الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الحرية عند الغير إبداع ،وعندنا إنكفاء ؟

كريم جاسم الشريفي

2008 / 4 / 18
المجتمع المدني


يتنّدر أحد الباحثين بالكهنوت أثناء دراسته لعلم الأجتماع بالقول :أن أول حرية منحنا إياها الرّب هي العُري ،لكن الأنبياء سلبوا وصادروا هذه الحرية بالتأكيد على ارتداء الملابس وغطاء العورة. مع انه توجد شعوب وقبائل لن ينزل إليها لا نبّي ولا يهبط عليها وحيّ ..لازالت عرايا تولد وتكبر وتموت ! الحقيقة مفهوم الحرية يستحق ان يتناوله الكتاب والمفكرين والأكادميين وكل المختصيين ـ بالأبستمولوجيةـ لقيمته المؤثرة على طبيعة وسلوك الأنسان. فالحرية، والمساوات والعدالة ،مفاهيم راقية اختمرت بالمخيلة البشرية الفاعلة المسؤولة منذ قرون حتى صارت مطلبا وحاجة ضرورية للأنسان بعد أن دفعت البشرية تضحيات هائلة بنضال شرس وعناد مميت باذلةً الخسائر النفيسة بالأرواح..هذه الخسائر هي التي حققت هذا الأنجاز العظيم الذي يسمى الحرية بمفهومنا المعاصر، لأننا لم نشارك بهذا الأنجاو الملحمي للوجود البشري إلا شكلياً لذلك ننظر له بشئ من الريبة والتجاهل ونعتبره تحصيل حاصل كمفهوم سائد. بينما الغرب يعتبره الركيزة والأساس الذي حل أهم مشكلة تهم الفرد والمجتمع، ويعتز بها لأنها غيرت ماهية ذاته لانها تخصه دون سواه من الكائنات الآخرى . حتى أصبح الأنسان بدون الحرية لم يكتمل شرطه الأنساني ولم يتعافى وجوده النفسي. لو تفحصنا ثقافتنا بقراءة نقدية متعقلة ومتمّعنة، نستدل منها بسهولة ان مفهوم الحرية وافداً على موروثنا الثقافي وثقافتنا الأسلامية من حضارات آخرى سابقة لنا بالرقي مثل الأغريق ، والرومان، والفرس . لكن تعثر العمل بها وأهملت وطراً من الزمن بسبب الحروب وظهور امبراطوريات وقادة عسكريين متغطرسين لتقديس أنفسهم وتأليه ذواتهم وممالكهم على حساب الغير..ومثلنا الأسكندر العظيم الذي يعتبر واحد من هذه الأمثلة، عندما قام بحملة غزو هائلة ضّد بلاد فارس دحر فيها جيوش الحضارة الفارسية قاطبةً في (بريسبوليس) بعد أن هرب الملك الفارسي (داريوش) تاركاً مملكته تُحرق. عندها سجل الأسكندر انتصاراً باهراً بدلالته ، وعظيماً في مغزاه وهو (انهيار حضارة). لكنه قام بتكريس نفسه سلطاناً استبدادياً. عندما عاد الى وطنه اثينا أمر المقدونيين بالجثوا له تعظيماً وتمجيداً . لكن الشعب المقدوني رفض وأبى الأذلال قائلين : نحن أحرار مثلما أعلنها استاذك الفيلسوف (ارسطو) . انك جئت لنا بعادات المستبد الشرقي، ونحن نرفض الأستبداد لاننا نتطلع الى الحرية . فالحرية هي ـ بانوراماـ الوجود البشري . كانت شوق وأمل صعب المنال بعد أن سخر لها الأنسان الفاعل كل طاقته الكامنة والواعية مكابداً ومكافحاً لتحقيق شرطه في الوجود الأنساني وهي (حريته) بالحرية يؤكد انتمائه في عين الوجود ذاته. أما أوجه الحرية ومفهومها عند ثقافة الغرب وثقافتنا فيها تباين رغم اممية الفهم وعالمية المدلول للحرية. الأنسان الشرقي (العربي) خاضع لتنويم الموروث الديني بشكل مخيف لانه لايريد التحرر من قيود القدرية ولا من شباك الجبرية . لانه يؤمن ان أفعاله مقيدة .. قيدها التشريع من خلال النصوص الثابتة. وفي آيات القرآن تأكيد لذلك كما تقول الآيات التالية:( ماأصاب من مصبتة في الأرض ، ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل) صورة حديد 22 . و( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) صورة التوبة آية 5 .و(قد جعل الله لكل شيئ قدرا)الطلاق آية 3. و(إنا كل شيئ خلقناه بقدر) صورة القمر آية 29. ويؤكد ذلك الأمام علي ابن موسى الرضا بقوله ( من زعم ان الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، ومن زعم ان الله فوض أمر الخلق والرزق فقد قال بالتفويض. فالقائل بالجبر كافر ، والقائل بالتفويض مشرك) بحار الأنوار ج5 .تحت هذا التكبيل لايسع الشرقي ـ العربي ـ إلا التريث من التحرر لهذا الموروث الثابت .لانه اذا تخطى حدود الثابت وروج للحرية والتحرر يقع في المحذور. بهذا المعنى تصبح الحرية عند العربي فخ . لانه تمرد على العقيدة ، والخروج على الأمام والخليفة ، وتهديم الفقه الأسلامي ، والترويج لقيم الكافر، وانكار القضاء والقدر،و ممارسة الفجور والزنا،وكذلك دعم النفس الأمارة بالسوء النزاعة للشر.. الخ بينما أوجه الحرية عند الأنسان الغربي هي غير محدودة .. منها تحرير العقل من سلطة الكهنوت وثوابته أجمعين، فك العقل من القدرية المطلقة وتبني العلمية مذهباً لتفسير الظواهر وعلاقاتها بالسلوك الأنساني . ركن العادات البالية والتحرر من تكبيلها، ابتكار اشكال جديدة تتماشى مع التطور الأنساني الجديد.نبذ التباهي بأمجاد الحروب وعظمة الغزوات لأنها معرقلة لأستجابة الأبداع والخلق الحر. التثقيف بالتعايش السلمي بين البشر بغض النطر عن الشكل، واللون، والدين، والعرق، والجنس. قبول الآخر واقرار حريته لانه مكمل في البناء والحياة وعدم محاولة اقصائه ومحاربته. هذه الأوجه الحقيقية عند المواطن الغربي بشكل مجمل لمفهوم الحرية . أما التفرع في أشكال ومفاهيم الحرية فهي كثيرة ومتعددة الجوانب منها الحرية الأقتصادية ،والأجتماعية ، والعلمية ،والفلسفية، والسياسية، والعقائدية. هذا التنوع فيه بحوث بألاف الصفحات. .. هذا نتاج الفعل المتحرر للأنسان.. بهذه المقارنة تكون الحرية عند الآخرين ابداع وعندنا إنكفاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع


.. كيف تنعكس الأحداث الجارية على الوضع الإنساني في غزة؟




.. كل يوم - مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: نسعى لتسل


.. مندوب جامعة الدول العربية بالأمم المتحدة: الوضع كارثي ومؤلم




.. مندوب جامعة الدول العربية: الجانب الأمريكي لا يريد أي دور لل