الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
معنى القيم الكونية
أحمد عصيد
2008 / 3 / 28العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تبين من النقاش مع الإسلاميين بأنهم بفهمون معاني بعض الكلمات بطريقتهم الخاصة مما يعوق التواصل و الحوار بينهم و بين غيرهم، و من ذلك فهمهم لـ "القيم الكونية" بأنها القيم التي عليها إجماع تام واتفاق بين جميع دول العالم بدون استثناء، و طبعا فما دامت بعض دول المسلمين الغارقة في التخلف تتحفظ على بعض القيم المنصوص عليها في العهود و المواثيق الدولية، فإن ذلك خير دليل على أن هذه القيم غربية و ليست كونية، و الهدف من هذا واضح بالطبع، إنه محاولة الإبقاء على العديد من الممارسات الماسة بالكرامة و بالحقوق الأساسية للمواطنين باسم "الخصوصية الإسلامية"، و إذا اتبعنا منطق أهل التطرف و التشدّد في الدين، فإن حق المرأة في المساواة و في التصويت و سياقة السيارة ليست حقوقا كونية ما دامت العربية السعودية ( مصدر الوباء المهدّد للعالم) و دولة الطالبان لا توافقان عليها، حيث هناك "خصوصيات" تجعل المرأة في السعودية و أفغانستان أقل ذكاء و مسؤولية و قيمة من الرجل و من المرأة في البلدان الأخرى، مما يحتّم الحجر عليها و تركها تحت وصاية الرجل القاسية و اللاإنسانية، و هو نفس المنطق الذي اتبعه أصحابنا "المعتدلون" في المغرب عندما عارضوا منع تعدّد الزوجات و تزويج القاصرات و ولاية المرأة و سعوا إلى الإبقاء على نظام القوامة الحريمي عوض اقتسام المسؤولية بين الزوجين، و غيرها من الأمور التي فشلوا في فرضها بفضل تبصّر المسؤولين و معرفتهم بمعنى الكوني و الخصوصي و بكيفية التمييز بينهما دون المسّ بحقوق المواطنة. إن معنى القيم الكونية هو أنها قيم إنسانية تجعل الإنسان هو الغاية و ليس وسيلة لخدمة نظام أو دين أو عرق معين، إنها القيم التي تساوي بين الناس بغض النظر عن كل تلك الأشياء التي غالبا ما تستعمل للبغي و إشاعة الظلم و الحرمان، و هذا لا يعني عدم وجود خصوصيات ثقافية، فمن الخصائص الملازمة للثقافة الإنسانية النسبية و الخصوصية، غير أن خبراء و قوى حقوق الإنسان في العالم يميّزون بشكل واضح بين الخصوصية المغلقة التي تتعارض مع الحقوق و تؤدّي إلى إهدار الكرامة، و تصبح مصدر نزاع و فتن، و بين الخصوصية الثقافية المنفتحة التي تتضمن في حدّ ذاتها ما هو إنساني، مما يجعلها تثير الإعجاب حتى لدى الغير، و يمكن الحفاظ عليها دون أن تصبح من بواعث التخلف و موانع التحديث و التقدّم. بهذا المعنى لقد كان الإسلام كونيا مثلا عندما حرّم وأد البنات، و لكنه لم يكن كونيا عندما أقر العديد من التشريعات التي تؤدّي إلى وأد المرأة حية في بيت الزوجية، بحرمانها من المشاركة في الحياة العامة و تولّي المناصب شأنها شأن الرجل، صحيح أن الإسلام لا يعاب في ذلك ما دام قد ظهر قبل أربعة عشر قرنا، أيام كانت المرأة تعامل كالحيوان أو المتاع، و لكن العيب في الذين ينطلقون اليوم من نفس المرجعية الدينية دون أن يعطوا أي اعتبار للخطوات الواسعة و العظيمة التي حققتها البشرية في الأزمنة الحديثة، و التي تجاوزت كلّ الأديان بدون استثناء، فلولا الإحتكاك بالحضارة الغربية و تحديث أجهزة الدولة و اقتحام المرأة مجال التعليم و خروجها إلى الحياة العامة و فرضها الأمر الواقع رغم اعتراض دعاة التقليد لكانت اليوم في وضعية الحريم السيئة الذكر.
لقد فهم الإسلاميون ما هو كوني انطلاقا من مفهوم تراثي هو "الإجماع"، و هو مفهوم ساد أيام الدولة الدينية الجامعة المانعة، أما اليوم فهو مفهوم غير ذي مردودية تذكر في عصر النسبية و الثروات العلمية و الأنظمة الديمقراطية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. #شاهد بعد تدمير الاحتلال مساجد غزة.. طفل يرفع الأذان من شرفة
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تفاجئ الاحتلال بعمل
.. لبنان: نازحون مسيحيون من القرى الجنوبية يأملون بالعودة سريعا
.. 124-Al-Aanaam
.. المقاومة الإسلامية في العراق: إطلاق طيران مسير باتجاه شمال ا