الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراث المسرح العربي ( لمناسبة يوم المسرح العالمي )

خالص عزمي

2008 / 3 / 29
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كنت ارغب في وضع العنوان الأقرب الى المعنى المتداول مجازا ؛ وهو ( المسرح الكلاسيكي ) ؛ لكني وجدت ان القصد سيضيع ما بين المعنى الحرفي ؛ والآخر الذي يواجه المسرح الرومانسي وهو ما لا أقصده ؛ ذلك ان هدفي يتحدد تماما بأنشاء مسارح مختصة بعرض نماذج لمسرحيات تراثية عريقة ذات قيمة تكون ركيزة لاعمال مسرحية يحتفى بها عربيا ؛ تعرّف بنتاجات رصينة لها تأثيرات تتعدى الزمن الذي كتبت وعرضت فيه ؛ الى زمن تال يغذى دائما بنتاجات جديدة تتحول هي بدورها تدريجيا الى ذات النمط المحتفى به تراثيا .

لقد دأبت كثير من بيوت ومراكز الثقافة في الدول المتحضرة ؛ على تأسيس مسارح لاعمال تمثل صفوة ما انتجه أدباؤها وشعراؤها وفنانوها في هذا الحقل الهام عبر فترات بعيدة غابرة او قريبة نسبيا ؛ كما في روسيا وفرنسا وانكلترا وايطاليا والمانيا واسبانيا وأمريكا والصين وما الى ذلك من دول في الشرق والغرب ؛ انها مسارح تعنى وتختص فقط بعرض تلك النماذج العميقة المبهرة لكتابها الكبار مثل كورني ؛ راسين ؛ موليير ؛ فولتير ؛ هوجو ؛ دي موســـــــيه ( فرنسا ) ؛ وشكسبير ؛ وليام كونجريف ؛ هيود ؛ مارستن ؛ ديكنز ؛ وايلد ؛ برنارد شو ؛ بينتر؛ أوزيبون ؛ ليفدستوري ؛ كريستي ( بريطانيا ) ؛ بوشكين ؛ ديستوفسكي ؛ تولستوي ؛ جوركي ؛ تيشيخوف ستانيسلافسكي ( روسيا ) ؛وفيجا ؛ كالديون ؛ رويز دي ؛ لوركا ( أسبانيا ) ؛ ومئات من العظماء الاخرين كجولدوني ؛ دانزيو ؛ جوته ؛ جوجل ؛ شيللر ؛لارمنتوف ؛تنسي وليمز ؛ يوجين اونيل ؛ آرثر ميللر ؛ بريشت .... الخ

وتأسيسا على ذلك ؛ فان المسرح الدائم الذي ادعو الى انشائه في كل عاصمة عربية ذات تراث مسرحي يعتد به ؛ لايقتصر على لون محدد من كلاسيكيات المسرح وحسب ؛ بل يتجاوزه الى كل الصيغ التي انتمت اليه كالواقعية ؛ والطبيعية ؛ والعبثية ؛ والتغريبية ؛ والسوريالية ؛ والرمزية ؛ والدادية ؛ واللامعقول ... الخ كما لايكون ممثلا للون واحد وحسب ؛ بل يعرض مسرحيات من التراجيديا والكوميديا ؛ و حتى الفودفيل الذي يتفرع عن الكوميديا بصيغة غنائية راقصة ( خارج نطاق الاوبريت ).. وغيرها
ان مثل هذا المسرح الدائم ؛ سيضمن لنا الحفاظ على النصوص وسرد التأريخ الفني للاخراج والتمثيل الذي جسدها ؛ مع الاخذ آ بنظر الاعتبار الاساليب الجديدة في ابتكار تفسير المسرحية واظهارها بابداع يتناسب وروح العصر ؛ كما فعل ذلك واقعيا فنانو المسرح المبدعون الكبار من امثال ( جون جيلجود ؛ تشارلس لوتون ؛ لورنس اوليفر ؛ تيرنس رايتجان ؛دونالد ولفت ؛ رالف ريشارد ؛ جون ميلز ) ؛ بل ان لورنس اوليفر ؛ حينما تولى ادارة الاولد فيك في لندن اواخر الخمسينات راح يمرن الموهوبين من الممثلين الشباب على اسلوب الاداء المميز المنضبط الذي اتقنه هو ؛ وذلك عن طريق اعادة بعض المسرحيات الجادة التي قدمها سابقا ؛ مانحا العناصر الموهوبة فرصة الظهور الى جانبه على المسرح.
وقد شاهدت مثل هذا النموذج الفريد بنفسي حينما قمت بمشاهدة العرض المسرحي ؛ وكانت مصادفة مسرة ان اجلس الى جانب الممثلين الكبيرين فاخر محمد فاخر وسعيد ابو بكر وهما يشاهدانذلك العرض .

لاشك اننا في اول الطريق المسرحي ؛ مقارنة بعراقة المسارح العالمية بدءا من المسرح اليوناني والروماني ثم ما بعد تلك الحقبة ؛ لذا فيتوجب علينا من الآن العمل بجد لتأسيس مثل تلك الصروح في عواصمنا ومدننا الكبيرة ؛ بخاصة تلك التي تنسمت عطور الامجاد المسرحية من قبل .

المسرح المصري نموذجا :

ان السبيل الى تطبيق هذا البرنامج الذي أدعو اليه انما يتبلور باستيحاء النشاط المسرحي الذي أخذ طريقه في الظهور الواقعي من عقود من الزمن في بلد عريق في حضارته هو ( مصر ) ؛ لعب المسرح فيه دورا رياديا في التثقيف والتوجيه والمتعة . ان العرض الذي نقدمه هنا لبعض الاعمال التي يمكن اعتبارها نماذج لما يتوجب ان يحتويها برنامج تكوين المسارح الدائمة التي ندعو اليها ؛ انما تشكل الحجر الاساس لما يرشح من مسرحيات كان لها صدى في تاريخ المسرح ـ على عهدها ــ ؛ تأليفا وتمثيلا وأخراجا وما أحاطها من عناصر أساسية مساعدة ؛ كالضوء والصوت والديكور والمكياج ..... الخ.
ان اختيار المسرح المصري لم يأت جزافا ؛ بل لتأريخه المدون و المتأصل في الوجدان العربي ؛ ولتعدد اوجه واجناس نتاجه لاكثر من مائة عام ؛ ولعظمة رادته في اهم الاوجه المسرحية .

بدءا سوف لن يجد القاريء شيئا مباشرا من المسرحيات الغنائية ( الاوبريت ) كمسرحيات سلامة حجازي ؛ وداود حسني ؛ وسيد درويش ؛ والخلعي ... وما الى ذلك ضمن هذا البرنامج المكرس للمسرحيات التراثية الصرفة ؛ لان من المفترض ان يكون لها موقع مخصص يعنى بمسرحيات الموسيقا والغناء وحسب وكذلك الحال مع المسرح الذهني ومسرح الطفل .... الخ ؛ اما المسرحيات التي يحتويها هذا الاطار الدائم من العروض التراثية المعادة ؛ فيمكن ان ندرج تحت عنوانها بعض المسرحيات ( المؤلفة ؛ المقتبسة ؛ المترجمة ؛ الممصرة ) و التي سجلها لنا الآرشيف التأريخي لتلك الاعمال ؛ اضافة الى كثير من المصادر الرصينة التي بحثت في هذا الموضوع الهام .
وفي ادناه نماذج لمسرحيات يمكن لها ان تكون باكورة مختارة من تراث المسرح المصري بحيث يمكن للجان المتخصصة ان تضيف اليها او تحذف منها ما تراه مناسبا لانجاح الفكرة : ــ

