الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استخدام العنف الشرعي لتعزيز النظام الاجتماعي

صاحب الربيعي

2008 / 4 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتألف المجتمع البسيط من وحدات بشرية ترتبط بأواصر وصلات مختلفة تمارس نشاطها وحراكها على مساحة محددة من الأرض وتحتكم الى قيم وعادات دينية واجتماعية لفض نزاعاتها وترتيب أوجه نشاطاتها المختلفة دون تناحر وصراع.
ومع الزمن أصبح المجتمع أكثر تعقيداً من حيث مكوناته البشرية واختلاف عقائده وقيمه واعرافه وثقافته ولم تعد القيم الدينية والأعراف الاجتماعية صالحة لكافة مكونات المجتمع. مما تطلب إيجاد صيغة ما يحتكم إليها الجميع في فض نزاعاتهم وترتيب شؤون حياتهم وصلاتهم الاجتماعية، أي خلق نظام يجمع المكونات العرقية والدينية والثقافية المختلفة تحت إطار موحد يطلق عليه النظام الاجتماعي الذي يحكمه تشريعات قانونية تكفل حقوق وواجبات كافة المكونات البشرية المنضوية تحت إطار المجتمع.
وبما أن ممارسات وسلوكيات البشر الغريزية في فترات زمنية غير محددة ومشخصة لايمكن السيطرة عليها وتطغى على مثيلتها السوية وتسبب خلخلة النظام الاجتماعي، فلابد من تفعيل القانون لفرض العقوبة بحق الخارجين على النظام عن طريق استخدام القوة والعنف لتعزيز النظام الاجتماعي.
يعتقد ((باريتو))"بواسطة القوة فقط يمكن أن تتأسس النظم الاجتماعية ومن خلالها يمكن الحفاظ عليها".
إن الردع القانوني للممارسات والسلوكيات غير السوية تفترض تحديد نوع العقوبة وشدتها، فكلما كانت أجهزة القمع في المجتمع صارمة وحازمة في إجراءاتها كلما تعزز النظام الاجتماعي، وعلى الضد من ذلك فإن ضعف أجهزة القمع يؤدي لخلخلة النظام.
إن السلطة القوية هي السلطة القادرة على فرض إرادتها على كافة فئات المجتمع عبر القوة والعنف وبغض النظر عن شرعية من عدم شرعية العنف، لأن مظاهر القوة والسطوة لأجهزة السلطة القمعية تستهدف فرض مهابة الدولة على المجتمع. فكما أن للمواطن حقوقاً على الدولة فمن واجباته إطاعتها والتعاون مع أجهزتها القمعية لتعزيز النظام الاجتماعي، وبخلافه فإن القوة كفيلة بالتصدي للخارجين على القانون.
هذا التأسيس للعلاقة بين الدولة والمجتمع قائم على عقد اشتراطي بموجبه يبدي المواطن خضوعه للدولة (بغض النظر عن شكل النظام والسلطة) وتبدي الدولة حرصها على حماية المواطن، فالولاء للدولة يعكس مدى ولاء المواطن للوطن.
يقول ((دوركيم))"إن العقاب هو الميكانزم الرئيس الذي يستهدف ضبط الفرد وتأسيس خضوعه، فالخوف من العقاب هو الذي يدفع بالأفراد لإنجاز واجباتهم وأداء مهامهم. فمبدأ العقاب هو الذي يتحكم بالبشر، وهو الذي يحميهم أيضاً".
إن التعويل على القيم الدينية والعادات والتقاليد والتربية والقانون للحفاظ على النظام الاجتماعي ليس كافياً دون وجود قوة رادعة لايحترمها المجتمع وحسب، بل يخشى عنفها الشرعي خاصة الذين يفكرون بخرق القانون أياً كان مستواهم الوظيفي والاجتماعي والسياسي.
إن هشاشة النظام الاجتماعي تتطلب صرامة في التشريعات القانونية وتشديد قبضة الأجهزة القمعية على المجتمع لتعزيز النظام الاجتماعي، ففي النظم الاجتماعية المتماسكة تكون تشريعاتها القانونية أقل صرامة وتضعف قبضة أجهزتها القمعية وتقل أهميتها عند السلطة، لأن مستوى وعي المواطن بحقوقه وواجباته عالٍ تجاه الدولة والمجتمع.
وبذات القدر أن أياً تجاوز غير مشروع للأجهزة القمعية على المواطن يستوجب المساءلة القانونية وبالعكس في النظم الاجتماعية الهشة تبحث السلطة عن المبررات لتبرئة أجهزتها القمعية من التجاوزات غير الشرعية على المواطنين لتعفيها من المساءلة القانونية.
إن إنصياع المواطن للدولة وتمسكه بالقانون يضعف من دور الأجهزة القمعية للسلطة في الدول المتحضرة فتعمد على تقليل حجمها وتقليص صلاحيتها في التدخل بشؤون المواطنين ليقتصر دورها على خدمتهم وحمايتهم.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التشكيل الوزاري.. من هم أبرز المغادرين والوزراء الجدد في الح


.. تركي يهدد رجال أعمال سعوديين بالسكين في إسطنبول في خضم اعتدا




.. قبل 24 ساغة من الانتخابات البريطانية .. استطلاع رأي: أقل عدد


.. -أزرق وأحمر وبرتقالي-.. معاني ألوان الأحزاب التي ملأت شوارع




.. تركيا: نراجع سياستنا تجاه سوريا ولن نتردد في اتخاذ التدابير