الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرع الله

أشرف عبد القادر

2008 / 3 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول ابن القيم الجوزية في كتابه "إعلام الموقعين"أن الله أرسل رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط وهو العدل الذي قامت به السموات والأرض، فأينما ظهرت أمارات الحق وقامت أدلة العدل وأسفر صبحه بأي طريق فثم شرع الله ودينه ورضاه وأمره، والله تعالي لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد وأبطل غيره من الطرق إن مقصده إقامة الحق والعدل وقيام الناس بالقسط،فأي طريق استخرج بها الحق وعرف العدل وجب الحكم بموجبها ومقتضاها" (الجزء الرابع ص 267 وما بعدها). فهل يختلف معي إنسان في أنه حيثما تكون مصلحة المسلمين،فثم شرع الله،كما يقول الشاطبي، فيحنما نقف أمام العالم أجمع وقيمه الكونية التي أعترف بها كل ذي عقل سليم، ونقول له "لا" ما تعترف به ليس من الإسلام، لأن رسولنا الكريم وصحابته الميامين لم يعرفوا ذلك، أو لم يكن على عهدهم، لأن ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
إن تعطيل مصلحة المسلمين ومراعاة روح حقبتهم ،هو إيقاف لشرع الله، فحينما نظهر أنفسنا أمام العالم كأمة منغلقة،وديننا دين جامد ثابت لا يتحرك لا يجاري متطلبات الزمان والمكان وروح الحقبة، فنحن نوقف عجلة الزمان الدائرة بدون توقف،ونوقف كذلك مصلحة المسلمين، هل لو اقتنعنا-كما وقعنا على كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان والمرأة والإعتراف بالآخر- بأن ذلك من صميم الإسلام ومن روحه،لأن فيه مصلحة المسلمين،نكون بذلك خالفنا شرع الله؟؟!!
هل لو ساوينا المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات والإرث،كما طالب بذلك الشيخ حسن الترابي، والمسلم بغير المسلم-كما فعل العالم أجمع من أقصاه إلى أدناه إلا المسلمين- أليس في ذلك مصلحة لنا ولديننا الحنيف، الصالح لكل زمان ومكان كقيم روحية،أليس ذلك هو شرع الله؟وأن إيقاف ذلك هو إيقاف لشرع الله وإضرار بمصلحة المسلمين والناس أجمعين. فالله خلق الإنسان وجعله خليفة له ليسعد في أرضه،وأنزل رسالاته لهداية البشر روحياً،وحث الإنسان على فعل الخير المطلق،وجرّم الاغتيال الذي غدا طبيعة ثانية في المتأسلمين،مثل خفاش تونس راشد الغنوشي.
الأمر يتطلب فقط إعمال عقولنا،وعدم الوقوف أمام النصوص صماً وعمياناً، لأن الذين يطالبون بتطبيق الشريعة وإقامة الحدود،هم خارج الزمان والمكان وهم يضرون بالإسلام وبمصالح المسلمين ، في عالم أصبح بفضل التكنولوجيا والثورة المعلوماتية، قرية كونية صغيرة، وبما أن ما يقولونه لا يصب في صالح لا الإسلام ولا المسلمين، فلن يكون هذا شرع الله، كما قال أئمتنا الكبار،والحق مع الأستاذ العلامة محمد الطالبي،الذي عنون أحد كتبه الصادرة في تونس بعنوان"إما الشريعة وإما الإسلام" فاختاروا.
فكيف بالله عليكم أن يحترم العالم ديننا وهو يري على مواقع الإنترنت إناس ملثمون يتلون آيات من القرآن ويجزون رقبة إنسان-أقول إنسان سواء أكان مسلماً أو غير مسلم- في عالم ألغي عقوبة الإعدام منذ زمن طويل،فهل لو اتهمنا بالهمجية والوحشية يكون ظالماً لنا؟؟؟!!.
فإذا كان إرتداء الحجاب وإطالة اللحي يسيء إلينا كجالية عربية مقيمة في أوربا، فلنمنع ذلك، لأن ذلك إستفزاز لهم في عقر دارهم، أما "فقه المصالح" فيقول لنا،كما قال ابن القيم الجوزية والشاطبي وغيرهم :"الضرورات تبيح المحظورات" فإلغاء هذه العادات واجب ديني من منطلق "لا ضرر ولا ضرار".
ونحن حينما نخلع الحجاب ونحلق اللحي ولا نلبس الجلاليب ليس معني ذلك أننا نتخلى عن ديننا، إو أننا فعلنا ذلك إرضاء للغرب"الكافر" كما اتهم الغنوشي كذباً وبهتاناً المصلح الكبير الأستاذ طيب رجب أردوغان، بل سيكون إيثاراُ لمصلحة الإسلام والمسلمين، لأن الإيمان كما علمنا رسولنا الكريم ليس بالمظاهر بل هو"ما وقر في القلب وصدقه العمل"،فإذا كانت مظاهره تستفز العالم ضدنا، فلنتخلى عن هذه المظاهر الخدّاعة المجلبة للضرر،لأن إيماننا راسخ في قلوبنا، ولذلك قال المبعوث رحمة للعالمين" إن الله ينظر إلى قلوبكم ولا ينظر إلى صوركم"لماذا؟ لأن المظهر دائماً خداع، فكم من "المتظاهرين" بإطلاق اللحي والجلباب الأفغاني لصوص وقتلة لا صلاح لهم، وكم من المنقابات والمتحجبات عاهرات،وكم من سافرات طاهرات عابدات، فإذا استطاعوا خداع البشر بهذا المظهر، فهل سيستطيعون خداع رب العالمين المطلع على القلوب وما تخفي الصدور؟؟!!.
الإيمان علاقة روحانية شفافة بين الإنسان وخالقه، لا دخل لأي مخلوق فيها،والإسلام ليس بالمظهر-كما هو الآن- بل بالجوهر، يجب أن يسمو بروح الإنسان ويهذب سلوكه، فليس المراد من التدين المظهر فقط، بل أن ينعكس تدين الإنسان-بأي دين- على سلوكه، ومن لم يمنعه دينه عن فعل الشر وإيذاء الإنسان باليد أو اللسان،فلا إيمان له،بل هو النفاق بعينه،إنها لحالة مرضية ما يمر به العالم العربي والإسلامي الآن،فنحن نشهد أعلى معدل في ارتفاع مظاهر التأسلم السياسي،حيث كثرة عدد المحجبات والمنقبات وعدد مطلقي اللحى،وكثرة عدد المساحد،إلا إنه برغم ذلك نشهد أعلى معدلات حالات الفساد وذبح الناس كالنعاج باسم الدين، وتفجير "المجاهدين" كما يقول الغنوشي لأنفسهم بين المصليين من إخوتنا الشيعة، فإذا كانت هذه الظاهرة-التأسلم- صحية كما يروجون، فلماذا لم يمنع الحجاب واللحية واللبس الأفغاني العنف المتأسلم الذي ينخر في عظام مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي توشك على الإنهيار؟!.
الخلل يعود إلى أننا تمسكنا بالمظهر دون الجوهر، الخلل في إننا آثرنا-نفاقا- إرضاء جماعات المتأسلمين وإغضاب الله، وهذه الجماعات المتأسلمة تريد بناتنا محجبات فكن كما أرادوا لهن. الجماعات المتأسلمة تريد أن تري الناس تعتاد المساجد،وتري علامة الصلاة"الزبيبة" على وجه كل مسلم، فوجدوها، ليس عن قناعة، بل عن خوف منهم ومن اتهامهم لهم بالكفر.
لقد أصبحنا نعيش في زمن،يخاف فيه المسلم أن يبحث عن إجابات لأسئلة تراوده في دينه حتى لا يتهم بالكفر ...الإسلام أبسط من ذلك بكثيروأرحب... الإسلام لا ينطق وهو مكتوب،كما قال الإمام علي، بل ننطقه نحن بما نريد،فأنطقه شيوخ التعصب والإرهاب،بما يريدون والإسلام منهم ومن آرائهم بريئ.
وأختم مقالي بقول سيد الأنام"يسروا ولا تعسروا"، لن تكون القيم الكونية،التي اعترف بها العالم أجمع وكل ذي عقل سليم، ضد الإسلام ولا ضد شرع الله، لأن فيها مصلحة للإسلام والمسلمين والناس أجمعين، بل إن تبنيها هو تطبيق لشرع الله،كمت فعلت تركيا الإسلامية،"إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور" كما تقول الآية القرآنية الكريمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كندا.. اندلاع حريق بالكنيسة الأنجليكانية التاريخية في تورونت


.. بتهمة سرق أحذية من المسجد.. الكويت ترحل مقيما من البلاد




.. عظة الأحد - القس داود شكري: الكنيسة بتحاول تقولنا هو ليه الح


.. عظة الأحد - القس داود شكري: المسيحين سموا نفسهم الطريق في ال




.. 141-Ali-Imran