الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمل المرأة وإحساس الرجل بذاته

باسنت موسى

2008 / 3 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أتبادل الرسائل الإليكترونية مع أناس كثيرين بعضهم من القراء والبعض الآخر كُتّاب وزملاء عمل، أثناء تصفحي لبريدي الإليكتروني الأسبوع الماضي وجدت رسالة عنوانها "عمل المرأة يؤثر على ذكورة الرجل وإحساسه بذاته" وحقيقة قبل أن أطلع على محتوى الرسالة توقعت أنها حتماً ستكون مجموعة من النكات وذلك لأن عنوانها ساخر لكنني عدت ورفضت توقعي هذا عندما قرأت أسم راسلها فهو زميل جاد دوماً لا يضحك كثيراً ولا أعرف لماذا؟ ربما لأنه يعتبر الضحك أمر يقلل من جدية حياته، المهم هو أنني صدمت مما قرأته داخل محتوى الرسالة حيث كتب لي الزميل قائلاً:

برنامج "البيت بيتك" ياستي واللي كنت فاكر أنه خطوة للأمام في إعلامنا المصري عمال أكتشف مع الوقت أنه زيه زي الباقيين من برامج التليفزيون المصري..
إمبارح كنت بتفرج عليه وجابوا واحد بيقولوا أنه أستاذ علم اجتماع وبصراحة نسيت اسمه وأفتكر اسمه ليه ما هو أصلاً كان طول الحلقة بيأكد أنه أستاذ في التخلف والغباء مش في علم الاجتماع، كانوا بيتناقشوا معاه في عمل المرأة وهو راح قالهم بصراحة عمل المرأة مبقاش خطر على الأولاد بس من حيث التربية ده بقى خطر كمان على رجولة الرجل وإحساسه بذاته وأعطى مثل يدلل بيه على صحة كلامه، وقال تخيلوا الآن أن هناك أخ ذكر لديه أخوات بنات يعملن جميعاً ويحصلن مقابل هذا العمل على أجر مادي كبير وهو مسكين لا يعمل لأن البنات عددهم أكبر من الأولاد واحتلوا كل فرص العمل المتاحة بالطبع مع الوقت سيفقد سيطرته كذكر على أخواته البنات كمان هيشعر بمهانة عظيمة لما يلاقى أخته بتحسن عليه كل أول شهر بكام جنيه... المشكلة يا باسنت مش في الراجل الأستاذ ده المشكلة إن المذيع سابه وكأنه نايم يقول خرفاته دي قدام الناس... يالله عليه العوض شكلنا بننفخ في قربه مقطوعة وفي النهاية نفسنا إحنا اللي هيتقطع من النفخ.
تلك كانت سطور رسالة زميلي هذا كما كتبها بطريقته، ولا أظن أنني بحاجة للتعليق عليها لكن حتماً هذا الأستاذ في علم الاجتماع ومن هم على شاكلته في التحليل الاجتماعي لظواهر مجتمعنا المرتبطة بشكل كبير بعلاقة الرجال بالنساء ومفاهيم الرجولة والذكورة مازالوا ينظرون للمرأة باعتبارها كائن أنثوي فقط وليس إنسان حدث أنه أنثى وبالتالي يظلمونها لأنهم ينفون إنسانيتها وتلك أهم صفة وأكبر أرضية مشتركة بين الرجل والمرأة قد تساعدهم على التعاون في الحياة بشكل أفضل بحيث لن يضغي أحدهم على الآخر ويسلب حقوقه تحت أي دعوى من دعاوى التمييز الاجتماعي البغيض أو الديني المغلوط.
أتذكر أنني قرأت منذ فترة ليست بالبعيدة تقرير نشر عن "مشاعر النساء المتعطلات عن العمل" وذلك على الصفحة الإليكترونية لإذاعة لندن وقد كان من إعداد "هدى جابر" حيث وثقت من خلاله مشاعر سيدتين عربيتين متعطلات عن العمل.
الأولى: هي "نادية محمد" سودانية مقيمة في الإمارات عمرها 29 عام: تحب أن تكون امرأة عاملة لأن العمل يمنحها شعور بالتفاؤل وإحساس بالإيجابية وتلك المشاعر تحتاجها نادية لتتخطى شعورها بالإحباط والإكتئاب خاصة وأن الأماكن التي عملت بها في مرحلة ما بحياتها كانت تفتقر للإدارة المتطورة ومعالم البيئة العملية الحقيقية التي تدفع العاملين للأمام من حيث الترقي المهني أو التطوير الذاتي مما جعلها تترك مثل تلك الأعمال فلن تظل طوال حياتها تتحدث عن أحلامها دون أن تطرق لكيفية تنفيذها على أرض الواقع.
نادية تحاول أن تخلق لذاتها أمل في الحياة وهدف، وتعتقد أن إيجاد فرصة عمل مناسبة لقدراتها وطموحاتها نقطة الانطلاق الحقيقة لها للأمل كفعل وسلوك حقيقي بحياتها.
الثانية: هي "أميرة" 33 عراقية درست علوم الحاسب وتعيش بالكويت حالياً وذلك بعد زواجها من رجل كويتي الجنسية، أميرة بعد تخرجها مباشرة حصلت على وظيفة حكومية بإحدى شركات وزارة الصناعة العراقية ووظيفتها تلك لم تعود عليها بالربح المادي الذي يكفل احتياجاتها لكنها ومع ذلك استمرت في عملها لأن استمرارها به يمنحها ما هو أكبر من المال حيث منحها الشعور بأن وجودها في الحياة له هدف نافع يفيد الآخرين لكن تأخر زواجها جعلها تشعر بالأرق بعض الشيء مما جعلها تقبل بالزواج من أحد أقاربها المقيمين بالكويت وبالفعل تركت وظيفتها من أجل زواجها ومع الوقت ومرور سنة الزواج الأولى شعرت أميرة أنها خسرت وظيفتها التي منحتها الكثير من المشاعر الإيجابية وأصبحت مفتقدة للسلامة النفسية التي كانت تتمتع بها قبيل زواجها وكل هذا جعلها تمر بحالات نفسية غريبة يغذيها شعورها بالفراغ والملل.
نادية وأميرة نساء تشبه ملامح حياتهن أخريات بائسات في العالم العربي أضطررن لترك وظائفهن لأسباب مختلفة أخطرها وأقواها الاجتماعية ليبقى السؤال إلى متى تتحمل المرأة وحدها مسؤليات النجاح الأسري وما يسمى بإحساس الرجل الشرقي بذاته التي لا تظهر أو تنتعش إلا على جثث نساء بائسات محطمات نفسياً!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح


.. لأول مرة منذ الـ7 من أكتوبر.. 30 شاحنة مساعدات تدخل شمال قطا




.. غوتيريش: يجب أن يفتح تحقيق دولي لتحديد الظروف التي فقد فيها


.. الشرطة ترفض طلب إدارة جامعة جورج واشنطن بفض الاعتصام في حرمه




.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا