الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد خليقة الله

بطرس بيو

2008 / 3 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يؤكد علماء الأحياء أن أكثر من 99 بالمائة من أصناف الكائنات الحية التي كانت تعيش على سطح هذه الأرض في زمن من الأزمان قد إنقرضت . و هذه الحقيقة وحدها تكفي لنفي أي ذكاء في التصميم الإلهي. فإذا نظرنا إلى العالم الطبيعي نجد تعقيداً منقطع النظير و تصميماً بعيد عن الكمال. فنجد مثلاً تكراراً عديم الفائدة و تعقيداً غير مبرر. نرى تقصيراً مذهلاً يؤدي إلى المعاناة و الوفيات. نرى طيوراً لا تستطيع الطيران و أصنافاً من الأسماك و السمندر و القشريات لها عيون لا تبصر لكونها تطورت خلال ملايين السنين في الظلام. نرى حيتان ينبت لها أسنان خلال االأطوار الجنينية ثم تختفي عند البلوغ. هذه الحالات الفريدة تدعو ألى الحيرة إذا كان من المفترض أن الله قد خلقها بطريقة ذكية. غير أن ليس فيها ما يحير في ضوء نظرية التطور.

عالِم الأحياء هالدين يُذكر أنه قال أن الله له شغف غير معتاد في خلق الخنافس. وكان من المأمول أن يغلق تصريح كهذا كتاب الخليقة ألى الأبد. و الحقيقة أنه بينما أن هناك الآن ثلاثماءة و خمسون ألف فصيلة معروفة للخنافس فالظاهر أن الله له شغف أعظم للفايروسات. يقدر علماء الأحياء بوجود ما لا يقل عن عشرة أصناف من الفايروسات لكل صنف من الحيوانات الأخرى. بالطبع كثيراً من هذه الفايروسات غير مؤذية و من المحتمل أن أحدى هذه الفايروست القديمة لعب دوراً هاماً في عملية التطوير إلى أجسام مركبة. إنما بعض هذه الفايروسات تستعمل أجسام عضوية مثلي و مثلك للتكاثر. فالكثير منها يغزو حجيراتنا ليحطمها فيقضي علينا بصورة مخيفة و بلا رحمة أو شفقة. إننا نرى فايروسات من أمثال أيج آي في و غيرها من الفايروسات المؤذية تتطور تحت أنوفنا مفرزة مضادات للأدوية مضادة للجراثيم للقضاء علينا. إن نظرية التطور يمكنها أن تتنبأ و تفسر هذه الظاهرة بينما سفر التكوين يعجز عن ذلك. كيف يمكنك أن تتصور أن الأيمان الديني يمكنه أن يفسر هذه الحقائق أو أن يبين الغرض للخالق الرحيم العالِِم بكل شئ من خليقة كهذه ؟

إن تصميم أجسامنا يدل بما لا يقبل الشك على عدم إتقان الخالق في خلقه. فالجنين مثلا يكون له ذيل و خياشم و مكسو بفروة كفروة القرود عند ما يبدأ تكوينه و من حسن الحظ يفقد معظمنا هذه الزوائد عند الولادة. و هذا التسلسل الغريب في التكوين يمكن تفسيره بوضوح بواسطة نظرية التطور بينما يصعب تبريره فيما إذا كان ناتجاً عن تصميماً إلاهياً. و مثال آخر هو أن مجرى البول عند الرجال يمر من غدة البروستات التي تتضحم بعد سن الستين من العمر معرقلة مجراه. ثم أن تكوين حوض المرأة مصمم بطريقة لا تسهل فيها عملية الولادة الأمر الذي يؤدي إلى إطالة مدة الحمل عند مئات الآلاف من النساء مما يسبب إنسداد في مجرى االرحم. فاالنساء في العالم الثالث المصابات بهذا الداء يحصل لديهن حالة عدم إلإستطاعة بالتحكم في غرائزهن و كثيراً ما يتركهن ازواجهن ويرفضهن المجتمع الذي يعشن فيه. و تقدر هيئة الأمم المتحدة لصندوق السكان أن هناك أكثر من مليوني إمرأة مصابة بهذا الداء.

هنالك أمثلة كثيرة للخلل في الخلق كهذه يحتاج ألى كتاب لشرحه و سأسرد واحدة من هذه الأمثلة. تشترك مجاري التنفس و الهظم في البلعوم مما يؤدي في كثير من الحالات إلى الإختناق. ففي الولايات المتحدة وحدها يعاني آلاف الأطفال من الإختناق بسبب هذا التصميم مؤدية في كثير من الأحيان إلى الوفيات أو أضراراً في المخ فأي غرض رحيم يخدم حالات كهذه إلا إذا تخيلنا أن الغرض هو أن يلقن والدي الطفل درساً أو أن الله قد جهز مكاناً خصيصاً لهؤلاءالأطفال في الجنة وهي تخيلات بعيدة كل البعد عن الواقع.
مترجمة عن الإنكليزية من كتاب "رسالة إلى الأمة المسيحية" للكاتب سام هاريس
" Letter to a Christian Nation”
ترجمة بطرس بيو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran


.. 85-Ali-Imran




.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني