الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة المتذاكي

أحمد زكارنة

2008 / 3 / 22
المجتمع المدني


يخطئ من ينظر تحت قدميه فقط، ليعتقد أنه خارق الذكاء والدهاء حينما يتآمر لا لشيء إلا لإفشال الآخرين، أو أن وصوله إلى الهدف الآني هو نهاية المطاف، فكما قال جبران خليل جبران "إن قيمة الإنسان لا تقاس بما بلغه من نجاح، وإنما بما يتوق للبلوغ إليه"..وعليه جدير بنا العلم أنه لولا الإخفاق ما كان النجاح، ولولا تعلُم المُعلم ما كان ليُعلم.. فمن يتوهم أنه بنجاحه في التآمر على الآخرين إنما وصل إلى الغاية والمراد، لسوف تعلمه الأيام أنه عاد إلى نقطة الانطلاق.
والسؤال البرئ لأمثال هؤلاء هل تستطيعون النظر في المرآة ؟؟. أما السؤال غير البرئ هل بإمكانكم إقناع الآخرين أنكم تنشدون الصالح العام، عندما تحولون القضايا العامة إلى حروب شخصية؟؟.. ربما تنجحون في حبك المؤامرات وإدراك الإخفاق للآخرين، ولكن هل كنتم تستطيعون أنتم النجاح دون حبك المؤامرات؟. أعتقد أنها إرهاصات أحقاد إنما تنم عن أمراض نفسية يستعيض بها المريض بعض شخصيته المنهارة على أعتاب فشله المتكرر في أغلب مناحي الحياة سواء الاجتماعية أو العملية.
فربما يخسر أحدنا بالتآمر عليه جولة هنا أو هناك، ولكنه قد يكون قد كسب احترامه لذاته، لا لشيء إلا لكونه خسر معركة أدارها بشرف، فلم يخن صديق له أو يعلي مصالحه الشخصية على مصلحة العامة بغية الوصول لمرتبة هي في نهاية المطاف تكليف وليس تشريف، خاصة وأنه كان ينشد الدفع نحو الهدف الجماعي لا نحو البعد الشخصي، دون أن يسمي أحدا بعينه للتآمر عليه، وذلك ليس لكونه قديساً وإنما لكون " النحن " الجماعية تغلب لديه " الأنا" الأنانية" ، وتلك أيضا ليست لأنه بلا خطيئة ، وإنما لإدراكه أن بحثه الدؤوب عن الصالح العام أكثر صلابة وتأثيرا وقوة، من بحثه عن المصلحة الشخصية.
قد يكابر البعض فيقول إن هذا الكلام، إنما هو ردة فعل أناس لم يسعفهم ذكائهم الوصول إلى النجاح، وهنا نؤكد لكم انه لشرف لكل خاسر لم يدرك النجاح عبر التآمر، ولم يقزم العام لحدود الشخصي، ولم يصرف جل فكره فقط في حدود حبك المؤامرات، وإنما الأيام دول يوم لك ويوم عليك، فمن يدرك ما له ليحصد باتجاه الكل الجماعية، لم يخسر ما عليه، ببساطة شديدة لأنه لم يحصد باتجاه الشخصي إلا شرف الكلمة وثبات الموقف.
وهنا تستحضرني حادثة غريبة وقعت مع الخليفة العباسي " هارون الرشيد" أختم بها هذا المقام، إذ يحكي أن دخل رجلا على الرشيد قائلا: إني أستطيع أن أعمل عملا يعجز عنه جميع الناس، فقال الخليفة: هات ما عندك ، فاخرج الرجل علبة بها كثير من الإبر فغرس احداها في الأرض، ثم أخذ يرميها أبرة بعد أبرة فتشتبك كل إبرة في ثقب الأخرى.. ووقف الرجل مزهوا بما عمل منتظرا من الخليفة جائزة كبرى، فأمر الرشيد بضربه مئة جلدة ومنحه مئة دينار، مما أدهش الحضور لهذا .. فقال لهم الخليفة إنما كافأناه لمهارته وضربناه لانه صرف ذكاءه في ما لا يفيد.
إلى اللقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن: نرفض طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار


.. قرارات المحكمة الجنائية الدولية وانعكاساتها على حرب غزة | #غ




.. كيف رد إسرائيل على طلب الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وغال


.. مدعي عام الجنائية الدولية لشبكتنا: تقدمنا بطلب مذكرات اعتقال




.. تعرف إلى إجراءات المحكمة الجنائية الدولية لإصدار وتنفيذ مذكر