الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرادة السياسية واستخدام العنف الشرعي

صاحب الربيعي

2008 / 4 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تؤشر حالة التشتت والتناحر بين فئات المجتمع لضعف أجهزة الضبط والتحكم وعدم والولاء للدولة بالإضافة إلى وجود جهات ذات نفوذ (سياسي-مافوي) تحاول فرض إرادتها على الدولة والمجتمع. إن وجود أجهزة ضبط وتحكم (قمع وعنف) قوية قادرة على فرض النظام على الجميع لكنها منزوعة القرار يجعلها عاجزة حتى الدفاع عن نفسها فتعمل على تجنب المواجهة مع الجهات ذات النفوذ السياسي والمرتبطة بالسلطة (صاحبة القرار) وغض الطرف عن مظاهر خرق القانون تحاشياً للمساءلة والحساب من السلطة ذاتها وحفاظاً على حياتها من القتل والتصفية من الجهات الخارجة على القانون التي تخترق أجهزة الدولة.
إن تولي النخب السياسية غير المؤهلة للعمل كرجال دولة زمام الحكم والتي تعاني من نقص الخبرة والتخصص بإدارة مؤسسات الدولة، يتداخل القرار السياسي مع القرار المهني فتصاب أجهزة الدولة بالعطالة ويطغى النفوذ السياسي لأحزاب السلطة على النفوذ المهني فيتفشى الفساد، وبتعدد مراكز النفوذ لأحزاب السلطة في مرافق الدولة تتعدد مصادر القرار فتنهار مؤسسات الدولة.
إن وجود إرادة سياسية لإتخاذ القرار الصائب يعني وجود سلطة قوية تستمد رؤيتها واتخاذها للقرار من رجال دولة ذوي تخصصات مختلفة لتعزيز النظام الاجتماعي. فمن مهام أجهزة الضبط والتحكم العنفية إعداد الخطط المهنية اللازمة لفرض النظام دون أي اعتبار للمحاباة والتداخلات والتقاطعات السياسية بين القوى الحزبية في البلاد.
لكن تنفيذ تلك الخطط المهنية بحاجة إلى قرار سياسي فإن كانت السلطة السياسية ضعيفة الإرادة ومترددة في إتخاذ القرارات لاعتبارات حزبية وفئوية ضيقة ومتعارضة مع مهامها كجهة مسؤولة تقود الدولة والمجتمع، ضعفت هبية الدولة فتتطاول الجهات الخارجة على القانون على أجهزة الدولة القمعية وتتزعزع ثقة المواطن بالقانون والدولة معا فيسعى لحماية نفسه بنفسه من الخارجين على القانون.
يقول ((باريتو))"إن عجز الطبقة الحاكمة (لاعتبارات إنسانية أو غيرها) عن استخدام العنف الشرعي لفرض النظام، هو تهرب واضح من واجباتها تجاه المجتمع مما يشجع الطبقة المحكومة على استخدام العنف المفرط لإسقاط الطبقة الحاكمة وقتل وترويع مناصريها وتولي زمام الحكم وفرض النظام على المجتمع وإنقاذه من حالة التشتت والتناحر. لأن نخب الطبقة الحاكمة الجديدة تتألف من الشجعان والأقوياء الذين أزاحوا الضعفاء عن سدة الحكم مما يبشر بعودة الاسقرار والأمان للمجتمع".
إن وجود أشخاص ضعفاء ومترددين في إتخاذ القرار في هرم الدولة لفرض النظام يضعف أجهزة حفظ النظام في أداء مهامها ويخلق حالة من التردد والخشية للقائمين عليها. فالتناحر وتغليب المصالح الفئوية والحزبية للسياسيين على المصالح الوطنية ينعكس سلباً على أداء أجهزة الدولة فيدفع المواطن الثمن بأنفلات الأمن وغياب سلطة القانون وأنعدام الخدمات. فحالة أنعدام الأمن التي تطال المجتمعات المتناحرة يعود بالدرجة الأولى لتغليب المصالح السياسية على المصالح الوطنية ووجود سلطة ضعيفة تستمد شرعيتها وإستمرارها من تحقيق مصالح الجهات الحزبية المؤتلفة منها. فعند تقاطع المصالح الحزبية بين أحزاب السلطة ذاتها، تصبح السلطة عرضة لسحب الثقة منها فتذعن لتحقيق المصالح غير المشروعة للجهات الحزبية الأخرى طمعاً في إستمرارها في السلطة.
يعتقد ((هوبز))"أن غياب القوة القهرية يؤجج الصراع بين فئات المجتمع (حرب الكل ضد الكل) لفرض الإرادات، فالطبيعة الغريزية للبشر تدفع البعض لاستخدام القوة والعنف للهيمنة على الآخرين فإذا ما أريد الحفاظ على النظام الاجتماعي، فلابد من وجود قوة قهرية قادرة على فرض النظام على الجميع".
إن الهوة الشاسعة في أداء المهام في أجهزة الدولة بين رجال الدولة من ذوي الاختصاص والكفاءة وبين السياسيين المتدني الكفاءة والخبرة والمنسبيين قسراً لأجهزة الدولة يؤشر لحالة الفشل وسوء الإدارة، فمسؤولية أنعدام الأمن وتفشي الفساد في مؤسسات الدولة يعود بالدرجة الأولى لتسلط الحثالات من السياسيين على مراكز القرار والعمل على إقصاء الكفاءات والخبرات التخصصية عنها.
الموقع الشخصي للكاتب: http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات إيران الرئاسية: خامنئي يحث الناخبين على التصويت في


.. الحكومة الجديدة في مصر تؤدي اليمين الدستورية • فرانس 24




.. الانتخابات النيابية الفرنسية: نتائج الجولة الأولى في ميزان ا


.. مقتل قيادي بارز في حزب الله بغارة إسرائيلية استهدفت سيارته ب




.. #مصر.. إغلاق مبكر للمحال التجارية عند العاشرة مساء #سوشال_سك