طالما أن رسالته هي للبشرية كلها على مدار الزمان.

الخيار الثاني هو أن نكون أكثر واقعية فنؤمن بأن الرسول هو مجرد مصلح اجتماعي أو قائد ناجح وبالتالي فإنه كان يتعامل بمفردات عصره وبيئته ولا يحقّ لنا أن أحاكمه أخلاقيا بمعايير اليوم ولكننا أيضا لن نستطيع القبول بسرمدية رسالته أو صلاحيتها عبر الزمان والمكان.

مرة أخرى فإننا لايهمنا كثيرا صحة الواقعة التاريخية المذكورة بقدر ما يهمنا التشوّه الأخلاقي والفكري الذي ينم عليه وجودها في التراث الفكري الإسلامي والتساؤل عن مدى جدوى تدريسها للأطفال دون أن يفكر شخص أن يسائل نفسه في مدى مشروعيتها الأخلاقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات موجعة للمقاومة الإسلامية في لبنان القطاع الشرقي على ا


.. مداخلة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت




.. 108-Al-Baqarah


.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل




.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك