الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفيون الإيمان

أحمد الفيتوري

2008 / 3 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


• أعتقد أن مناقشة المؤمنين في معتقداتهم من قبيل الحرث في البحر فالإيمان لا يستلزم الحوار بقدر ما هو خلاصة للإشراق واللا برهان.
المؤمن طوع وجدانه لا عقله وهذه بداهة أولي ، و لا حرج علي مؤمن أو كما يقال، وبين المؤمن والعاشق قاب قوس أو أدني ، ولهذا فالجماعة بطبعها مؤمنة، فلا إجماع دون تسليم ومن يوكل نفسه لجماعة يسلم هذه النفس منذ البوادي البشرية وحتى الساعة .
هكذا من أسس الإيمان التسليم؛ الذي من أسسه التوكيل أي أن النفس موكولة لغيرها ، ولهذا فالإيمان قيمة مطلقة لا تحتمل النسبية ولا التفرد و لا الذات، كأن المؤمن لا ذات له لأن ذاته مسلوبة بحكم التسليم هذا .
والإيمان كالأفق لا حد له، والمؤمن يسبح في أفقه دون حدود، لذا يتشابه المؤمنون وأن فرقهم ما يؤمنون به ؛ حيث للإيمان أوجه لوجه واحد عادة ما يتخفى هذا الوجه وراء هذه الأوجه ، فالمؤمن في خلاف ظاهر مع مثيله المؤمن بغير ما يؤمن به هو.
كأن المؤمن لا أحد ولكن الأحد لكل ما يخالفه في إيمانه؛ وكأن الإيمان مصادرة علي المطلوب.
لهذا المؤمن اكتفاء وانغلاق مستلزم ، فالإيمان كافيه والإيمان بيته المفتوح علي الداخل.
والمؤمن يقصيه إيمانه عن غيره؛ فكأن لا آخر لمؤمن، ومنطق المؤمن أعجم يلهج بما فيه لنفسه ولمثيلها الذي ليس بآخر، ومن شروط الإيمان العجمة أي نفي التفكير وإن كان ثمة درجة من درجات التفكر فهنا بمعنى التذكر، لأن عدو المؤمن النسيان، لذا قيل في موروث العربية الإنسان من النسيان،ومن هذا واجب المؤمن مكافحة نفسه أي إنسانيته القاصرة بطبعها ، فالمؤمن مجبول في هذه علي التوحد من ذا تتحول الجماعة إلي واحد مجبول علي نكران ذاته أو كما يقال .
من الإيمان أي التوحد ثمة مصطلحات هي مترادفات الواحد الذي لا مثيل له .
وكل إيمان طقسي بالضرورة أيقونته التكرار، ولغته الشعار وأي انزياح في مفردات هذه اللغة تحريف.
وتوسم لغة المؤمن بالبيان أي الوضوح ، لأن كل غموض نكران لا يستسيغه أي إيمان. حتى وإن كانت لغة المؤمن بطبيعتها مغلقة فإنها مغلقة علي غير المؤمن ، وهكذا كأنها سر المؤمن فإن لم يفك رموزها الغير فذلك لا محالة شهادة بكفره أي جحوده وبذا هو ليس من ملة المؤمنين.
برهان كل مؤمن علي صدقية إيمانه هذا الجحود، وفي هذا فقط يمكن البرهان لأن العقل عقال المؤمن يعقله عن سفاهة الغير الجاحد بالطبع .
من هنا كل آخر متهم بالطبع ومدان لأنه جاحد . فغير المؤمن يستلزم الإقصاء وغير المؤمن في الزمان يستلزم النفي من المكان ، فكأن وجود المؤمنين من عدم وجود غيرهم .
فإن لم تكن علي اعتقادي فأنت غير مؤمن؛ الذي هو فاوست بائع نفسه للشيطان ، لأن غير المؤمن بمعتقدي تاجر لا إيمان له ديدنه الغيرية، وهو ليس منا وكل من ليس منا ليس من الحق، وكل من ليس علي حق باع نفسه أو أنه يبيعها في السوق بمقابل بخس، من هنا من الحق إرجاعه عن تخبله وريبته إلي الحق البين أو نفيه بالحق من الوجود .
غير المؤمن سفيه بالضرورة، وسالب للحق الأول الطاعة ولأنه غير مطيع وجب تطويعه قصرا .
هكذا المؤمن محارب في جيش الحق وغيره من جيش الباطل لذا وجب مقاتلة الغير ( الآخر ).
فإن كان الغير كان من آهل الحق ورجع عنه - في اصطلاح مماثل محرف – وجب بتره كالجسد الذي يصاب عضو فيه بالغرغرينا، الاستئصال درجة في الإقصاء.
كل مغايرة سابقة تقصا وكل مغايرة لاحقة تستأصل، فالمغايرة اللاحقة تزيد من قوة غير المؤمنين ، وزيادة كهذه نقصان لروح الإيمان وما يطال الروح غدر ؛ وهذا الغادر اقتلع روح مؤمن.
والتحريف عند المحرفين اصطلاحا عودة الوعي، فأي وعي شقي هذا الذي يجعل المؤمن يرتد عن جادة الحق.
هكذا الإيمان هذا دوغما غطائها نكران وجليها السلب ، سلب روح المؤمن بنفيه لذاته وتحويله إلي أعجم من قطيع، الذي هو قصور وضعف يتجلي في نكران الآخر أي آخر . والمؤمن – كهذا – لا يفسح الطريق ويغلق كل الممكنات ويصادر العقل الفاعل – الناقد؛ فكل معقول يستبطن اللامعقولة، العقل شكاك وجب حبسه ومدعاة للريبة وجب اخصائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