الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في جنازة الأسقف (فرج رحو)

طارق قديس

2008 / 3 / 22
المجتمع المدني


يبدو أن سلسلة حلقات مسلسل الاغتيالات وقتل الأبرياء في العراق لا تزال في أولها ، فالتقارير التي تخرج إلينا بين الحين والآخر من وزارة الدفاع الأمريكية، أو قيادة القوات المشتركة في الشرق الأوسط، أو حتى من فم الرئيس الأمريكي ذاته عن تدني مستوى العنف في العراق أصبحت لا تجدي نفعاً في تخدير شعوب المنطقة، فتلك التقارير في مجموعها لا تلبث أن تُولد ميتة فور خروجها من رحم الأحداث، فالأحداث لا تترك مجالاً لتلك التقارير أن تنطلي حتى على البسطاء من المواطنين في العالم العربي، فكيف بالمثقفين، خاصة وأن أعراس الدم قد أصبحت وجباتٍ يومية لدى الصحف العربية، وشريط الأخبار في أسفل القنوات الإخبارية.
ولعل آخر تلك الأعراس كان اختطاف رئيس أساقفة الكلدان في الموصل، ومن ثم اغتياله على أيدي مجموعة من المسلحين لم تعرف هوياتهم بعد. وقد جاء حادث قتل الأسقف ليلقي بغمامة سوداء على الوضع الأمني في بلاد الرافدين، وبالأخص على الأقلية المسيحية فيها والتي تقل عن 3% من عدد السكان البالغ قرابة 28 مليون نسمة، وما زالت في تضاؤل مستمر، وقد ورد في تصريح للجمعية العالمية للكنائس في عام 2007أن 40% من 2 مليون مهاجر عراقي إلى الخارج هم مسيحيون، حيث أن هذه الضربة في جوهرها قد تم التخطيط لها أولاً وقبل كل شيء لتثير الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد من جديد، رغم أن الدافع الرئيسي من وراء عملية الاختطاف بعد قتل ثلاثة من معاونيه هو الحصول على أكبر فدية ممكنة وقد وصلت بحسب بعض الأنباء إلى مليون دولار أمريكي.
إلا أنه ومع كل ما حدث فإن عزائي الوحيد في ذلك هو أن الجريمة النكراء لم تؤدِ إلى ما يصبو إليه دعاة الفرقة، فحافظ العراقيون على رباطة جأشهم، ووحدة صفوفهم، فاستقبلوا الخبر بخطابات وتصريحات تنم عن بعد نظر لدى كافة الفرقاء في ذلك البلد الحبيب، ولعل ما هَوَّن علي مرارة الحدث هو تلك الصورة الجميلة التي زُفَّ بها الشهيد إلى مثواه الأخير، وقد علت الزغاريد فوق أصوات المدافع، وارتفعت تراتيل الآباء بالسلام والمحبة إلى ملك السلام متحدية كل المحاولات لزرع الفرقة بين طوائف الشعب العراقي، فيما الدموع تنهمر من عيون الحاضرين في الكنيسة حزناً على وداع الفقيد، ذلك الفقيد الذي عمل دوماً على توحيد صفوف الطوائف، ووقف بشدة أمام استمرار وجود القوات الأمريكية في أرض العراق، فكان صوت من لا صوت له، وملاذ من لا ملاذ له، وقد نطق بلسان حال مسلمي البلاد قبل مسيحييهم، وقد دعا أبناء الوطن ممن رأوا في الهجرة إلى الخارج طوق النجاة بأن يصبروا، وأن يتحملوا الصعاب، إذ أنه لا بد لهم في نهاية الطريق من أن يجدوا السلام والطمأنينة في حضن الوطن الدافئ بعد أن أنهكته المحن، وأثقلت كاهله أصوات القنابل وصواريخ المدافع على مرِّ السنوات الخمس الأخيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تدعو إسرائيــــ ل إلى وقف عمليتها في رفح بلا تأخير.. م


.. أغلبية ساحقة لصالح -دولة فلسطين- بالأمم المتحدة.. وإسرائيل:




.. موجز أخبار الواحدة -رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار أحقية ف


.. ماذا يعني تأييد «غالبية دول الأمم المتحدة» لعضوية فلسطين في




.. تفاقم معاناة النازحين في خيام الإيواء في رفح في ظل تواصل إغل