الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريزة القطيع عند الكائنات الحزبية

صاحب الربيعي

2008 / 3 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حين يعجز الانسان عن إدراك أو مواجهة تداعيات الحياة اليومية أو تحليل الاحداث والمساهمة في الحراك الاجتماعي، ويشعر أن ذاته ووجوده هامشي ينصاع اتوماتيكياً إلى غريزيته الباحثة عن الجماعة للهروب من الذات الفردية إلى الذات الجماعية الأكثر قوة وتماسك والتي يعبر عنها القائد أو الرئيس الذي يقود الجماعة.
حيث تنصهر الذوات العاجزة في مرجل الجماعة ليعاد صبها في شخصية القائد (الصنم أو الرئيس) الجامع والمعبر عن مصالح الذوات العاجزة عن إدارة شؤونها لوحدها في الحياة, وكلما كانت الذوات العاجزة، مطيعة بشكل أعمى وعاجزة عن التفكير كلما كان سلوكها أقرب إلى سلوك القطيع الذي يتبع قيم الراعي تارة بالايحاء الغريزي وتارة أخرى بالعصا.
يقول ((فرويد))"إنه كلما اجتمعت عدة كائنات (بشر أو حيوانات) فإنها تنصاع غريزياً لسلطة الرئيس، الجمهرة، القطيع، قطيع لايستطع العيش بدون سيد حيث يكون تعطشها للطاعة كبير لدرجة الطاعة العمياء. لذلك يتحكم الرئيس بمصيرها".
إن جمهور الكيانات الحزبية في الغالب، جمهور أمي وجاهل أو كائنات عاجزة عن التفكير. تبحث في اللاوعي عن مظلة حماية لتأكيد ذاتها المُغيبة قسراً لإيهام الذات بإنها موجودة وكينونة تسهم في الحراك الاجتماعي من خلال الجماعة الواهمة بإنها متفاعلة ومتضامنة في إطار فكرة انسانية تحقق مصالح المجموع باعتبارها نخبة ناكرة لذاتها ومدركة لمديات الصراع الاجتماعي لتحقيق مصالح الذوات المضطهدة غير المنضوية تحت مظلتها الجمعية.
هذا المدلول، الأصرة، (الفكرة الانسانية) التي تسعى الجماعة من خلال رئيسها لتأكيدها بالشعارات والخطابات الكاذبة، هو في الحقيقة المحجوبة دفاعاً في االلاوعي عما يأسر ذاتها من دوافع مغايرة يحجبه قناع يخفي ذاتها الحقيقية.
يعتقد ((مرسيل بروست))"هكذا عمدت الاحزاب والمدارس الفكرية على استقطاب العقول المحدودة الذكاء في صفوفها، لأن أصحاب العقول الكاملة يُصعب اقناعهم بالحجج ذاتها التي يقتنع بها أنصاف المتعلمين والباحثين (لسوء الحظ) لاستكمال شخصيتهم عن طربق العمل الحزبي فينشطون أكثر من المتعلمين رفيعي المستوى لاستقطاب الجمهور الجاهل وزجه في الصراعات الداخلية والحروب الخارجية".
من الصعوبة اقناع أنصاف المتعلمين ومحدودي الذكاء والجهلة والأميين بحقيقة الصراع ودوافعه الخفية التي تزجهم في صراعات دموية وتخلق حالة الفوضى في المجتمع لتحقيق أجندة قياداتهم الحزبية لأن دافعهم الأساس للانخراط داخل الجماعة (الكيان الحزبي) دافع ذاتي (مصلحي) بكمن في اللاوعي لحماية الذات وتأكيد وجودهم من خلال الجماعة التي تخشى الاستقلالية وذلك عبر خداع الذات بفكرة أو فعل انساني لايمكن انجازه إلا من خلال الجماعة، أي فكرة القطيع والراعي.
إن عجز الذات لوحدها على تحقيق طموحها يولد شعوراً بالاحباط والعجز، فتبحث الذوات المُحبطة والعاجزة عن صيغة للتوحد لتبرير حالة احباطها وعجزها والسعي من خلال (بطلها، صنمها، رئيسها) لتحقيق الطموح الذي ينقذ الجماعة من تداعيات العيش كذوات مستقلة وعاجزة فإن أخفق الرئيس عن تحقيق الطموح للجماعة تتسرب حالة الاحباط ليكون الرئيس كبدش الفداء لتبرير حالة العجز ولربما يعمد الرئيس على إسقاط مسببات العجز والفشل على الجماعة باعتبارها متخاذلة وعاجزة ولم تقم بواجبها الكامل للتضحية من أجل تحقيق الطموح.
يقول ((اورهان باموق))"إني لم استطع اقناعك بسبب إيماني بعالم بدون بطل، لم استطع اقناعك أبداً بسبب الكتبة المساكين الذين أوجدوا هؤلاء الشخوص ونصبوهم أبطالاً، لم استطع اقناعك أبداً بأن الذين تنشر صورهم في الصحف والمجلات ينحدرون من جذور غير جذورنا. لم استطع اقناعك أبداً بضرورة العيش في حياة عادية، لم استطع اقناعك أبداً بوجود مكان لك في المجتمع".
إن وعي الانسان بذاته ودوره في المجتمع باعتباره ذاتاً مستقلة يرتبط بمستويات وعيه المعرفي والتعلمي، فكلما زاد الوعي تعقل الانسان أكثر وتخلى عن سلوكه الغريزي الباحث عن القطيع الذي يقوده الراعي، الرئيس.
وعلى الضد من ذلك ينتمي الانسان الواعي الى الجماعة باعتباره جزءاً من النخبة الواعية التي تقود الدولة والمجتمع لتحقيق المصالح المشتركة للجميع ويرفض قيم الراعي والقطيع المعتمد في الكيانات الحزبية.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم