الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدسية الأسماء وتغييب العقل

مصباح الحق

2008 / 4 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعلم الإنسان تصنيف وتنسيق الأمور بحيث يسهل عليه التعرف عليها وتذكرها وذلك بإعطاء بعض الرموز والدلالات الخاصة والمعينة والمعنية تحديداً بتلك الأمور. والترميز من الأشياء التي اخترعها الإنسان لتحقيق تلك الغايات، وإثبات تطوره ورقيه في سلم التقدم. ودأب الإنسان منذ أن طور اللغة كوسيلة للتواصل على تسمية الأشياء بمسميات توحي بالدلالة التي أسبغها عليها، إن كانت بقدسيتها أو بنجاستها حسب منظوره لها.

اللغة وسيلة للتفاهم والتخاطب ليس إلا، ولا يمكن لأي لغة على وجه الأرض أن تكون مقدسة بحد ذاتها لمجرد الاعتقاد بأنها هبطت من السماء أو يتكلمها الله؛ فهي أصلاً من مخترعات الإنسان. إنما يختلف الأمر كلياً عندما ترتبط اللغة بالدين، حيث يحلو لليهود أن يقدسوا لغتهم لدرجة أن يخترعوا اسماً آخر ليهوه (أدوناي) لعدم المساس بقدسيته. وتبعتهم المسيحية بنفس الخطى عندما ألقت ظلال القداسة على اللغة اللاتينية باعتبارها- حسب الكنيسة- لغة الإنجيل، بصرف النظر عن أرامية لسان المعبود.

وبالطبع، يأتي القرآن ليكرس نفس الفكرة عن قدسية اللغة العربية لأنها لغة الله، لدرجة أن الشيخ عبد الرحمن البوطي يشطح بقوله أنها لغة أبدية لا بداية لها، بدون أن يجادله أحد من علماء الفقه. من يجرؤ على ذلك حين يرتبط الأمر بالله حيث الخطوط الحمراء؟ فلا وزن مثلاً لجهود الباحث لويس عوض وكتابه (مقدمة في فقه اللغة العربية) أو توجه الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني في (بحث الأسماء)، فقد سبق للإسلام أن غلف الأسماء المتنازع عليها بقدسية لا تطولها صانع اللغة نفسه.

ومن هذا المنطلق والمنطق الأعرج حول قدسية اللغة العربية وأسماء الله الحسنى، جاءت فتوى دينية من أهل الحل والعقد، دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، لمنع الاستهانة بقداسة الأسماء الواجب تعظيمها كعبدالله وعبدالرحمن [عبد لعبد] وعبدالسلام ونحوها وكذلك أسماء الأنبياء والملائكة، لصيانة أسماء الله الحسنى وأسماء الرسول لتجنيبها الإساءة عند استخدام ما سبق من دلالات في التعريف على عبوات التحاليل الطبية بالمستشفيات والعيادات الطبية ومراكز التحليل. فاستخدام الاسم الدال على صاحبه يعتبر إساءة لأن الاسم لم يعد يدل على الشخص كنعت بل أصبح يحمل قداسة. وطالما الأمر كذلك، لماذا لا تعمم الفتوى الموضوع ليشمل منع أسماء مثل (عائشة وزينب) مثلاً- مع استثناء خديجة المتنازع على إسلامها- أم أن النساء لا تشملهم القداسة عند استخدام أسمائهن في عبوات التحاليل الطبية عملاً بالكلام المهين (أو جاء أحدكم الغائط أو لمستم النساء) حيث يساوي العظيم بينهما؟ أنا أربأ بنفسي أن استخدم هذه المقارنة يا سيدات العالم قاطبة.

ألم يكن من المستحسن أن تقوم حكومة دبي بإصدار مرسوم على غاية من البساطة والموضوعية ينص على استخدام الأرقام أو الرموز لتعريف وتصنيف العبوات المختبرية وغيرها إسوة بالدول المتحضرة لتفادي تشابه الأسماء على سبيل المثال، بدلاً من أن تسمح لمثل تلك الفتوى السخيفة أن تُنشر في الجرائد الرسمية؟ هل هذا يبشر بزحف الوهابيين إلى مدينة تحاول مواكبة العصر والعولمة والحضارة؟ سلمتم من الشر، ونترككم مع الفتوى "المقدسة":
http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?c=Article&cid=1205852386232&pagename=Albayan%2FArticle%2FFullDetail

http://www.alkhaleej.ae/portal/d5c4379b-faaa-434d-865e-1dd35bd992f7.aspx








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس #السيسي يستقبل سلطان البهرة ويشيد بدور الطائفة في ترم


.. 116-Al-Baqarah




.. 112-Al-Baqarah


.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ




.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا