الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة فى الرسوم والأمور المسيئة للنبى

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2008 / 4 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يشهد العالم الإسلامى منذ زمن بعيد الإهانات التى تلحق بالمقدسات والرموز الدينية، التى بلغت ذروتها عند نشر الرسوم المسيئة للنبى الكريم. وربما اعتاد الأوربيون على نقد رموزهم الدينية خاصة بعد انهيار الدولة الدينية فى أوربا وانحصارها فى مقاطعة الفاتيكان غير أن المسلمين لم يعتادوا على التعامل مع هذا النوع من النقد خاصة فى الصحافة والإعلام الغربى وصاروا يفتقدون إلى الآليات والخطط التى تؤدى إلى احتواء مثل هذه التجاوزات. ولا نبالغ إذا قلنا إن المسلمين لا يملكون الآن سوى المواقف الانفعالية التى لم تنجح يوما ما فى إرهاب وترويع الطرف الأخر الذى يزداد تشددا وعنادا.

لقد شعرنا بالاستياء الشديد جراء الصور الكاريكاتيرية التى قامت الصحيفة الدنمركية يوالندس بوستن بنشرها فى 30 سبتمبر 2005م. مما لا شك فيه فأن هذه الصور تمثل إساءة بالغة لرسولنا الكريم واستفزازا لمشاعر المسلمين فى سائر بقاع الأرض ولكننا فى نفس الوقت نقول إن هذه الصحيفة محدودة الانتشار وربما لا يتعدى توزيعها عشر آلاف نسخة هذا فضلا عن أن لغتها مجهولة لدى سائر شعوب العالم بل إن الرسام نفسه ويدعى كيرت وسترجارد لم يكن معروفا فى عالم الصحافة. لعل أكثر ما يعزز هذه المقولة هو أن الصحافة الغربية والأوربية فى بداية الأمر لم تلتفت لهذه الصور الكاريكاتيرية ولم تهتم بها وكان من الممكن ألا يسمع عنها كائن ما كان لولا رد فعل المنظمات الإسلامية الدنمركية التى قادت المظاهرات للتعبير عن غضبها ورفضها لهذه الصور. ولم تصدق وسائل الإعلام فى العالم العربى والإسلامى خبرا حيث لم تتردد فى نشر الصور وفى نقل أخبار هذه المظاهرات التى وجدت صداها فى الشارع العربى والإسلامى.

ومن المعروف أن وسائل الإعلام فى بلادنا أخذت تبث الخبر وتعبئ الجماهير المحبطة والمحتقنة وجاءت ردود الأفعال متباينة ومختلفة لتعكس حالة الاضطراب وفقدان التوازن التى تعيشها الشعوب العربية والإسلامية. لقد انتشرت المظاهرات فى العواصم العربية والإسلامية، فى القاهرة وبغداد وسوريا ولبنان والضفة الغربية وإيران وقد قام المتظاهرون بإشعال الحرائق فى القنصليات والسفارات الاسنكندنافية فى سوريا ولبنان. وأخذت منشورات مجهولة الهوية تنادى المسلمين بمقاطعة المنتجات الدنمركية ومنها منشور يحث المواطنين على البحث عن منتجات تحل محل المنتجات الدنمركية واليهودية والأمريكية: مطاعم ماكدونالدز وكنتاكى وتكا وربما لا يدرك هؤلاء أن هذه المطاعم لا يرتادها سوى الأجانب لأن أسعارها لا تتناسب مع القدرات المالية لمعظم المواطنين ويحث المنشور أيضا على مقاطعة لبن نيدو ودانو وجبنة فيتا وجبنة مزريلا على أن يكون البديل منتجات عربية أو مصرية ويدعو إلى مقاطعة السيارات الأمريكية مثل فورد وجنرال موتورز والاستعانة بالسيارات اليابانية والألمانية والكورية. ويطالبنا المنشور بأن نتوقف عن التعامل مع ماكينات تصوير زيروكس واستبدالها بكانون. ويا ليت الأمر توقف عند هذا الحد من التظاهر والاعتراض السلمى بل تعدى ذلك بكثير عندما قام البوليس الدنمركى فى 5 فبراير الماضى بالقبض على ثلاثة رجال مسلمين بتهمة التخطيط لاغتيال الرسام المغمور.

ما يلفت الأنظار أن ردود أفعالنا ومواقفنا تتسم دائما بالتسرع ولم نعد نفكر فى النتائج المترتبة على مواقفنا المتسرعة تجاه الأعمال الاستفزازية. ولم نعد نتوقف قليلا للبحث عن أسباب هذه الأعمال والبحث عن سبل فعالة لمقاومتها دون إلحاق الضرر الأكبر بقضايانا. لقد بات واضحا أن ردود أفعال المسلمين لم تحقق النتائج المرجوة ومنها الحد من هذه الصور المهينة التى ازداد انتشارها بفضل هذه الردود إذ لم ينته الشهر الأول من عام 2006م حتى أعادت عدة صحف فى هولندا وألمانيا والدول الاسكندينافية وفرنسا نشر الصور. وكذلك أعربت معظم الصحف الدنمركية عن تضامنها مع الرسام خاصة بعد القبض على الرجال المشاركين فى التخطيط لاغتياله. وكلما اشتدت المظاهرات الغاضبة فى بلادنا زادت أعداد الصحف التى تسارع بإعادة نشر الصور وكلما حلقت طيور الخطر حول الرسام ازداد مؤيدوه وقل منتقدوه. والغريب أن المطالبين بمقاطعة البضائع الدنمركية والأمريكية واستبدالها بمنتجات عربية أو يابانية أو كورية أو ألمانية لم يذكروا لنا ما هى تلك الدول العربية القادرة على توفير البدائل للمنتجات التى نقاطعها. وكذلك لا يوجد مبرر لإقحام الجانب الأمريكى فى القضية لأن الصحف الأمريكية رفضت إعادة نشر هذه الصور ودعا بوش إلى مراعاة شعور المسلمين. ونتساءل أيضا ماذا لو سعت الصحف اليابانية والكورية والألمانية إلى إعادة نشر هذه الصور؟ الإجابة بسيطة: سوف نضطر إلى مقاطعة سياراتها واستبدالها بعربات تجرها الخيول والحمير.

العقلاء فى مجتمعاتنا باتوا يدركون كل الإدراك أننا فى حاجة إلى إعادة النظر فى الطريقة التى نتعاطى بها مع الأزمات حتى نستطيع أن نتجنب شرورها وينبغى أيضا أن نسعى لدراسة الأمور بتأن وروية وتقديرها تقديرا محسوبا حتى لا نفاجأ بأن الأمور خرجت عن نطاق سيطرتنا وأن ردود أفعالنا صارت خطرا على القضايا التى نحترق من أجلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان


.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل




.. شاهدة عيان توثق لحظة اعتداء متطرفين على مسلم خرج من المسجد ف


.. الموسى: السويدان والعوضي من أباطرة الإخوان الذين تلقوا مبالغ




.. اليهود الأرثوذكس يحتجون على قرار تجنيدهم العسكري