الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الثانية )

هيبت بافي حلبجة

2008 / 4 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في الحلقة الأولى سلطت الأضواء على المراحل الأساسية الثلاثة التي مرت بها الفيورباخية وهانحن نسلط الضوء على مشكلة الكينونة لدى فيورباخ ليتسنى لنا بالتالي نقضها ... رابعا : مشكلة الكينونة لدى فيورباخ . إذا كان ~ هيجل ~ قد أنطلق من الفكرة , الروح , المطلق .فإن فيورباخ أنطلق من الكينونة التي لايمكن أن تشكل إتحاداً حقيقياً مع الفكرة إلا من خلال الأنسان الملموس الذي من خلال حسه ~ الحبي ~ يبلغ ما فوق المحسوس . وهذه هي النقطة الجوهرية لدى ~ فيورباخ ~ والتي تؤدي إلى اتحاد الفكر والكينونة لمنع الأغتراب الفلسفي الذي يحطم الكائن لمصلحة الفكر البحت , ولمنع الأغتراب الديني الذي ينسب إلى الرب ما هي خصائص الجوهر الأنساني . لذلك يقول في مؤلفه { مساهمة في نقد الفلسفة الهيجلية }إن مشكلة الفكر والكينونة أتت لتندد بالطابع التأملي الذي ارتدته المشكلة في منظور هيجلي مثالي . ومن هنا يؤكد ~ كارل لوفيت ~ في مؤلفه { الفرد في علاقاته مع الآخر } إن فيورباخ في – مبادئ فلسفة المستقبل – يطرح المشكلة المثالية الأساسية , الذات والموضوع , على مستوى جديد .. وما هو هذا المستوى الجديد ؟؟؟ يقول ~ فيورباخ ~ في { مبادئ فلسفة المستقبل } إن جوهر الأنسان يستند إلى العلاقة ما بين الأنسان و الآخر فالجدلية الحقيقية هي الحوار بين الأنا والأنت . ومن جهة أخرى يقول في مؤلفه ~ جوهر المسيحية ~ ميثاق الأنسانية الملحدة , ان جوهر الموضوعي للدين المسبحي ليس شيئاً آخراًغير جوهر الفؤاد الأنساني و خاصة الفؤاد المسيحي .. ولكن كيف يصل ~ فيورباخ ~ إلى هذه النتيجة ؟؟؟ بعلل ~ فيورباخ ~ إن فلسفة ~ هيجل ~ لم تتجاوز تناقض الفكر مع الكينونة . والكينونة التي تبدأ الفينومنولوجيا بها ليست أقل تناقضاً مع الكينونة الحقيقية من الكينونة التي يبدأ المنطق بها . وفلسفة ~ هيجل ~ هي ألغاء التناقض بين الفكر والكينونة , ذلك التناقض الذي عبر عنه ~ كانط ~ بشكل خاص . وهذا تناقص داخل التناقض ف ~ هيجل ~ بجعل.الفكر هو الذات والكينونة هي المحمول . وفي الواقع ~ حسب قيورباخ ~ الكينونة هي الذات والفكرهو المحمول .. والفكر يتأتى من الكينونة لا العكس . الكينونة هي التي تكون واللاكينونة هي العدم واللامعنى , فالكينونة هي معنى وضرورة وعقل وحقيقة ... لذلك بؤكد ~ فيورباخ ~ { خطاْ } في أطروحة رقم 46 حيث يتوحد الوجود بالجوهر والحدس بالفكر والسلبية بالفاعلية , أي ما معتاه المادية الفرنسية ~ ديدرو , فولتير ~ بالميتافيزيقية الألمانية ~ شيلنغ , فيخته ~ تكون هناك الحياة والحقيقة والكنه الخاص ... ويتمادى فيورباخ أكثر في ~ مبادئ رقم 51 ~ الفلسفة لايجب أن تكون مجردة بل كائنة حية ، فموضوعها هو اللاأنا وليس الروح المطلقة أو العقل اللوغوسي وحده لذاته , بل كينونة الأنسان . أي أن ~ فيورباخ ~ يقلب الديالكتيكي الهيجلي , لاسيما في مؤلفه ~ مساهمة في نقد فلسفة هيجل ~ وهذا ما يؤدي بنا إلى أن نسجل عدة نتائج : النتيجة الأولى : الخلود . إن فيورباخ ينكر كل خلود شخصي لكنه يضيفه إلى النوع , وهو لايفرق هنا بين النوع والعقل , فالعقل يسمو علىالأفراد ولذلك يكتسب الخلود من خلال النوع الذي لا يٌحد بعكس الفرد المحدود . من هنا يقول ~ ريتشارد فاغنر ~ في ~ السيرة الذاتية ~ إن فيورباخ تجاوز المذهب الألحادي الذي نتج عن ذلك القصور الذي يزعم بخلود العقل وحده ..... فأهمية الوجود لدى ~ فيورباخ ~ يتأكد من خلال محتواه المرتبط حصراً بالكينونة الأنسانية ضمن سياق ونسق النوع , وليس الفرد .. النتيجة الثانية : الزواج . إذا كان اللاهوت الأنجيلي يؤكد ~ التضحية بالحب الزوجي لصالح الحب الديني ~ فإن فيورباخ يجزم أن المسيحي يفتقر إلى المثال الديني ككينونة النوع . وهذا ما يفسر التشدد الديني للطلاق الذي هو ألم للحب الكنهوي الذي هو رباط مقدس وكينونة أكيدة . وبالعكس نرى في كتاب ~ زند آفيستا ~ المثال الديني حيث الأبن هو الأب العائد للحياة . ولم يكتف الكورد بذلك بل إن قسماً منهم أعتبر عدد الأطفال هو واجب وفعل ونشاط ديني ~ كالطقوس ~ مع ~ أهورامزدا ~ ضد ~ أهريمن ~ . ولقد أنتقلت هذه المفاهيم إلى بلاد الهند ~ الهندوس ~ وبلاد العجم ~ الفرس ~ أما اليونانيون فيشكل ~ زيوس , هيرا ~ لديهم , على سبيل المثال النموذج الأكبر لكل زواج وهو زواج غنوصيولوجي ما ورائي . لذا يقول ~ فريدريك شليجل ~ حين يقترب الزوج من امرأته يكون قد عاد وآب إلى الحياة عن طريق تلك التي بفضله أصبحت أماً .... نقض مفهوم الكينونة : إن فيورباخ الذي يرفض الجانب المجرد لفلسفة ~ هيجل ~ يركز بشدة على الجانب المحسوس والملموس للكينونة التي هي بالنسة إليه ليست أكثر من معارضة ضد الفكر الهيجلي لذلك فإنه لايقر بها إلا من خلال ثلاثة درجات متعاقبة لحسيته , وهي التلقي والحس والحب . ولكن لإنه أسير ~ هيجل ~ من جهة وأسير اللاهوت البروتستانتي من جهة أخرى , فإنه يرى في الحب سلامة الكينونة ووجودها . ومن هنا نراه ينتقل إلى نقيض الحب ~ بالنسبة لفيورباخ ~ عندما تذوي الكينونة أو عندما تتحول الكينونة إلى اللاكينونة . وهذا النقيض هو الألم الذي هو في النهاية مقولة جثمانية تخضع لكافة الأحتمالات ومنها تلك التي ربما لم ينتبه لها فيورباخ نفسه . وهنا يبرز السؤال الجوهري ألا وهو هل نجح ~ فيورباخ ~ في انقاذ فلسفته من التجريد الهيجلي عندما تمسك بالكينونة الملموسة ؟؟ ومن ثم هل بلغ ما كان يسعى إليه ألا وهو الأتحاد بين الفكر والكينونة ؟؟ في الحقيقة . لاأعتقد . سيتضح ذلك من النقاط التالية : - النقد الأول :عندما أعرب فيورباخ عن أنسانويته من خلال مذهبه الحسي فإنه لم يكتف بما يشغله الحس من حيز ملموس ومحسوس , بل دفع به إلى ما فوق المحسوس من خلال منظومة توحد ما بين المدرك والمحسوس , أي الهيولى والعقل المقولتين الأساسيتين لدى ~ أرسطو ~ لإنه عند دفاعه عن المادة فإنه لايلغي الفكر البحت , الفكر السابق للكينونة أو حتى الفكر الذي يلغي الكينونة . ولذلك يعارض ~ بالانتي ~ في مؤلفه { مشكلة الكينونة لدى فيورباخ } آراء كل من ~ بولان , وجودول , وماركس , وأنجلز ~ في أصول فيورباخ الهيجلية .. السبب الرئيسي لتردده إزاء المادية ... النقد الثاني : عند دراسة متمعنة لمؤلفه ~ جوهر المسيحية ~ نتأكد من إنه لم ينتقد النصوص المقدسة من خلال منظم فلسفي إنما ليستدل منها على آفاق أبعد وأعمق . لذا هو لم يرد أطلاقاً تحطيم المسيحية , إنما بالعكس حاول الحفاظ على ما هو أكثر جوهرياً فيها . ومن هنا يقول ~ هنري آفرون ~ بحق إن إنسانوية فيورباخ لا تتمتع بالصلابة النقدية التي تتمتع بها إلحادية ~ نيتشه ~ وما يؤكد هذه الرؤية إنه لايعتبر المذهب البروتستانتي لاهوتاً . وهو لا يعتبره كذلك لينفي عنه الجانب التأملي في اللاهوت الكلثوليكي . وهذا ما يفسر تهربه الدائم من مفهوم ~ الرب في ذاته ~ وألتجائه إلى مفهوم الرب الأنساني ..... النقد الثالث : لقد راود كافة الفلاسفة حلم بلوغ تحقيق أتحاد الكينونة والفكر لكن كان الفشل من نصيبهم . وفي محاولة من فيورباخ تحقيق ذلك ألغى الخلود الشخصي لمصلحة الخلود النوعي . لماذا ؟؟ ببساطة لكي لايغتال منظومه الفلسفي في الكينونة الشخصية مصدر الأنفصال بين الفكر والكينونة , فأقر بكينونة النوع أعتقاداً منه إن ذلك ينجيه من الفكر البحت من جهة , ومن المادية المحضة من جهة أخرى فيتحقق بذلك أتحاد الفكر والكينونة . لكنه وجد نفسه كما قلنا أمام تجريد آخر وإزاء مفهوم غامض ومقولة لا تمت بصلة إلى المحسوس إلا كنتيجة نظرية للكينونة المشخصة .. النقد الرابع : هل الكينونة سابقة للفكر ؟؟ أم إن الفكر سابق للكينونة ؟؟ أم ثمة أتحاد بين المقولتين ؟؟ يؤكد ~ بليخانوف ~ الذي هو في مجال الدين وريث ~ هولباخ ~ أكثر مما هو وريث ~ هيجل , و ماركس ~ إن جوهر الأنسان هو أتحاد الكينونة والفكر ..ولكن لايوضح وفق أي ميكانيزم يتم ذلك . أما ~ هنري آفرون ~ فيؤكد إن الكينونة لدى فيورباخ هي التطابق بين الذات والمحمول . ولقد شاهدنا إن هذا غير فعلي في منظومة فيورباخ الفلسفية . أما فيورباخ فيؤكد إن ~ هيجل ~ ألغى الكينونة لمصلحة الفكر , أما هو فيلغي الفكر لمصلحة الكينونة شريطة قبول الكينونة سابقة للفكر . ولقد رأينا إن هذا القول عديم المعنى في نسق الفلسفة الفيورباخية ..أما ماركس فيؤكد في مؤلفه ~ الأيديولوجية الألمانية ~ 1946 إن النشاط الأنساني الملموس يحقق الأتحاد بين الفكر والكينونة , لذلك فإن الفصل ما بين الكينونة والفكر يؤدي إلى عواقب وخيمة , فمرة تحرم الكينونة من كل دينامية , ومرة أخرى تنزع عن الفكر الواقعية . وماركس نفسه هنا لا يبدو دقيقاً مع مذهبه العام حيث اسبقية المادة على الفكر وفق مقولتي ~ البنية التحتية و البنية الفوقية ~ إذن ما الأمر بالنسبة لفيورباخ ؟؟ ثمة أرتباك أكيد . إنه في الحقيقة لايعترف لا بالكينونة ولا بأسبقية الكينونة للفكر أو بالعكس . لأنه يشترط على الكينونة كي توجد أصلاً توفر شرط الوجود ~ ركنه الوحيد ~ وهو الحب . فالحب يدل على الكينونة والألم يدل على اللاكينونة أو على لاوجود الكينونة . فالكينونة ~ حسب فيورباخ ~ ليست مقولة مستقلة لأنها تفقد ماديتها لمصلحة مفهوم الحب .... النقد الخامس : يقول فيورباخ بصدد الأغتراب إن الحب , أي الكينونة , ينهي هذا الأنشقاق المؤلم ويصالح الأنسان مع الرب . إن هذا القول غير دقيق تمشياً مع فلسفة فيورباخ نفسه ..إذ من المفروض القول ~ ويصالح الأنسان مع ألأنسان ~ . ونستشف من ذلك مدى مغالطاته الأخرى حول اللاكينونة أو لاوجود الكينونة حيث كان من المفروض القول ~ لتتطابق الكينونة مع نفسها , وحينما لاتتطابق يحدث ألأستلاب , الأغتراب كما هو في حالة الألم ~ .... ملاحظة : يعد فيورباخ بحق ضحية للفكر الهيجلي المجرد دون أن يدري . كما إنه قد يعتبر ضحية لللاهوت . لذلك يقول ~ لانجه ~ في مؤلفه ~ تاريخ المادية ~ هنالك سمة تتأتى من الفلسفة الهيجلية تعمل على فصل فيورباخ عن الماديين ..........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA


.. إسرائيل: قصفنا أكثر من 50 موقعا لحماس في الشجاعية ونواصل عمل




.. بالأرقام.. خسائر مذهلة ألحقها طوفان الأقصى بالجيش الإسرائيلي