الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصنام البشرية بين الجاهلية والقرن 21

علاء الكاشف

2008 / 4 / 6
المجتمع المدني


لقد جاءت جميع الاديان السماوية من ادم الى خاتم الانبياء محمد (ص) برسالة هي عبادة الله وحده وتحرير الناس من العبودية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت وتحويل العبادة من عبادة الاصنام الى عبادة الله وحده . .وهذا لا يتم الا في ازالة الاصنام التي يعبدوها وابتدأ الرسول بهدمها فكريا ليلمسوا بحواسهم أنها أحجار لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا فكيف تملكها وتطلق عليها اسماء وصفات هي من صفات الله عز وجل وهذا الابتداء بالهدم الفكري جاء باعتباره هدما لعقائد وافكار كانت سائدة ومترسخة في المجتمع الجاهلي. ولما كان هذا العمل الفكري عملاً مرحلياً لا يكتمل إلا بسلطانه, فإن هدم هذه الأصنام هدما ماديا لم يتحقق إلا بقيام سلطان الإسلام وانتشار الدين الاسلامي بشكل كبير .
ومرت قرون عديدة وانتشر الاسلام وتحرر الناس من عبادة الاصنام التي كانوا يصنعوها بايديهم ويصفوها بصفات الهيه , ووصلنا الى القرن الحادي والعشرين وهو عصر التطور والتقدم والثورة الصناعية , ولا ارى هناك فرقا بين الأمس واليوم فبالأمس انتشرت عبادة الاصنام المصنوعة من الحجارة او من التمر وفي الوقت الحاضر صنع الإنسان أصناما من البشر هم القادة والزعماء وأرباب العقائد والديانات واصبح هناك تغيير في الاصنام من اصنام طينية الى بشرية وفي العهد الجاهلي كانت الاصنام تصنع باليد والان تصنع الاصنام بالافكار والعقول التي تستطيع بها ان تصنع اكبر صنم , واصبح هؤلاء يستعبدون العباد ويملكونهم بما اعطاهم الله من قوة بشرية مادية زائلة فظلموا اقوامهم وبطشوا بهم مما جعل اقوامهم يتبعوهم ويطيعوهم في كل شيء خوفا منهم او رغبة في شراء رضاهم وان كان في ذلك عدم رضا خالقهم عليهم وسخطه . وهذه الظاهرة منتشرة بين جهّال القوم وما أكثرهم والحمد لله. ونتيجة لهذه الكثرة ظن من وضعته هذه الفئات الجاهلة موضع القدسية والتنزيه انه يستحق هذه المنزلة وهذ ما موجود فعلا في الشارع العراقي المتعدد الالوان والأطياف حتى بات لكل لون وطيف صنم يعبده ويقدسة
وكما هو معروف ان هذه الاصنام البشرية مهما استمرت في حكمها وجبروتها وقوتها كان لابد لها من السقوط في يوم من الايام كما سقطت اصنام الجاهلية وان تعددت , فالتاريخ يذكر منها هتلر وموسوليني وستالين وغيرهم من القادة الذين حكموا العالم وجعلوا العالم يتبعهم دون تفكير , وبالامس القريب شاهد العالم سقوط واحد من هذه الاصنام البشرية التي حكمت العراق وطرحة ارضا لتدوسه الارجل وتكلل سقوطه مع سقوط تمثاله على الارض لتعتليه الارجل (في ساحة الفردوس) وليشاهد الجميع في العالم ان التمثال الذي سقط خاو من داخله تماما كما كان صاحبه لا كما كان يظنونه اتباعه انه بطل قومي ويتميز بالعظمة والقوى والجبروت أن تمثال صدام حسين في العراق كان أكبر تمثال للعبودية، وهذا مادفع بعض العراقيين وبعض العرب أن يتباكوا على سقوطه ويقدموا الكثير من أبناءهم للموت من أجل ذلك التمثال الصنم الذي كانوا يعبدونه واقفا وساقطاً , ان في اسقاط هذا الصنم هو تحرير للشعب العراقي وكان واجب على الشعب ان يفرح بذلك اليوم ولكن الماساة الحقيقية هي ان الصنم الذي سقط لم يسقط بيد الشعب وانما سقط بيد اصنام اخرى فاستبدل الاول بالاخر , ان هذا الصنم الذي كان موجود الشعب هو الذي صنعه وهو الذي بث فيه الحياة بعد ان كان لا شيء واعطاه القوة والجبروت و لحد الان وبعد تحرير الشعب وليس ( تحرير الفكر ) لم يعي هذه الفكرة وهي ان يقف عن صناعة الاصنام وهو قادر بيده ان يزيلها قبل ان تستفحل وتكبر وتصبح بدل صنم واحد اصنام عديدة, فسقط بالامس احدها واخرى تنتظر دورها . و الامر الغريب حقا يكمن في استشراء هذه الحالة حتى بلغت دوائر الدولة ووزاراتها ففي كل دائرة صنم وفي كل وزارة اصنام أستانست بولاء الجّهال وطاعتهم .
في النهاية نقول إن ألاصنام الحجرية التي وجدت في العصر الجاهلي لم تكن لتملك أن تجبر أتباعها على عبادتها وطاعتها فهي لم تكن تملك شيئاً فهي وكما سبق وقلنا انها كانت مصنوعة من حجر اوتمر بعكس أصنام البشر فهم لا يزالون يرمون بالأمة صوب جهنم ويجبرونها على اتباع ما تهوى أنفسهم ويرمون بهم بالحروب و يقهرونها بردها عن دينها إن استطاعوا ويسومونها سوء العذاب بقطع الأعناق وتضييق الأرزاق ولا يزالون يصنعون لأنفسهم معابد يؤمها الناس تسمى أحيانا برلمانات وأحيانا جمعيات عامة وأحيانا مجالس تشريعية ليشرعوا من خلالها ما يثبت دعائم أصنام البشر.
والسؤال المطروح هنا هو :
هل جاء اليوم الذي تسقط فيه كل الأصنام البشرية التي تُعبَد من دون الله ؟ صنم الخوف، وصنم المادة، وصنم حب الدنيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار النزوح من رفح والأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة ال


.. الأمم المتحدة تمدد مهمة -إيريني- لتفتيش السفن قبالة ليبيا وس




.. اللاجئون السوريون.. ترحيل أم توطين؟


.. الآلاف يتظاهرون في كراتشي دعماً لغزة وتنديداً بالحرب الإسرائ




.. ما الموقف الإسرائيلي من صفقة تبادل الأسرى التي أعلن عنها الر