الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون هل هم بحاجة الى دكتاتور جديد؟

دياري صالح مجيد

2008 / 3 / 16
المجتمع المدني


كثيرا مايسمع المرء بل وربما يردد في بعض لحظات اليأس وخيبة الامل التي يصاب بها اثناء تعاملاته اليومية المختلفة بأننا شعب اعتدنا على الدكتاتوريات وعلى حكم قياداتها فهي التي تستطيع ان تثير فينا الرعب وتجبرنا على الالتزام بالقانون بأدق مفرداته,واننا اليوم نعيش في عالم سائب لاوجود فيه لشخصية او شخصيات تثير فينا هذا الرعب الذي يجعل من المواطنين ملتزمين بأداء ادوارهم على حلبة المسرح الذي يعيشون عليه دون زيادة او نقصان ودون شكوى او تذمر,فهل نحن كعراقيين بحاجة إلى هذا النوع من الدكتاتوريات حتى تسير الامور بشكل طبيعي او على الاقل الاقرب الى الطبيعي؟
ارجوا من الاخوة والاخوات الذين سيطلعون على هذا المقال ان لايصدروا حكما مسبقا بكوني من اولئك الذين يحلمون بعودة الدكتاتورية لتسلط سيفها على رقابنا,لكن ليعذروني وليمهلوني قليلا من وقتهم لنقف معا وقفة تأمل في هذه السطور علنا نخرج منها بفائدة لنا جميعا.
يحق للمرء ان يسترشد بالعديد من العلامات التي تمكنه من ان يسير في طريقه دون الحاجة الى السؤال من اجل الوصول الى هدفه او مكانه الذي يريد,ولذلك كانت الخرائط ولازالت تلعب دورا مهما في ذلك,لذا دعونا نضع بدل الخرائط افكارا اولية نتمكن من خلالها من الوصول الى نقطة ما تشكل نهاية لفكرة وبداية لافكار اخرى علها تساعدنا في الاجابة عن تساؤلنا.
من اليوم يشعر برهبة المكانة التي يشغلها رجل الشرطة او المرور,فهذا الاخير الذي يقوم بعمل مهم في تنظيم حركة السير انما يعبر عن الدولة وهو مؤشر نستطيع اعتماده للدلالة على مكانة الدولة واحترام قوانينها في المجتمع كما يصح ان نعتمد هذا المؤشر للاشارة الى ضعف الدولة وبالتالي عدم اطاعة واحترام قوانينها حتى وان لم تكن تلك القوانين جائرة في طبيعتها.والحال يندرج على العديد من المؤشرات الاخرى التي تستطيع عزيزي القاريء الكريم ادراجها من مخيلتك الواسعة لتكون مؤشرات مضافة الى ماتم اعتماده في هذه المقالة. يؤشر تواجد شرطي المرور في الشارع العراقي حالة جيدة نستدل من خلالها ظاهريا على وجود شيء ما يمثل الحكومة فيه,لكن انظرو الى حال هذا الرجل المسكين انه مبتلى بشكل كبير,ففي الوقت الذي يرغب فيه هذا المواطن او ذاك ان يخترق اشارة المرور فأنه يفعل ذلك دون خوف او تردد بل ويعتبر ذلك من قيم البطولة التي تثير في روحه البدوية تلك النزعات العتيقة الرافضة لكل اشكال الاذعان للقانون ومبادئه بل لانستغرب ان نجد ان هنالك من يفخر بفعلته تلك,و بين كل هذه الازعاجات يقف ذلك الرجل المسكين حائرا ماذا يفعل فهو يصرخ ويهدد بأصبعه متوعدا اصحاب المركبات المختلفة,لكن لااحد يسمع نداءه او صرخاته بل يجد الاخرين يضحكون عليه فهو ذلك الاخرق الذي يريد تطبيق القانون ((ياله من إنسان بائس)),وهنا يلفظ هذا المسكين انفاسه بعد جهد جهيد محاولا الغرق في صمت رهيب مطلقا العنان لفكره الذي استفزه هذا الموقف المجافي من هؤلاء الاناس ليرسم اشكالا مختلفة من الصور السادية في معاقبتهم لاخضاعهم واجبارهم على عدم الانتقاص من مكانته اولا وعلى الالتزام بالقانون ثانيا, وعندها لانستغرب حين نسمعه يقول وبصوت يعبر عن مدى حنقه انهم بحاجة الى دكتاتور جديد يعلمهم كيف يلتزمون بالنظام وكيف يخشون رموزه ومنهم شرطي المرور بمجرد ان يرونه واقفا في مكانه,انهم مجرد افراد لايحترمون القانون لانهم متحضرين في مظهرهم و همجيين في تصرفهم,وسيقول اين ذهب عنكم الدكتاتور انه اولى بكم من غيركم,انتم لستم اهلا للديمقراطية,وماهي هذه الاخيرة؟ انها من وجهة نظرهم تعني الحرية المطلقة لفعل اي شيء,نعم هكذا يرى البعض ونحن لانستطيع ان نلومهم في ذلك فالديمقراطية التي حلت على بلدنا ظيفا ثقيلا لم تكن الا اداة سياسية لتشويه مجتمع لم يزل بعد لم يصل الى مرحلة النضج في تعامله مع الديمقراطية,لذا اؤكد لكم ياأعزائي ان الديمقراطية التي نعيش اليوم خطأ في خطأ,لانها جاءت وبدأت في قمة الهرم وليس من قاعدته فهي قد جاءت كنظام سياسي وليس كنظام اجتماعي,ليس كأطار فكري يحمل ثقافة وقيم تتصارع مع ما سبقها لتفسح المجال لنماذجها وادواتها في ان تشغل مكان سابقتها,لذا فأننا سنستمر في قرارة انفسنا نكرر قول رجل المرور في كل مفصل من مفاصل حياتنا,وعندها سيحق للمرء ان يتسائل هل العيب في الحكام فحسب ام نحن ((سواء أكنا نعلم أم لا)) مذنبون ايضا؟. سؤال اتمنى ان تضعه عزيزي القاريء امام ناظريك في كل مفردة من مفردات الحياة اليومية,وعندما ستؤدي اعمالك اليومية دون اي تجاوز((متعمد)) للقانون فعندها لن تجد من يكرر ماقاله رجل المرور وعندها ايضا ستصبح معتادا على احترام القانون بأرادتك لا رغما عنك وستجعل من كل ذلك ثقافة تغذي بها ابنائك ليخرج جيل لا يصنع الدكتاتورية او يطالب بها من حيث لايعلم لتنتظم امور الحياة,لانه في مثل هذه الحالة سيتفانى مثل هذا الجيل في حبه للقانون وسيضحي في سبيل عدم تعريضه للانتهاك من قبل اي كان وفي اي مكان كان ,فالديمقراطية واحترام القانون صنوان لاينفصلان,والدكتاتورية بأبسط معاييرها ومفاهيمها هي تعطيل القوانين المدنية,لذا يجب ان لانساهم باي صورة كانت في اثارتها لأنها نار ستلتهمنا جميعا ان نحن غذيناها بأعمالنا اللاقانونية,واليكم تجربة الاحكام العسكرية التي عشنا مرارتها طوال السنوات الماضية لتكون خير دليل على ذلك,لذا يتحتم علينا ان نقدس القانون ونحترم كل مفرداته وان لانعين الحكومات على انتهاكه بل نتحول الى مراقب لعمل الحكومات ندافع عن القوانين المدنية لأنها حقوقنا المشروعة وضمانة مستقبلنا الذي نتمنى انه سيكون بعيدا عن ظلم الطغاة. في ختام هذا المقال استطيع ان أؤكد اننا لسنا بحاجة الى دكتاتور لكي تنتظم حياتنا جميعا بلا استثناء في هذا البلد وانما نحن بحاجة الى احترام القانون وعدم فسح المجال لمن يتجاوز عليه لانه تجاوز على حياتنا بمجملها وبأحترامنا للقانون فأننا سندق اخر مسمار في نعش الدكتاتوريات التي مزقتنا وتلاعبت بمصائرنا وفقا لما يخدم مصالحها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق إسر


.. بتهمة ارتكاب جرائم حرب.. الجنائية الدولية تسعى لاعتقال نتنيا




.. ما فرص تنفيذ مذكرات المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال مسؤولين


.. بايدن عن طلب #الجنائية_الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياه




.. بلينكن: نرفض طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار