الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آثارنا القبطية في أيدي اللصوص

عماد سمير أرمانيوس

2008 / 4 / 4
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


فصل جديد من الملف القبطي لتكتمل الحلقات الدرامية ضد الأقباط؛ هذه المرة الحلقة يدور فلكها في شأن آثار تاريخ أمتنا القبطية العريقة.
جدير بالذكر أن الآثار هي الدلائل الدامغة على حضارة أي شعب، وموطنه، وإسهاماته في التحضر الإنساني، وما آل إليه، والتغيرات التي ألمت به وعلى الأخص التغيرات الديموغرافية في الحالة القبطية.

بدأت أديرتنا رائدة في السلك الرهباني منذ القرن الرابع مرورا بحقب التاريخ المتتالية إلى زمننا هذا، ومنذ النصف الثاني من القرن العشرين كانت أيضا رائدة في مجال استصلاح الصحراء بكفاءة أغرت نتائجها أجهزة الدولة لتقوم بإنشاء هيئات ووزارات لذات الشأن، وما كان من هذه الأجهزة سوى أن تبدأ مشروعاتها متجاورة للأديرة، وما كان ذلك إلا تسلل مستكين كيما لا تعود الصحراء متاحة كما كانت للرهبان، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز الأمر حتى أصبح ما يشبه التقنين للتجاوزات وسرقة الآثار والتعدي على تاريخ أمتنا، فما أصبح اللون الأخضر إلا صورة باهتة لمحاولة تزيين الوجه القبيح للسلوك العدواني الذي لم يسلم منه حتى ما تركه لنا أجدادنا من ميراث.

المتابع لملف الآثار القبطية يلحظ التعنت والإصرار من قبل المؤسسات الحكومية ضد آثارنا القبطية، فهذه قضية الكنيسة المعلقة لم يغلق ملفها الطويل بعد؛ وإذ بتعديات صارخة بمنطقة وادي النطرون وبالتحديد الوادي الذي يحيط بدير القديس أنبا مقار مهد الحياة الرهبانية التي نشأت في القرن الرابع ببرية شيهيت.

هذه الآراضي أثرية وممنوع استثمارها، وقد صدر قرارين بهذا من قبل رئيس مجلس الوزراء الأول منها صدر عام 1984م، وقرارين آخرين – للزينة فقط- من اللجنة العليا للآثار بإزالة تعديات المزارعين، وتقرير من عالم أثري يدعى Karel Innemée يفيد أن هناك آثارا بهذه المنطقة يرجع تاريخها ما بين القرنين الرابع والثامن.

تبلغ المساحة المعرضة للتعديات 900 فدان، ومن الطرائف أن أركنت إحدى اللجان الأثرية حراسة هذه المنطقة بأكملها للدير وفرت الأجهزة المعنية عدد (واحد خفير) للقيام بهذه المهمة..!!! علما بأن الدير قد تقدَّم بطلب لشراء هذه المساحات من نفس الهيئة وأجابت بأنه يتعذِّر التصرف في هذه الأرض لأنها أثرية، في نفس الوقت الذي وافقت فيه الهيئة للمجلس الأعلى للآثار بعمل حفائر وجسات في مساحة 1800 فدانا من الأرض الأثرية لحساب السيد محمود عمارة تمهيدا لتخصيصها له، مما يكشف التضارب في المعاملة وحرمان الدير من حقه في شراء الأرض الملاصقة له والتي تحت حيازته ورعايته باعتبارها من أراضي الآثار.

صدر قرار فكاهي من قبل اللجنة العليا للآثار بالتراجع عن قراريها السابقين بإزالة التعديات، وهنا لنا العديد من الأسئلة لتلك اللجنة؛ أي القرارين هو الصواب؟ هل اختفت المساحات وضاقت الصحراء حتى لم يتبق سوى تلك البقعة لاستثمارها؟! أم أن هناك سببا في نفس يعقوب؟

أغرب ما في القصة، أن الدير هو الجهة التي تسعى لحماية آثار المنطقة حتى تقدم بطلب للحصول على موافقة الجهات التي لا تعير الأمر اهتماما للقيام بإقامة سور على نفقة الدير - وليس الدولة- لحماية المنطقة المتبقية من السرقات التي يشاهد أثرها كل صباح من تنقيب وخلافه.

الإعاقات التي تقف في وجه العمل على حماية آثار المنطقة توحي بأن الجهات المعنية لها مصالح أخرى في عدم حماية المنطقة؛ وإلا ليفيدنا أحد إفادة مدموغة بالأدلة على سبب هذا التباطؤ بل والتواطؤ..!!

** الملف القبطي يتضخم، ففي كافة المناحي توجد تعديات، حتى طالت التعديات الأديرة بما تمثله من قيمة تاريخية وروحية للأقباط بدءا بقضية دير الأنبا أنطونيوس ودير القديس يوحنا الحبيب ببطمس ودير العذراء بجبل الطير ودير القديس أبو فانا، (والتعديات محصورة ما بين محاولة هدم سور وإعاقة إقامة سور وتسهيل سرقة الآثار) وعلى التوازي مع هذه الاعتداءات هناك التعديات على الآثار القبطية. (من يبيع تاريخه يبيع حاضره ومستقبله).
فالأحداث ليست عشوائية بل هناك علاقة بينها تتركز على المجتمع المسيحي أينما وجد، ولا تتوقف عند الهدم والقتل والتدمير والنهب والسرقة فيما يخص الزمن الحاضر بل تمتد إلى الزمن الماضي حيث التاريخ والحضارة القبطية، فالدولة تسعى لأسلمة المجتمع في مظاهره الحياتية الآنية وتتجاهل الحقبة التاريخية القبطية في كل المراحل التعليمية لتغييبها عن الذهن المصري وتسعى لمحو الدلائل الأثرية القبطية التي تشهد على الوجود التاريخي للمسيحية في مصر، فالأمر أمده أبعد من ظاهره، ويبدو تسلط الفكر الوهابي لجعل مصر مكية – ليس بها إلا كل ما هو مسلم - لا يكن عن العمل الدءوب لتحقيق مأربه، كما يتضح أن له مخطط شيطاني ولا يعمل ارتجاليا، الأمر الذي تصنفه مواثيق الأمم المتحدة كجرائم ضد الإنسانية.
نحن نحذر من مغبة تفشي هذه الأعمال وإلا سيتحول المجتمع المصري برمته ما بين معتد ومعتدى عليه مما يصب في مصلحة الطامعين ذو المصالح في تدمير مصرنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح 300 ألف من رفح.. واشتباكات ضارية بين القوات الإسرائيلية


.. لا تنسيق مع إسرائيل بمعبر رفح.. القاهرة تعتبر اتفاقية السلام




.. السير نحو المجهول.. مأساة تهجير جديدة تنتظر نازحي رفح الفلسط


.. الخلافات تشعل إسرائيل..غضب داخل الجيش الإسرائيلي من نتنياهو




.. موكب أمني لحماية المغنية الإسرائيلية -إيدن جولان-.. والسبب -