الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دور المنظمات الإنسانية لتحقيق وصيانة الديمقراطية
مجيد محسن الغالبي
2008 / 2 / 28المجتمع المدني
تمثل اغلب المنظمات استجابة فاعلة لمتطلبات الوجود الإنساني وهذا يعني ان المبدأ الأساس لوجود المنظمات هو الحاجة الإنسانية ذلك ان وجود الإنسان كحقيقة موضوعية غير منعزل عن بقية الحقائق الموضوعية الاخرى وهذا يعني بداهة انه متفاعل مع محيطه الاجتماعي والطبيعي وفقا لامكانيات تحليلية على مستوى الادراك واخرى تركيبية على مستوى المفاهيم وان كلاهما يشكلان المحتوى ألمعلوماتي
ان النموذج الحضاري لجميع الحقب يبدو جليا في الدولة التاريخية اذا جاز التعبير ونعني بالدولة التاريخية هي ذلك الكيان المتميز بين الدول والذي يكتنف الى جانب مقومات تطوره عوامل تدهوره في المدى الاستراتيجي البعيد وان هذا النموذج هو مزيج من منظمات تمثل مجالاته الحيويه وتتحكم في مساراته فهناك قوىسياسية وقوى اجتماعية وقوى اقتصادية وقوى تكنولوجية وان أي من هذه القوى يتجذر نحو مكونات فرعية ادق وبالتالي فان عوامل الصراع هي الاخري تنحدر نحو التكوينات الفرعية واذا سلمنا جدلا ان الصراع ديناميكية التطور وصولا الى الجديد فان جميع المنظمات كقوى رئيسية اوفرعية تستند الى مبدأ اساس وهو ثقافة المنظمة من حيث قبول او مقاومة التغيير وعليه فان ثقافة المنظمة تعبرعن المحتوى الكلي للمعرفة بما فيها الفنون والمعتقدات والقيم وعلى مستوىالفرد تمثل الثقافة نظاما كاملا من القيم والمعتقدات والاتجاهات وسبل والاخلاق التي تحكم السلوك ولذلك فان ثقافة المنظمة تشير الى تصميم سبل الأداء وأهدافه وعليه فان اقتران الأداء بمفهوم المسؤولية الاجتماعية هو الذي يجعل من المنظمة استجابة لمتطلبات الوجود الإنساني وكلما ابتعدت عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية كلما كانت رسالتها ابعد عن ذلك
ان حرية الإنسان وكرامته وتدعيم مقومات استمراره ككائن عاقل يحكم هذا الكوكب وينبغي ان يحضى بالاهتمام والرقي هي أهم مقومات المسؤولية الاجتماعية وحتى على مستوى منظمات الربحية فان وجودها أصلا يقوم على إشباع الحاجات وان كان هدفها النهائي تحقيق الارباح ولما كانت المنظمات الإنسانية لاتستهدف الربح فان جوهر ادائها ينصرف الى المسوؤلية الاجتماعية خصوصا ان هذه المنظمات تستند الى ثقافة الوعي باهمية الانسان ومن ثم فان رسالتها والتي هي المحتوى الفكري لاهدافها البعيدة تتوخى ذلك على الضد من منظمات الربحية التي تكون رسالتها توخي الارتقاء بالاداء الاستراتيجي بما يدعم سبل البقاء وان وسائل ذلك هي الحاجات وطرق اشباعها بمعنى ان الانسان يغدو الوسيلة الاساسية لذلك وان معطيات الجودة في الأداء والتكلفة هي المدخل الحيوي لبلوغ تلك الوسيلة وبذلك فان المسوؤلية الاجتماعية تغدو هنا ناتجا عرضيا وخضوعا لايمكن تجاوزه لأنه متعلق بوسيلة البقاء أي أن الإنسان هنا لايعدو عن كونه مستهلكا بقدر مايتعلق ذلك بالأرباح ينبغي اصطياده من قبضات المنافسين بمختلف وسائل الجذب وصولا الى الربحية في حين المنظمات الانسانية ترى ان الانسان الى جانب كونه مستهلكا له حاجاته المادية فمن الحق ان ينعم بحريته وكرامته ومكانته في هذا الكوكب وان مفهوم الرجل العظيم الذي يلقم الافواه بالمنتجات ليملئ الجيوب بالأموال هو مفهوم