الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من بقايا الذاكرة

جواد الديوان

2008 / 3 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


عاشت معي تفاصيل الحياة ابان شباط 1963 بكل مفرداتها، منذ اكثر من اربعة عقود. وتبرز في الذاكرة كلمات مثل البعث والحرس القومي ومراكز الشرطة ومواجهة (زيارة) الوالد العزيز في سجن البصرة ولحين نقله الى نقرة السلمان، وكذلك كلمة فتوى حيث تعرفت عليها لاول مرة، ورشيد مصلح الحاكم العسكري العام وقرارته القراقوشية، ومنها قرارات الفصل من الوظيفة، فاثرت على جدي لأمي بعد توقيفه!. وانتقلنا الى التنومة (شط العرب) فتعلمت العناية بالابقار والخراف في الحقل والزريبة (اعادة الحيوانات وتوفير ما تحتاج مثل الجت والشعير والماء وغيرها) والدواجن، ومتابعة اشكاليات النخيل (تكريب وتلقيح وتدلية وكصاص أي جني التمر ... الخ)، وكانت جديدة في تفاصيلها علينا حيث ولدت وعشت في بعيدا عنها. وكانت تفاصيل لا تخلو من طرافة حين زرعنا الفجل في حقول الجت! الا انها مضطربة من صعوبة تحمل اعباؤها الى لوم الاعمام وابناء العشيرة (يريد يصير وزير او رئيس وزراء) مما يضيف مرارة على تقبل مساعداتهم. الا ان تلك العلاقات (صلة الرحم والعشيرة) نجحت في تجاوز اخفاقات العقل العراقي المتنور وقتها حين شجع الانتقام، ومنح الفرد حق تطبيق قرارات قرقوشية بنفسه لا الدولة! بادعاءات قيل انها شرعية (فتاوي دينية)، اضافة الى التجويع.
حشدوا عليه الجوع ينشب نابه في جلد ارقط لا يبالي ناشبا
وعلى شبول الليث خرق نعالهم ازكى من المترهلين حقائبا
وشهدت بعدها اعدام البطلين كريم حسين وعبد الله رشيد رحمهما الله، وكان الاعدام علنيا بكل تفاصيله. واوصى كريم حسين ولده (كان في عمري وقتها) بان يكون رجلا ليكف عن البكاء والنحيب موضحا بان كل الحاضرين من الرجال اباء له، مؤكدا براءته من الجريمة (مقتل انس) ، وهتف مع عبدالله رشيد ضد عبدالسلام (عبد حرب وعدو السلام) وحياة الشعب العراقي لتنال منهما المشنقة فكانت بحق ارجوحة الابطال في تلك اللحظات وذلك الموقف.
لم اشعر وقتها بالخوف والقلق وغيرهما كما عانى اجدادي لامي وابي خوفا من اندفاعات الجهلة وتخويلهم الشرعي! وعانت والدتي العزيزة من ذلك وصاحبتها في مراجعاتها المتكررة للجان التحقيقية وتقديم العرائض وغيرها، ووصلنا بعريضة الى الحاكم العسكري العام (رشيد مصلح) مع عوائل اخرى، وانزعج من ذلك مصلح، وظهر في باحة دائرته مهددا بتمزيق العرائض، ومستعرضا قوته امام النساء والاطفال، وكان نصيبي منه دفعة لاكون خارج الدائرة، ورحم الله من قال "افرغٍِ على المخانيث دروع عنتر". فقد كان مصلح يعمل لصالح العراق وشعب الرافدين، لينتهي بالمشنقة مدانا بالتجسس لأسرائيل!. استمعت وقتها لاعترافاته امام التلفزيون وقتها لاحفظ كل كلمة قالها، واسماء من رافقه، وبمتعة، فقد شق عليً في عمر المراهقة الترفع عن مثل هذه المشاعر، ورحم الله من قال:
وحيث يُعيرُ ابناؤه بان لهم والدا مثل ذا
رواية الاحداث تنفيس عن التوتر الذي اشعر به، واعربت زوجتي لارتياحها من اشكاليات مزاجي (غضب وقلق وارق وغيرها) عند كل شباط من كل عام، منذ نشر الم في الذاكرة. سقوط الديكتاتور والبعث ومن اسقطها وفر هذه الفرصة، وساهم في معالجة التوتر والغضب والقلق والارق، وتحسن التركيز، وتطورت العلاقات الاسرية والوظيفية، وتضاعف انتاجي العلمي. وهذه الاسطر ايضاح للوالد العزيز ووالدتي الحبيبة وجدي لامي جبار رحمه الله، فقد ظهر اسم ابن الواعظ (رجل دين عزز فتوى شرعية واشار لذلك عدة مقالات وبعض الكتب)، ملحقا باسمي في بحث علمي نشرته مجلة طبية عالمية (البورد العربي)، وازعجتني هذه المصادفة بل ارقني تساهلي في هذا التعاون. لقد اضفت اسمه لمساهمة في تقديم التسهيلات لطالب دراسات عليا (طبيبة) فجمع الاخير معلومات، وبعد انجاز اطروحته نشرنا ما توصلنا له خدمة للعلم وانجازا لنا. وكان نشر البحث وفقا لبروتوكول نشر البحوث العلمية وهي تقاليد واعراف وتعليمات تختلف عن تقاليد النشر الادبي. وقد يكون ذلك مظهرا لتجاوز اشكاليات الثار والحقد وتجاوز الم الذكرة رغم صعوبة الامر والالم الذي كابدته في ترافق الاسماء في البحث
ولا زلنا نحاول تجاوز اشكاليات الثأر والانتقام وغيرها من اصول الثقافة العراقية والعربية والدينية، وشهد الشعب التهجير القسري والقتل على الهوية ومطاردة العلماء والفنانين وغيرهم واضطربت الجامعات والمدارس وغيرها. ويعجز الناس عن تحديد خصومهم، فلله در السابقون
واي الخصوم مددنا له
باي الاكف باي القنا
ضربناه بالفكر حتى التوى
وبالقلب حتى هفا بالردى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما