الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استخدام العنف الشرعي لإعادة النظام

صاحب الربيعي

2008 / 4 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


القانون أداة لفرض النظام لكنه غير قادر على حفظ النظام من خلال إجراءاته العقابية دون وجود أجهزة ضبط وسيطرة في المجتمع تترجم تشريعاته الى فعل لردع الخارجين على القانون. إن ميكانزم السلطة القضائية القانون، وميكانزم السلطة التنفيذية القوة وما لم تتحد إرادة السلطتين (القانون والقوة) لايمكن الحفاظ على (أو فرض) النظام على المجتمع، كما أن ضعف إحدها يؤثر سلباً على مصداقية الأخرى ويفقدها الاحترام والمهابة في المجتمع.
لايكفي أن يحترم الفرد القانون وإنما يجب أن يخشى عقوبته، فيحن تكون العقوبة خفيفة يصبح التجاوز على القانون سنة المجتمع، لكن حين تكون العقوبة صارمة يمتثل الجميع للقانون، فخضوع الفرد الى النظام بحد ذاته عقد قانوني بين الدولة والمجتمع.
ولايجوز لأحد خرق القانون للتعبير عن احتجاجه ضد السلطة فآليات الاحتجاج السلمي معروفة ومصانة وحين تخرج عن إطارها السلمي يختل النظام مما يستوجب استخدام العنف الشرعي لإعادة النظام.
السلطة التنفيذية بأجهزتها القمعية مخلولة لوحدها حيازة وسائل العنف للحفاظ على النظام، وحيازة أي جهة أخرى على وسائل العنف يعد تجاوزاً على القانون. فوجود السلاح عند جهة ما غير أجهزة السلطة يؤشر لحالة انعدام الأمن والإخلال بالنظام وبغض النظر عن طبيعة استخدامها (مع أو ضد) السلطة. لذلك يحق للسلطة استخدام العنف الشرعي لانتزاع وسائل العنف غير الشرعية من المجموعات الخارجة على القانون وحصر استخدام السلاح بيد الدولة لوحدها.
يقول ((باريتو))"إن الحل الوحيد لفرض النظام والتوازن يتمثل في تولي صفوة قوية السلطة لفرض الاستقرار بالقوة وكسب شرعيتها السياسية والاجتماعية ليس فقط من المجتمع وإنما من قوتها وامكاناتها على استخدام القوة لقهر وإخضاع الخارجين على النظام".
إن خضوع المجتمع لسلطة مستبدة وجائرة لسنوات طويلة واستنزافه في الحروب الداخلية والخارجية عُرضة لإصابة أفراده بأمراض نفسية وإصابة المجتمع ذاته بأمراض اجتماعية تستوجب العلاج عند تغير النظام لانتزاع مبررات العنف والخوف والحقد من وجدانه ضد الدولة، حيث يتصرف الفرد في اللاوعي بمعاداة النظام الجديد ليس لأنه ضد خياراته وإنما مدفوعاً بهواجسه المرضية كالحالة من الدفاع الكاذب عن الذات لتأكيد الكينونة من خلال رفض الانصياع للنظام الجديد حتى لو استمد شرعيته منه ويسعى لتعويضه عن سنوات الحرمان والحيف.
إن استخدام العنف الشرعي لإعادة النظام في مجتمع يعاني أفراده من أمراض نفسية واجتماعية ليس حلاً منطقياً حتى لو حقق بعض النجاح في حينه لأنه سيزيد من تعقيد المشكلة ويجعل الأمراض مستعصية تتطلب المزيد من الوقت لإنقاذ المجتمع من شرورها.
إشكالية السياسي الجاهل يسعى الى الحلول السهلة لتحقيق مكاسب سياسية آنية ولاتعنية انعكاساتها السلبية التي قد تؤدي لكوارث كبيرة بالمجتمع على صعيد المستقبل. إن فرض النظام والاستقرار لايتحقق إلا من خلال تضافر جهود علماء النفس والاجتماع والنخب الثقافية لانتزاع مبررات العنف من وجدان المجتمع، مع عدم إغفال أهمية التلويح باستخدام العنف الشرعي ضد الخارجين على القانون خاصة منهم المجموعات ذات الدوافع السياسية الساعية لتحقيق أجندة قادتها المرتبطين بمشاريع خارجية مشبوهة وعلى حساب الوطن.
يعتقد ((ماكس فيبر))"أن مفهوم القوة لايتضمن فكرة الحق وواجب الطاعة، بينما تتضمن السلطة إمكانية فرض الطاعة الإرادية على الخاضعين".
إن حالة عدم استقرار الأنظمة وحدة الصراع بين فئات المجتمع في دول العالم النامي لاتعود
فقط الى المشاكل العرقية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية....وإنما الى نقص وعي وجهل النخب السياسية، لأن السياسة تعتبر في هذه المجتمعات هواية قد يمارسها أي فرد يعاني من انعدام الموهبة وغارق في الجهل لفرض إرادته على الآخرين، وليست علماً وتحصيلاً (كما هو الحال في المجتمعات المتحضرة) لرجال دولة يسعون لإنقاذ مجتمعاتهم من التخلف والجهل لضمان عيشهم الكريم ومستقبل أجيالهم.
إن العلة تكمن في سُبل أختيار الحلول الصحيحة لفرض النظام وإعادة الاستقرار للمجتمعات، فالسياسي الجاهل لايدرك سوى سبيل استخدام العنف لإعادة النظام وغير قادر على تقدير حجم العنف اللازم لكي لايتعدى حدوده الشرعية فيصبح عنفاً مفرطاً ضد المجتمع يستوجب المحاسبة والمساءلة القانوينة مستقبلاً.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم