الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفسير الحديبية برواية أمريكية ............ ج / 6

حسن جميل الحريس

2008 / 4 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شجرة الأمة ( ح / 1 )
مهما اختلفت الرؤى العربية السياسية منها والاجتماعية والثقافية والدينية بزمنيها الماضي و الحاضر فإنها تشترك كلها برؤية مستقبلية موحدة تندرج تحت مفهوم ( الشجرة العربية الواحدة ) والسؤال المهم بهذا السياق ( هل ما زالت تلك الشجرة حية ؟؟ ) ، قد تتباين الآراء إزاء ذلك بتحديد مستويات عدة حول نمطية حياتها ، ولكنها جميعها متفقة على أنها لم تعد بزمن تقليم أغصانها بل باتت بمرحلة مابعد بتر ساقها إذ لم يبق منه إلا بضع سنتمترات عدة ظاهرة فوق مستوى سطح تربتها المحيطة بجذرها ، والمرحلة القادمة هي زمن تفتيت جذرها تمهيداً لإنتزاعه كلياً ، فما هو المنهاج الأساسي الذي ارتكز عليه أعداؤها ليحققوا ما أنجزوه عليها حالياً ؟! إنه منهاج ( التطعيم العقائدي الشامل والمنظم ) والذي تم دسه بسلاسة زمنية متقنة على مختلف الأصعدة السياسية والدينية والاجتماعية والتي يمكن اعتبار أخطرها وأشدها ضراوة مايعرف بالدسائس الثقافية المنظمة والموجهة لجسد لغتها العربية وآدابها .
وصار الحديث حول مشروع الشرق الأوسط الكبير أو مشروع الفوضى المنظمة من أحاديث زمن العصور الحجرية الأولى فقد مر ذاك المشروع وتحققت أيديولوجياته عملياً ، بمعنى أننا تجاوزناه مرحلياً ودخلنا ضمن زمن التجول في فلك فراغه المجهول الساكن والذي سينتهي بنا إلى مجموعة أحلام خيالية ، والمهم حالياً هو أن نعرف كيفية الخروج من دائرته العبثية وأن نحدد التوقيت اللازم لذاك الخروج مستقبلياً فهذا هو المعيار الحقيقي الذي سيحدد لاحقاً حجم المتبقي لنا من جذر شجرتنا العربية .
والأدهى أن هذا المفهوم ليس بجديد علينا بل هو قديم يتجدد يومياً إذ يمكن تشبيهه فكرياً بمفهوم الدوائر البالعة هندسياً والذي يبدأ من مركزه بدائرة متناهية بالصغر يحيط بها دائرة أكبر منها ثم تليها الأكبر والأكبر وكأنها رؤية تتناسب طرداً مع قانون شريعة الغاب المعمول به بمبدأ سيطرة قانون حجوم الكائنات البحرية ، ويخضع هذا المفهوم لنظام توجيه مزدوج ومنظم تتحدد طبيعته بمساره زمنياً إذ يمكن توجيهه بدءاً من مركز أصغر دائرة فيه ليصل إلى أكبر دائرة محيطية بالعة لسابقاتها أو يمكن أن يعكس توجه مساره بدءاً من أكبر دائرة محيطية إلى أصغر دائرة مركزية ، ومن هنا نرى وجوه اختلاف الرؤى حول تفسيره أيديولوجياً ، فيصعب على أحد أن يحدد جهة مسار ذاك المفهوم ليعممه على مختلف مراحله زمنياً ، وقد يكون مكان الناظر إليه غير مناسب إطلاقاً لرؤية واقعية حقيقية وخصوصاً إن كان ذاك المفهوم بمرحلة فوضى غير متناهية حيث تختلط حينها عقائد تيارات فكرية قوية وصاعدة مع عقائد تيارات فكرية قوية ونازلة بمناطق صراع دولية فتعمل على تغييب أنظمة دول بعينها وتبعدها عن رؤية مصائرها الحقيقية فتتصرف بغباء كامل ومطلق ستندم عليه مستقبلياً ، وللوقوف على ذاك المفهوم سنضرب عليه مثالاً عملياً :
- دائرة الصراع الكبرى بين الأمم والذات الإلهية المقدسة ، وكذلك دوائر أصغر منها بين الأمم ذاتها كصراع حضارات الإمبراطوريات البائدة كاليونانية والرومانية والفارسية والإسلامية وغيرها ، وهي دوائر ابتلعت في جوف كل منها دوائر أحداث داخلية فيها ذهبت بكيانها ذاتها ، وهكذا دواليك حتى أصغر دائرة فردية والتي ولدت منها أفكار ثورات داخلية أبادت إمبراطوريات كانت فيما قبل تنتسب إليها ، وليس الزمن ببعيد عنا إذ رأينا دائرة الحرب الباردة بخمسينيات القرن الماضي والتي احتوت في باطنها دوائر إقليمية فرزت العالم كله لتيارات عقائد أيديولوجية متضاربة فيما بينها فأنشأت دوائر منظمات إقليمية وقطرية متباينة في معظمها ، ولن ندخل بزمن ذاك الصراع لأننا نبحث عما نحن فيه حالياً .
- نحن بزمن أحاطوا فيه ما تبقى من جذر أمتنا العربية بجدار اسمنتي وصار واجباً علينا أن نفتح ثغرات بذاك الجدار كي نمد جذرنا المتبقي بالماء والغذاء إذ لم يعد كافياً أن نعتمد على بركة السماء طالما أنه باستطاعتنا عمل ذلك ميدانياً !!! وإن أقل الإيمان أن نحاول زرع نبتة خارج حدود ذاك الجدار لتكون لنا أملاً مستقبلياً .
لنقف على ما يحيط بأمتنا حالياً :
- دائرة فوضى كبرى عالمية في جوفها دائرة فوضى شرق أوسطية .
- دوائر فوضى قطرية تعصف بالعراق وفلسطين ولبنان والصومال والسودان .
- أيديولوجيات عربية متباينة بعضها سياسية وبعضها عسكرية ومعظمها ثقافية ، وقد تم فرز أمتنا سياسياً فحملت في باطنها تيارات ذات مسميات مختلفة منها ( انعزالية - أصولية - حيادية - معارضة – مقاومة – مواجهة – معتدلة – مدنية معاصرة ) وانضوى بعضها تحت تيار أدعوه بتيار ( سم الأرانب ) وهو معروف بإذعانه للرؤية الأمريكية بينما صار ما كان معروفاً بتيارالدول المعتدلة تياراً غير مرغوب به حالياً وخصوصاً إن بقي على زمنه حيادياً ، وأما العسكرية منها فلها شقان أولهما لإفتعال الأزمات وهو مأجور خارجياً وقد تم تخليقه خارج حدود أمتنا ومن ثم عملوا على زرعه في تربتنا العربية ليكون عدواً وهمياً مختلق وبمثابة ذريعة متجددة يومياً شريطة أن يتشابه ظاهرياً مع الشق الثاني المعروف بنهجه المقاوم للإحتلال ، والشقان مشتركان بصفة تمويلهما مادياً ومعنوياً سواءاً من جهات داخلية أو خارجية مع أنهما يتنافران أيديولوجياً ، والأخطر من ذلك كله هي جحافل الغزو الثقافي التي نعاصرها حالياً ، وسنرصد كل منها على حدة لنكشف عن نهاياتها الفراغية .
ولنرى الآن الخيارات المتوفرة لأمتنا والتي تستطيع من خلالها إعادة توجيه البوصلة :
- إما أن تدخل ضمن دائرة الفوضى المستعرة بالعراق ولبنان وفلسطين ، فتكون بهذه الحالة أحد الأطراف الفاعلين بها لتعمل على إعادة توجيهها ، سيما وأن زمن الفوضى لابد وأن يتلاشى لتنتهي أخيراً بدائرة فراغ ساكنة تبتلع كل أطرافها المشاركة فيها سواءاً الإقليمية أو الدولية .
- وإما أن تقف على محيط دوائر الفوضى وتعمل على التأثير بها عبر أطراف تكتيكية بمناورات سرية متبدلة مرحلياً .
- وإما أن تعلن أنها خارج الدائرة فعلياً وهذا الأمر غير متوفر حالياً لأنه وبهذه الحالة وكأنها استبدلت موقعها تكيتيكياً لتنتقل من جهة إلى أخرى رغم أن جهتي خياراتها مشتركتان عملياً كأدوات فاعلة بخلق دائرة الفوضى ميدانياً ، وإن أرادت أن توفر لها هذا الخيار صار من واجب أمتنا أن تعمل على عزل تلك البؤرة عملياً ونفي كل صلة بها ولكن ثمن ذلك غال جداً وسيكون عبئاً مستقبلياً عليها .
- ومن بين الخيارات المتوفرة أن تعمل أمتنا على خلق دوائر فوضى مماثلة لتلك القائمة حالياً شريطة أن تزرعها بمناطق أخرى وكأنها بهذا تعمل على تصدير الفوضى الشاملة لتؤثر بدوائر تعتبر بعيدة عنها نسبياً وتكون أقرب لحدود الأطراف الخارجية .
- وباستطاعتها أن تعمل على نشر الفوضى لتشمل المنطقة بأسرها بما فيها الدولة العبرية .
- أن تعمل على إنهاء مشروع الفوضى وذلك بتسريع أحداثها حتى وإن تحققت بعض أهدافها جزئياً مقابل إحقاق معادلات جديدة تضمن لها سلامة بقائها مستقبلياً .
تلك خيارات حقيقية ميدانية ولكنها ليست بمثابة حلول منطقية ، فما هي الحلول المأمولة لأمتنا والتي باستطاعتها أن تعمل عليها ؟؟؟
................... يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على


.. 174-Al-Baqarah




.. 176--Al-Baqarah


.. 177-Al-Baqarah




.. 178--Al-Baqarah