أ ــ ابو خليل القباني : أنس الجليس ؛ قوت القلوب .
ب ــ :. احمد شوقي : الست هدى ؛ مصرع كيلو باترا ؛ مجنون ليلى ؛ قمبيز ؛ عنترة .
ج ـ . يوسف وهبي : راسبوتين ؛ اولاد الفقراء ؛ الطريق المستقيم ؛ المائدة الخضراء ؛ كرسي الاعتراف ؛ بنات الريف ؛ الاستعباد ؛ اولاد ذوات ؛ الصحراء ؛ بيومي أفندي ؛ سيزار بورجيا الولدان الشريدان ؛ القضية المشهورة ؛ توسكا .
د ـ نجيب الريحاني : الستات مايعرفوش يكدبو ؛ لو كنت حليوة ؛ حماتك تحبك ؛ ياما كان في نفسي ؛ المحفظة ؛ الدنيا على كف عفريت ؛ بكرة في المشمش ؛ الدلوعة ؛ لعبة الست .
هـ ـ بيرم التونسي : العسل عسل والبصل بصل .
و ـ توفيق الحكيم : شهرزاد ؛ اهل الكهف ؛ السلطان الحائر نهر الجنون ؛ بجماليون ؛ اللص؛ الصفقة .
ز ـ عزيز اباظة : العباسة ؛ الناصر ؛ شجرة الدر ؛ قيس ولبنى .
ح ـ أحمد سويلم : أخناتون ؛ شهريار ؛ الفارس .
ط ـ سيد حجاب : أبو علي ؛ حكاية الواد بلية ؛
ي ـ عبد الرحمن الشرقاوي : الحسين ثائرا ؛ الفتى مهران ؛ وطني عكا ؛ النسر الاحمر ؛ الغربان .
ك ـ يوسف أدريس : جمهورية فرحات ؛ الفرافير ؛ البهلوان ؛ ملك القطن .
ل ـ الفريد فرج : حلاق بغداد ؛ سليمان الحلبي ؛ على جناح التبريزي ؛ الزير سالم ؛عسكر وحرامية .
م ـ سعد الدين وهبه : المحروسه ؛ كوبري الناموس ؛ سكة السلامة ؛ السبنسه.
ن ـ نعمان عاشور :عائلة الدغري ؛ المغماطيس ؛ الناس اللي فوق .
س ـ سمير العصفوري : انها لعائلة محترمة ؛ العيال كبرت ؛ الزيارة انتهت .
ع ـ صلاح عبد الصبور : مأساة الحلاج ؛ مسافر ليل ؛ الاميرة تنتظر ؛ ليلى والمجنون .
ف ـ فايز حلاوة : شفيقة القبطية ؛ حارة الشرفا ؛ روبابيكا ؛ يحيى الوفد ؛ كدابين الزفة ؛البغل في الابريق
ص ـ صلاح جاهين :حسن الداهية ؛ فدان حرية ؛ مطحنة الشيطان .
ق ـ أسامة انور عكاشة : القانون وسيادته ؛ الناس اللي في الثالث ؛ البحر بيضحك ليه.
ر ـ سمير خفاجي : مدرسة المشاغبين ؛ بودي جارد ؛ دوري مي فاصوليا ؛ انها حقا عائلة محترمة .
ش ـ ميخائيل رومان : الدخان ؛ ليلة مصرع جيفارا ؛ العرضحالجي .
ت ـ علي احمد باكثير :أخناتون ونفرتيتي ؛ ابو دلامة ؛ سر الحاكم بأمر الله ؛ مسمار جحا ؛ سر شهرزاد
ث ـ رشاد رشدي : عيون بهية ؛ بلدي يا بلدي .
خ ـ أمين صدقي : حمار وحوة ؛ امبراطورية زفتي
وهناك عشرات من المسرحيات الاخرى التي يمكن ادراجها بهذا السياق ؛ طالما يعتبرها الخبراء من كلاسيكيات المسرح تبعا لمستواها وطبقا لقاعدة مرور الزمن ؛.. كريا وسكينة ؛ والعيال كبرت ؛ وسك على بناتك ؛ و الواد سيد الشغال ؛ وسيدتي الجميلة ؛ وشاهد مشافش حاجة ؛ والدخان ؛ و ليلة مصرع جيفارا ؛ والمتزوجون ؛ الهمجي ؛ أهلا يا بكوات ..... الخ
ان انشاء مراكز فنية دائمة لعرض التراث المسرحي ( كالذي اشرنا الى بعض نماذجه) في جميع البلاد العربية التي شهدت نهوضا رصينا في هذا المجال الثقافي الحيوي ؛ انما يشكل علامة مميزة على طريق تسجيل و حفظ اهم مسرحيات تلك البلدان من الاهمال والتجاهل والنسيان ... وهي لاتستحق ذلك مطلقا ؛ سيؤدي ايضا الى تشغيل العشرات من فناني المسرح الذين يتشوقون للعمل في مجال اختصاصاتهم الفنية ؛ اضافة الى تذكير الجمهور بأمجاد مسرحيات تتجدد حضورا دائميا ؛ و لتصبح بعدئذ تقليدا راسخا متطورا يشير الى ثقافة جماهيرية لن تطوى صفحاتها أبدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل-دكتور هو- يعود بعد ستين عاما في نسخة جديدة مع بطل روان


.. عالم مغربي يكشف الأسباب وراء حرمانه من تتويج مستحق بجائزة نو




.. مقابل وقف اجتياح رفح.. واشنطن تعرض تحديد -موقع قادة حماس-


.. الخروج من شمال غزة.. فلسطينيون يتحدثون عن -رحلة الرعب-




.. فرنسا.. سياسيون وناشطون بمسيرة ليلية تندد باستمرار الحرب على