لايتجاوز الحدود المادية حتى وان حقق للبشر قدرات معرفية وادوات تقنية يمكن ان تصمم سبل العيش بطرائق متحضرة وتذلل الكثير من عقبات الحياة الا ان ذلك ناجم عن السعي نحو الثروة ويجعل من الانسان هو الوسيلة حتى ولو اقتضى الامر الحط من قيمته بذرائع تكيف مفهوم المسوؤلية الاجتماعية بما يخدم المصالح بينماترى المنظمات الإنسانية ان الوجود السامي للإنسان يكتنف الكثير من الحاجات المعنوية والتي هي لاتقل شأنا عن حاجاته المادية وان حريته وكرامته تمثلان الخط الاحمر الذي لايمكن تجاوزه وان اشكالية الربحية يمكن حلها في اطار مفهوم الانسان كغاية ووسيلة حيث ان العوائد والتي هي اكثر عمومية من الارباح تاخذ طريقها لتنمية الانسان ووفقا لذلك فان المنظمات الانسانية تبدو راعيا لحياة الانسان بما فيها حريته ولعل خير مثال على ذلك هو المدارس والمستشفيات ومنظمات حقوق الانسان وغير ذلك وهي عبارة عن خلايا مجتمعية نابضة بالحياة بمعناها الاشمل ولذلك فهي تنشط حيثما كانت الحاجة قائمة لذلك وتقاوم من اجل بقائها بوسائل اكثر وعيا وعليه فان من الصعب اجتثاثها لأنها تمتد في النسيج الاجتماعي احيانا وتاخذ شكلا متطورا للتنظيم اللارسمي كما هو الحال في الاحزاب الوطنية التي يستغور تاريخها حقبا مهمة وينغل في تاريخ المجتمعات بحث يغدو جزءا من التراث الوطني وتمثل منظومة الرقابة التي تعتمدها هذه المنظمات في الحفاظ على دقة مفهوم المسوؤلية الاجتماعية والسعي لتحقيق الالتزام الحقيقي به واحدة من اهم مقومات البقاء الى جانب كونها تعبير حقيقي عن ثقافة المنظمة باعتبار ان ذلك يصدق على القيم والمحتوى المعرفي لتلك المنظمة وتأتي الديمقراطية كنموذج حقيقي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية التي تسعى هكذا منظمات الى تحقيقها ورعايتها لابكونها حكم الأغلبية بل بكونها حرية التعبير المسوؤل والهادف التي خلق قيم الحياة الحرة الكريمة التي يكون فيها الانسان غاية ووسيلة وبالإضافة الى منظومة الرقابة فان أدوات وطرائق التطبيق هي الاخرى موضع الاهتمام كما هو الحال في توصيف نظام السلطات وذا كانت الديمقراطية واحدة من التقاليد المهمة التي تسعى المنظمات الإنسانية الى تكريسها والحفاظ عليها فان هذا السعي في حقيقة الامر الى خلق ثقافة الديمقراطية وبالمفهوم الأكاديمي يعني ان هناك هدف وهذا الهدف يستلزم موارد وان الموارد لايمكن ان تمتزج وتفعّل الا بادوار واذا افترضنا جدلا ان الموارد قابلة للتحقق فما هو دور المنظمات الإنسانية بما فيها الأحزاب الوطنية في بناء الديمقراطية في ظل ظروف الاحتلال والمحاصصة وثقافة العواطف الدينية؟ والى أي مدى يمكن الاعتماد على هذه المنظمات في ترسيخ وصيانة القيمة الوطنية كواحدة من مقومات الديمقراطية وهل ان ثقافة الاعتراف بالاخر التي تسعى الى تكريسها المنظمات الإنسانية في العراق استطاعت ان تصمد ازاء عواصف التطرف وثقافة القتل؟ ان هذه الاسئلة هي دعوة مخلصة لمناقشة واقع المنظمات الإنسانية في العراق
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح
.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين
.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين
.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا
.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين