الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيكولوجية نشر الشائعات في المجتمع العراقي

علي عبد الرحيم صالح

2008 / 3 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يواجه المجتمع العراقي في الفترة الراهنة وهو غارق في ازماته السياسية ‏والاقتصادية وظروفه الامنية ، موجة عارمة من الشائعات على جميع ‏مستوياتها ، وانواعها المختلفة ، لاعبة الدور الكبير والسيء في اثارة افراد ‏هذا المجتمع لاجل خلق حالة من الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار . ‏
‏( الشائعة رواية كاذبة ولكنها قابلة للتصديق)‏
الشائعة من المنطلق السيكولوجي وكبداية لموضوعنا عبارة : عن اقوال او ‏اخبار او احاديث يخلقها البعض لأغراض خبيثة ، يتناقلها الناس بحسن النية ‏و دون التثبت من صحتها والتاكد من صدقها ، أذ تنتقل عن طريق الدردشة ‏او الثرثرة غير المقصوده ، في شكل قصص او روايات ، ليس لها أي أساس ‏من الصحه ، و لكنها قابله للتصديق ، مسببه حالة من التوتر والقلق ، و يشير ‏العالم ليون فستنجر في نظريته التنافر المعرفي في قوله ( ان أستقبال الافراد ‏او الجماعة لمعلومات غامضة او غير كافية او غير مناسبة او متناقضة تخلق ‏لديهم حالة من مظاهر سوء الادراك والفهم و لمجريات الاحداث ، مسببة حالة ‏من الارتباك والفوضى) .‏
تبدأ الشائعة على شكل خبر ذات اهمية خاصة لدى جماعة من الناس في ظل ‏ظروف من الغموض والالتباس وفي حالة من التوجس والخوف من حدوث ‏شيء ما ، بشرط ان تعبر الاشاعة عن القلق الحبيس ، وان تكون منفذا ‏للتفريغ ، وهي على انواع مثل اشاعة الخوف والسوداء والحالمة والكراهية ‏‏.‏
‏( انتشار الشائعة كسريان النار في الهشيم)‏
نجد كثيراً أن انتشار الشائعات ينتشر بشكل كبير وواسع في المجتمعات التي ‏تمر بفترات او مراحل انتقالية ، أثناء سعيها للانتقال من مرحلة سابقة الى ‏مرحلة التحضر , والمجتمع العراقي وهو يسعى الى مرحلة الانتقال من ازماته ‏واوضاعه المختلفة والمتأزمة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي ‏، يمر بعوامل ومسببات يكون البعض منها واضح ومعروف ، والقسم الاخر ‏كامن وغير واضح لدى أفراد المجتمع . و نجد أن هذه المسببات او العوامل ‏قد تنحصر بين افراد المجتمع نفسه نتيجة القلق ، والخوف ، والحرمان ‏والاحباطات ، والضغوط التي عاناها الافراد على صعيد الحاجات البيئية ‏المختلفة , او قد تنحصر على صعيد التدخل الداخلي والخارجي من قبل ‏جماعات واطراف معينة لا تريد الاستقرار ، لغرض التحكم والسيطرة ‏بمجريات الاحداث و الامور الجارية ، و لكن ما هي العوامل التي تشجع على ‏أنتشار الشائعات : ‏
‏(الحاجات والرغبات النفسية)‏
عانى الفرد العراقي من حاجات ورغبات نفسية مكبوته كان يسعى الى تحقيقها ‏وعلى امل اشباعها وخاصة بعد التخلص من مرحلة النظام السابق ولكن ‏عندما واجهت و جوبهت هذه الرغبات والحاجات بالرفض او عدم التحقق ‏نتيجة للظروف الحالية ، ظهرت على شكل صور تنفيسية ، و على شكل ‏قصص او أخبار قابلة للتصديق ،. وهنا الامر اشبه بالأحلام التي تنفس عن ‏رغبات الناس التي لم تتحقق في اليقظة ، فالاشاعات حالياً عملت على أشعار ‏الافراد بالرضا لانها اشبعت بعض الحاجات والرغبات التي لم تجد اشباعاً لها ‏في الواقع فتسبب نشوئها وانتشارها.‏

‏( الخوف و القلق )‏
عانى العراقيون في الفتره الراهنه و بصوره مرتفعه حاله من الخوف و ‏القلق و أنعدام الأمن أولاً ، و عدم توفر ضروريات الحياة و مستلزماتها ثانياً ‏، فالخوف والقلق هنا عاملان مهمان من عوامل خلق الاوهام ، فمثلاً نجد أن ‏الخوف من عدم توفير مواد الحصة التموينية ، التي هي من الحاجات ‏الضرورية التي يقتات عليها افراد المجتمع العراقي ، تؤدي الى شعور من ‏عدم الطمأنينة والأمن النفسي ، و تسودها مشاعر من الخوف والقلق ، فعلى ‏أثر ذلك تنشا لديهم توهم أشياء غير واقعية تكون في صورة توقعات تعمل ‏على انتشارها في صورة أخبار و حكايات لا أساس لها من الصحة بين ‏الافراد ، و هو ما يؤكده الدكتور علي كاظم الشمري ( ان الفرد العراقي يعيش ‏اليوم في حالة من التخبط والحيرة والقلق ، فبات يشعر بان الساحة أمامه ‏غامضة ، ولايملك لها اجوبة منطقية ، مما يجعله يلجاً الى انشاء أي ‏أستنتاجات ممكنة ازاء النقص الموجوده لديه في المعلومات ، فليس بوسعه ‏الا للجوء الى توقعات كحالة دفاعية قد يتمكن من خلالها خفض توتره وقلقه ‏واستعادة اتزانه ) فالخوف والقلق في هذه الصورة هنا وسيلة مهمة من ‏وسائل نشأة وسرعة انتشارالشائعات .‏
‏( مشاعر الكراهية )‏
تلعب مشاعر الكراهية والحقد الموجوده لدى الجماعات التي لا تريد لمجتمعنا ‏العراقي الثبات والاستقرار ، الى خلق الشائعات المختلفة، من أجل أثارة وزرع ‏صفوف الفتنة و نشر القطيعة بين الطوائف والمذاهب والقوميات والأديان ‏المختلفة ، اذ تظهر الشائعات بشكل معلومات مغلفة بطابع عدائي وغير ودي ، ‏وهي غالباً ما توجه الى الاشخاص البسطاء او العاديين الذين لا يملكون ‏الإمكانات العلمية والثقافية لنقد وتحليل الشائعات ، والغرض هنا هو توجيه ‏الافراد نحو أشياء معينة والتأثير على ارائهم ومواقفهم..‏

‏( الوسائل الاعلامية )‏
تعد الوسائل الاعلامية من اخطر الوسائل التي تروج الشائعات ، عن طريق ‏الصحافة والإذاعة والتلفزيون و نشر البيانات، و غالباً ما تكون الرسائل التي ‏تنشرها غامضة و غير صادقة ، و في أحداث مشوهه عن صورتها الواقعية و ‏بطرق إيحائية تحريفية .‏
ان للحد من احتواء و أنتشار الشائعات و ليس سهلا ، أذ لا بد من التصدي له ‏عن طريق تفعيل دور رجال الدين وكبار شخصيات الدولة او أصحاب المكانات ‏الاجتماعية العالية لتكذيبها ، مع وضع الحجج والبراهين المنطقية والحقائق ‏الملموسة والواقعية لدحضها ، وإزالة الاحباطات التي سببتها ، ورفع الروح ‏المعنوية المنخفضة التي نتجت عنها ، والعمل على ازالة الاحقاد والمشاحنات ‏بين الجماعات المتنازعة التي أثارتها ، دعماً لتثبيت وتماسك المجتمع من ‏اخطار الشائعات التي تبث في اوساطها ، مع برمجة وسائل الاعلام في القضاء ‏عليها .‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب