الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيرتنا مع ديمقراطية كردستان!

طارق حمو

2008 / 4 / 7
القضية الكردية


السلطات الكردية في مطار أربيل الدولي أرجعت الفنانين الكرديين "دينو" و"آيدن" إلى حيث أنطلقا من أوروبا لمجرد علمها بأنهما سيشاركان في مهرجان شعبي سيقام في مخيم مخمور.
الإجراء هذا يأتي، كما هو واضح من السياق، في إطار حملة (كنا توقعنا لها أن تهمد بعد إندحار قوات الجيش التركي في معارك زاب)، تطال كل شيء يقترب من إسم حزب العمال الكردستاني. .
والحملة هذه تقودها بعض الأجنحة "العقلانية" في حكومة إقليم كردستان العراق من التي تراهن على "علاقات جوار طيبة من الأتراك" وتتحدث عن "مزيد من الإنفتاح الإقتصادي" وتلوك عن "إتساع رقعة التجارة مع الجارة أنقرة"، في محاولة ساذجة ـــ تهمل الإستراتيجية ومقدار تعقيد القضية الكردية وتشعباتها ـــ لتقفز في حضن تركيا من بوابة المال والأعمال.
ثمة من يمارس سياسة ساذجة وغير متزنة في كردستان الآن. الأتراك لن يرضوا قطعاً بحادثة طرد فنان هنا ومنع دخول آخر هناك، وهم سيطالبون بالمزيد والمزيد. ومن الخطأ القاتل الذهاب معهم في "اللعبة" بعيداً عن حقائق الجغرافيا والتاريخ. ومحاولة الإرتكاز على بضعة "مليارات فراطة" هي حجم التبادل التجاري، كمحاولة لإستدراجهم للوقوع في فخ الإعتراف بالإقليم، لن تنجح قطعاً.

الأتراك لن يعترفوا باقليم كردستان لمجرد تقديم مثل هذه "الجمايل" و"الإغراءات"،لا بل لن يعترفوا حتى ولو كان الثمن رأس حزب العمال الكردستاني نفسه...

رئيس الإقليم مسعود البارزاني وبعد إنهزام قوات الجنرال يشار بويوكانيت من أمام مقاومة مقاتلي العمال الكردستاني في (زاب) أشاد بأهالي (بامرني) الذين "قاوموا العدوان التركي"، وقال حرفياً "أتمنى أن تعي تركيا الآن بان القضية الكردية لديها لن تٌحل بالوسائل العسكرية". مسعود البارزاني/البيشمركة القديم ـ الذي يحاول البعض تخطيه هذه الأيام ـ يعي ما يقوله جيداً...

حتى ولوكانت سياسة حكومة كردستان هي التضييق على العمال الكردستاني، او "إظهار" التضييق رسمياً على الأقل، فإن من قواعد الديمقراطية ألا تفرض هذه السياسة الرسمية على الشعب الكردي في الإقليم.

وهذا الشعب متعاطف مع الكرد في كردستان الشمالية، وهو متعاطف مع المقاتلات والمقاتلين الكرد في جبال قنديل، ولاعجب ولاغرابة في ذلك. فمصر والأردن عندما وقعتا إتفاقاً مع إسرائيل لم تجبرا شعبيهما على القبول بدولة اليهود جاراً قريباً، ولم تدفعا الناس لأخذ الإسرائيليين بالأحضان في شوارع عمان والقاهرة. والكل يعلم بان الشعبين المصري والأردني هما من أكثر الشعوب العربية رفضاً للتطبيع مع إسرائيل وحماساً للفلسطينيين ومقاومتهم. لماذا تمارس حكومة كردستان إذن كل هذه الضغوط على الناس وتجبرهم على التوائم مع الموقف الرسمي المتعاون مع تركيا والمعادي لحزب العمال الكردستاني ومظاهره في الإقليم ( وتركيا هي التي، وللتذكير، ماتزال تعتبر "كردستان العراق"، رغم كل هذا "البزنس"، الخطر الإستراتيجي الأكبر على وجودها)؟.

حتى تركيا نفسها لاتمنع الفنانين الكرد أعضاء فرقة (برخودان) من التوجه لدياربكر وباتمان ووان وشرناخ لإحياء حفلات عيد نوروز القومي، فلماذا تمنع كردستان الرسمية هؤلاء من الإطلال على جمهورهم في مخمور؟. ثم لماذا مخمور بالذات؟ وبماذا تفرق عن بقية مناطق الإقليم وما هو وجه الخصوصية هنا؟.

يقيناً لو كان كل من "دينو" و"آيدين" قد قررا التوجه إلى دياربكر للغناء وسط مئات الآلاف حيث ترفرف أعلام حزب العمال الكردستاني وصور زعيمه عبدالله أوجلان لما تدخلت السلطات التركية لمنعهما. وأنا هنا لا امدح "ديمقراطية" تركيا أبداً لكني أقول واقع حال مر كمرارة الحنظل.

في لقاء لمحطة (الجزيرة) القطرية معي حول "إغلاق سلطات إقليم كردستان العراق لمقار حزب الحل الديمقراطي الكردستاني في أربيل ودهوك"، كانت المذيعة تحاول إستدراجي لمهاجمة موقف الحكومة الكردستانية جراء هذه الفعلة، وكنت أدركت المسألة ولم اقل سوى: ان تركيا التي يحتضن برلمانها 23 برلمانياً من حزب المجتمع الديمقراطي( الذي تتهمه أنقرة بأنه واجهة العمال الكردستاني السياسية، وهو رابع أقوى حزب سياسي في البلاد) تضغط على حكومة أربيل لإغلاق مقار حزب الحل الديمقراطي الكردستاني، وهو الحزب العراقي المرخص والذي شارك في العملية السياسية. إن هذا الإجراء قبل أن يكون ضربة للعمال الكردستاني وتضييقاً عليه،كما تقولون، إنما هو ضربة لديمقراطية الإقليم وتدخل سافر في سيادته وإستقلاليته؟!.

لنلاحظ: في الوقت الذي يرفض فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وسم منظمة "حزب الله" اللبنانية بالإرهاب تحت قبة الكونغرس الأميركي مجازفاً بعلاقة بلاده مع واشنطن، ويحاجج حول قضية إدراج إسم "الحرس الثوري الإيراني" في لائحة الإرهاب الأميركية، ينطلق بعض "العقلاء" و"فريق المودرن" في كردستان ليتذاكوا علينا ويسوقوا لنا "حزب العمال الكردستاني الإرهابي"، الذي "قاتلناه لسنوات طويلة وخسرنا في الحرب معه آلاف البيشمركة".. وذلك كله لما يتصورونه إنه "إرضاء للأتراك" وبعضاً من التقرب إليهم بالعزف على الوتر الحساس...

الأكراد لايعرفون فن إستثمار الإنتصارات. وكان الأجدى بالحكومة الكردستانية ان تتقوّى بعد حادثة اندحار قوات الجيش التركي الغازية في (زاب) بعد تكبدها مئات القتلى والجرحى، وهي التي كانت تتحدث بصلف وغرور عن "إحتلال كركوك" و"القبض على مسعود البارزاني"...

نقول كل هذا العتاب لأن قلبنا على كردستان. ولأننا نعي حجم التحديات التي تواجه كردستان الآن وحجم المؤامرات التي تحاك ضدها. نقول هذا الكلام لكي يصل إلى الرجل صاحب الموقف المشرف رئيس الإقليم مسعود البارزاني، والذي حفظ التاريخ له مواقفه القومية، في الوقت الذي كان البعض يحثه على "الرضوخ للعاصفة" و"القبول بالمهانة"، كنوع من "السياسة" و"فن الممكن"...

لقد أثبت نوروز 2008 في كردستان الشمالية بان حركة التحرر الكردستانية ورغم كل حروب تركيا ومؤامرات "العالم المتحضر" أقوى من أي يوم مضى. وهذه الحركة هي الظهير الأقوى لأربيل وحكومتها، وهي الضمانة الأكيدة لإرجاع كركوك إلى حضن الإقليم...

وفي النهاية أستشهد بفقرة من كلام القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الكاتب والشاعر الكردي الرقيق، المثقف ووكيل وزارة الثقافة العراقية الأستاذ فوزي أتروشي عن نساء الشمال، ممن شاركن في صنع النصر الزابي المبين، في الزمن الذي يحاول البعض فيه تسويق الهزيمة والمذلة لنا بوصفهما "فهلوة" و"انحناءاً امام العاصفة العاتية":.... "انها هي التي جعلت من عيد المرأة وعيد نوروز هذا العام مناسبة حافلة بالنشاط والعمل الوطني , سواء في جبال قنديل او مدن كوردستان تركيا او العواصم الاوروبية".. .

نعم تلك هي المرأة في العمال الكردستاني، التي صنعت النصر في "قنديل" و"دياربكر" و"أرديش" ودحرت كل كلام بويوكانيت الذي فرّ إلى قبرص يحاكي أمجاداً غابرة، لن تعود ابداً...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن ممارسات


.. مراسلنا: اعتقال شخص بعد أنباء عن طعن عدة أشخاص في محطة لمترو




.. إسرائيل تلوّح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة.. ما القصة؟


.. وفد إسرائيلي يخطط للسفر إلى القاهرة لاستئناف محادثات الأسرى




.. إصابات واعتقالات خلال فض احتجاجات في حديقة أميركية شهيرة